بعد أكثر من شهر على بدء الهجوم الروسي، استعادت القوات الأوكرانية السيطرة على كامل منطقة كييف، وقالت إن روسيا واصلت سحب وحداتها عبر شمال أوكرانيا.

وأعلنت مساعدة وزير الدفاع الأوكراني غانا ماليار «تحرير إيربين وبوتشا وغوستوميل ومنطقة العاصمة كييف بكاملها من الغزاة».

Ad

وأكدت أوكرانيا أمس الأول، أن القوات الروسية «تنسحب بسرعة من منطقتي كييف وتشيرنيهيف في شمال البلاد، بهدف تثبيت أقدامها والمحافظة على السيطرة بشكل أفضل على الأراضي الشاسعة التي تحتلها في الشرق والجنوب».

وهنأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، على استعادة كييف من القوات الروسية.

ونقلت شبكة CNN عن مسؤولين أميركيين أن روسيا تركّز على تحقيق النصر شرقاً مع بداية مايو المقبل، وأنها تعدّل استراتيجيتها الحربية للتركيز على السيطرة على إقليم دونباس ومناطق أخرى في الشرق.

وأضاف المسؤولون الأميركيون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضع نصب عينيه تاريخ 9 مايو المقبل، ذكرى عيد النصر في روسيا، للاحتفال بانتصار «من نوع ما» في هذه الحرب.

وذكرت المصادر ذاتها أن بوتين يستعد لحرب طويلة الأمد في أوكرانيا، على غرار ما جرى في الشيشان.

فظاعات في بوتشا

وفي مدينة بوتشا الواقعة شمال غربي كييف، شوهدت جثث نحو 20 رجلا في أحد الشوارع.

وقال رئيس بلدية المدينة التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية، أناتولي فيدوروك، إن «كل هؤلاء الأشخاص كانت أياديهم مكبّلة، وأعدموا برصاصة في مؤخرة الرأس»، مشيرا إلى دفن نحو 300 شخص «في مقابر جماعية».

واتهمت أوكرانيا روسيا بارتكاب «مجزرة متعمدة» في بوتشا، بينما نددت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس بـ «الفظاعات في بوتشا ومدن أخرى».

بدوره، توعّد رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، روسيا بمزيد من العقوبات، متهما القوات الروسية بارتكاب «فظاعات» في محيط كييف.

وأعرب ميشال عن «صدمته من الصور المخيفة للفظاعات التي ارتكبها الجيش الروسي في منطقة كييف المحررة»، مع الإشارة إلى مدينة بوتشا، مضيفا أن «الاتحاد الأوروبي يساعد أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية في جمع الأدلة الضرورية لملاحقات أمام المحاكم الدولية».

وعلى مقربة من العاصمة، عُثر على جثة المصور والموثق الأوكراني المخضرم ماكس ليفين مقتولا «برصاصتين أطلقهما جنود روس»، على ما أعلنت النيابة العامة الأوكرانية.

وكان المخرج السينمائي الليتواني مانتاس كفيدارافيسيوس قد لقي حتفه قبل يومين في مدينة ماريوبول الساحلية على بحر آزوف، حيث كان يوثّق منذ فترة طويلة تلك المدينة المحاصرة.

أوديسا

وفي أوديسا المدينة الاستراتيجية التي تؤمّن منفذا على البحر الأسود في جنوب غربي أوكرانيا، أفاد مجلس المدينة الساحلية، بأن المدينة تعرّضت لهجوم صاروخي.

وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن «الضربات الصاروخية دمّرت مصفاة نفط و3 مستودعات وقود كانت تستخدم لتزويد القوات الأوكرانية بالإمدادات قرب مدينة ميكولايف».

أسلحة بريطانية

من ناحيتها، أفادت صحيفة تايمز البريطانية بأن لندن تنوي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا تشمل صواريخ مضادة للسفن، من أجل «الدفاع عن أوديسا».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول بريطاني رفيع قوله: «الأوكرانيون طلبوا المساعدة عبر إمدادهم بأسلحة فتاكة من أجل منطقة البحر الأسود، ونحاول قدر الإمكان تقديمها إليهم».

