قال استشاري أمراض النساء والولادة في مستشفى الولادة د. محمد قطب، إن أعراض انقطاع الطمث، أو سن اليأس، تتمثل في نوبات من السخونة والعرق، والإحساس بالملل والضيق، لافتاً إلى أنه مع تقدم الطب والعلم الحديث أصبحت الفترة العمرية للمرأة أكثر من ذي قبل، إذ تقضي حوالي ثلث عمرها بعد انقطاع الطمث، وهي فترة يجب عليها أن تجعلها مرحلة عطاء نتيجة زيادة الخبرة والنضوج في الحياة. وأضاف قطب، في لقاء مع "الجريدة"، أن الفترة الإيحابية للمرأة تنتهي بانتهاء مخزون البويضات بالمبيضين، حيث إن هذه البويضات تولد بها المرأة ثم تبدأ في التناقص شهراً بعد شهر حتى تنتهي وتدخل المرأة في فترة ما يسمى بسن اليأس المعروفة بالمصطلح الطبي menopause، وهي انقطاع الدورة الشهرية لمدة سنة متصلة ويحدث ذلك فيما بين 45-50 سنة.
وأوضح أن هناك حالات نادرة ينقطع فيها الطمث قبل 45 سنة وحالات أخرى تمتد الفترة فيها حتى بعد سن الخامسة والخمسين، وهناك عوامل تؤثر في وقت دخول سن اليأس منها العوامل الوراثية ومرض السكري والسمنة، حيث تؤخر هذه العوامل الدخول في هذه المرحلة، إلى جانب الولادات المتكررة، ولكن هذا لم يثبت بشكل علمي قاطع، وهي مجرد افتراضات. وبشأن المضاعفات المهمة والخطيرة والتي يظهر تأثيرها مع مرور الوقت، أكد قطب أنها تتمثل في هشاشة العظام نتيجة تآكل ونقص الكتلة العظمية، مما يسهل من كسرها مع أقل كدمة وخصوصاً عظام عنق الفخذ والساعد وكذلك الفقرات العظمية بالظهر، وزيادة معدل سقوط الأسنان، لافتاً إلى أن مرض هشاشة العظام يعد من أخطر المضاعفات التي تحدث بعد سن اليأس وتبدأ في الحدوث خلال 5-10 سنوات قبل وبعد انقطاع الدورة، ويرجع ذلك لنقص هرمون الاستروجين في تلك المرحلة من العمر.
بداية الأعراض
وعن موعد بدء هذه الأعراض، قال إن المرأة تبدأ ملاحظة الاضطراب في الدورة فترة من شهور إلى سنوات قليلة قبل انقطاعها تماماً، ولكن هناك حالات تنقطع فيها الدورة نهائيا بشكل مفاجئ بعدما كانت منتظمة تماماً، وخلال هذه الفترة تبدأ التغيرات الهرمونية التي تظهر الأعراض، وأهمها نقص افراز المبيض لهرمون الاستروجين، وزيادة إفراز الغدة النخامية لهرمون تنشيط المبيض FSH ثم هرمون LH اللذين يتناسبان عكسيا مع نشاط المبيض ووجودهما في الدم بنسبة عالية يعني ضعفا في أداء المبيض الهرموني وخلوه من البويضات وقلة افراز هرمون الاستروجين وتكون معظم التغيرات المصاحبة لسن اليأس بسبب نقص هذا الهرمون وهو هرمون الحياة والنشاط بالنسبة للمرأة. وبشأن الأعراض الأولية لانقطاع الطمث، قال قطب إن هذه التغيرات قد تحدث على المدى القريب وفي السنين الأولى بعد انقطاع الطمث، وتكون أعراضاً حادة تقل تدريجيا مع مرور الوقت مثل نوبات الاحساس بالحرارة والسخونة المفاجئة التي تعتلي الصدر والرقبة والوجه وقد يصاحبها تعرق شديد وخصوصاً بالليل وأثناء النوم، وقد يصاحب ذلك زيادة في سرعة ضربات القلب، موضحاً أن هذه النوبات تستمر حوالي ثلاث دقائق ثم تختفي.الضغط العصبي