وأشار إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون «خلافا لزملائه في ألمانيا وفرنسا، الذين يمتنعون عن إرسال مساعدة عسكرية قبل بدء القتال في أوديسا، قال إن زيلينسكي سيحصل على كل ما يطلبه إذا كانت تملكه بريطانيا».

وأوضحت الصحيفة أن لندن تعتزم إرسال صواريخ مضادة للسفن تستخدمها البحرية الملكية البريطانية، وهي مزودة بأجهزة استشعار يمكنها استهداف السفن المتمركزة قبالة سواحل أوكرانيا.

على صعيد آخر، لا تزال القوات الروسية تحاصر جزئيا مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا في الشرق، حيث تتعرّض المناطق الصناعية والسكنية على السواء لقصف مدفعي، وفق هيئة أركان القوات الأوكرانية التي تشير رغم ذلك إلى تراجع في حدة القصف.

وكشف رئاسة الأركان أن روسيا تنوي «تشكيل كتائب مؤلفة من مقيمين متطوعين في المناطق المحتلة مؤقتا في أوكرانيا ومن مرتزقة».

واصطدمت جهود القوات الروسية لتعزيز مواقعها في جنوب أوكرانيا وشرقها حتى الآن بمقاومة شرسة من الأوكرانيين في ماريوبول.

وقال الجيش الروسي إنه فتح، أمس، ممراً لإجلاء المدنيين والأجانب من ماريوبول وبيرديانسك بناء على طلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

المفاوضات

وبينما زار نائب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، موسكو، أمس، سعيا للتوصل إلى «وقف إطلاق نار لأغراض إنسانية»، رأى رئيس ​الوفد الروسي في مفاوضات السلام مع أوكرانيا​، ​فلاديمير ميدينسكي​، أن «كييف أصبحت أكثر واقعية في مقاربتها لمسألة وضعها​ المحايد وغير النووي، لكنّ مشروع المعاهدة ليس جاهزا بعد لعقد قمة».

وأكد أن «موقف ​روسيا​ من شبه جزيرة ​القرم​ و​دونباس​ في ​المفاوضات​ لم يتغير»، لافتاً إلى أن «العمل على نص المعاهدة على مستوى الخبراء ورؤساء الوفود قد تم عن بُعد بين الوفود يومي الجمعة والسبت الماضيين في 1 و2 أبريل الجاري، وسيستأنف اليوم.

من ناحيته، قال كبير المفاوضين الأوكرانيين، ديفيد أراخاميا، إن مسودة الاتفاق في وضع متقدم بما يكفي للسماح بإجراء مشاورات ولقاء قريب بين الرئيسين الروسي والأوكراني.

وأكد أراخاميا أن موسكو وافقت «شفهيا» على المقترحات الأوكرانية الرئيسية، باستثناء مسألة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا عام 2014، مضيفا أن كييف تنتظر تأكيدا خطيا.

كما أعلن أراخاميا أن «كييف تتفاوض مع بكين من خلال القنوات الدبلوماسية حتى تصبح دولة ضامنة لأوكرانيا»، وذلك رغم إعلان مدير القسم الأوروبي في وزارة الخارجية الصينية، وانغ لو تونغ، في وقت سابق، أن الصين لم تتلق طلبات من كييف بأن تصبح الصين ضامنا أمنيا لأوكرانيا.

البلطيق والغاز الروسي

وفي خطوة تشدد الضغط على روسيا، أوقفت دول البلطيق استيراد الغاز الطبيعي الروسي، وأعلن رئيس شركة كونيكسوس بلطيق غريد اللاتفية للتخزين أن الغاز الروسي «لم يعد ينقل إلى لاتفيا وإستونيا وليتوانيا منذ الأول من أبريل».

وباتت دول البلطيق تستمد الغاز من الاحتياطيات المخزّنة تحت الأرض في لاتفيا.

في المقابل، أعلنت شركة الطاقة الروسية (غازبروم) في بيان أمس، «أننا سنواصل تصدير الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا تماشيا مع طلبات المستهلكين».

من ناحيته، أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، أن بلاده ستصدّر الغذاء والمحاصيل إلى «الدول الصديقة» فقط، وبعملة الروبل أو بعملات تلك الدول.