وذكر أن حدة هذه الأعراض تزداد مع الضغط النفسي والعصبي أو الطقس الحار، ويحدث خلال هذه النوبات ارتفاع في درجة حرارة الجلد نتيجة تمدد الشعيرات الدموية به، مشيراً إلى أن هذه "الأعراض قد تحدث في السنوات القليلة التي تسبق انقطاع الدورة الشهرية، إلى جانب ضعف إفراز هرمون الاستروجين خلال هذه الفترة".وعن الأعراض الأخرى لانقطاع الطمث، أوضح أنها تتمثل في الاكتئاب والضغط النفسي والعصبي والصداع المتكرر والدوخة وعدم القدرة على النوم وقلة المجهود البدني والذهني وتخزين الماء بالجسم وآلام الظهر وباقي عظام الجسم، لافتاً إلى أن التغيرات التي تحدث أعراضا متأخرة بعد مرور فترة من سن اليأس تتمثل في ضمور خلايا الجهاز البولي والتناسلي وضمور خلايا المهبل وانخفاض مستوى الحموضة فيه فيصبح الـ PH حوالي من 5-6 مع الشعور بجفاف المهبل مما يؤدي إلى الالتهابات المهبلية المتكررة والآلام أثناء الجماع مع ضعف في الرغبة الجنسية ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى جفاف المهبل.الجهاز البولي
وعن أعراض الجهاز البولي، أوضح أنها تتمثل في زيادة مرات البول وحالات سلس البول، ويرجع ذلك إلى ضمور في خلايا الجهاز البولي السفلي ومجرى البول وارتخاء في أربطة وعضلات الحوض مما يؤدي إلى سقوط الرحم وجدار المهبل عن موضعهما الطبيعي، إلى جانب زيادة القابلية للسمنة وخصوصاً في منطقة الجذع، إضافة إلى فقدان الجلد لمرونته وترهله. وبيّن أن من التغيرات المهمة التي تحدث بعد سن اليأس، ضعف الذاكرة نتيجة تلف الخلايا المخية وضعفها تحت تأثير مواد الأكسدة الناتجة عن التفاعلات الكيميائية بالجسم، إذ يؤثر ذلك على جزء في المخ يسمى Hippocampal وهو جزء مسؤول عن وظيفة الذاكرة ويتأثر بمواد الأكسدة بالجسم ويحمي هرمون الاستروجين إلى حد كبير خلايا المخ من التلف بتأثير هذه المواد كما يساعد أيضا على نشاط الموصلات العصبية بين هذه الخلايا، مؤكداً أهمية هذا الهرمون أو معوضاته في الوقاية وعلاج الأعراض والمضاعفات سابقة الذكر سواء المضاعفات العاجلة أو الآجلة لسن اليأس. وعن التغيرات التي تحدث بعد سن اليأس، قال إنها تحدث في الجهاز الدوري المتكون من القلب والأوعية الدموية، مثل نقص تدفق الدم بالشرايين والشرايين التاجية وشرايين المخ، وقد وجد أن الذبحة الصدرية من الأسباب الرئيسية لوفاة السيدات بعد سن الخمسين بنسبة أكبر من نسبة حدوثها في الرجال، وإن كانت المرأة أقل عرضة لهذا المرض قبل سن اليأس عن الرجل بسبب تأثير هرمون الاستروجين المفيد للقلب والأوعية الدموية والذي يعمل على إنقاص نسبة كوليسترول الدم الضار والمؤدي إلى تصلب الشرايين.هرمون الإستروجين يقلل الإصابة بالذبحة الصدرية
أكد د. محمد قطب أن هناك دراسات تفيد بأن تناول هرمون الاستروجين لمدة خمس سنوات أو اكثر بعد سن اليأس يقلل من نسبة إصابة السيدات بالذبحة الصدرية.وأضاف قطب أن هناك عوامل أخرى خلاف نقص هرمون الاستروجين تساعد على زيادة حدة الأعراض ومضاعفات ما بعد سن اليأس، ومنها عدم ممارسة الرياضة ونقص تناول الكالسيوم وفيتامين «د» في الطعام وشرب الكحوليات والتدخين وتناول بعض أنواع الأدوية لفترة طويلة مثل الكورتيزون والثيروكسين وأدوية الصرع وأدوية السيولة (الهيبارين).