دخلت أسوأ أزمة اقتصادية وسياسية تشهدها سريلانكا منذ عقود من الزمن مرحلة جديدة مع تخلي جميع وزراء الحكومة عن مناصبهم تاركين الرئيس غوتابايا راجاباسكا وشقيقه رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا في عين عاصفة احتجاجات شعبية آخذة في التمدد بكل أجزاء الجزيرة المثقلة بالديون.

ومع الغياب التام لأي مؤشر على إنهاء الأزمة الاقتصادية، التي فاقمتها قرارات سياسية غير موفقة، دعا الرئيس السريلانكي أمس، المعارضة للانضمام إلى حكومة وحدة لمعالجة الوضع المتفاقم.

Ad

وأعلن مكتب راجاباكسا، في بيان، أنه «يدعو كل الأحزاب السياسية في البرلمان إلى القبول بمناصب وزارية والانضمام إلى جهود البحث عن حلول للأزمة الوطنية».

وقبيل دعوة الرئيس، الذي اتهم المتظاهرين بالسعي لاستحداث «ربيع عربي»، أوقفت بورصة كولومبو التداول فانخفض مؤشر الأسهم القيادية بنسبة 5.92 في المئة بعد الافتتاح مباشرة، كرد فعل على الاستقالة الجماعية للوزراء.

وبعد اجتماع أزمة استمر طوال ليل الأحد- الاثنين، قدم جميع الوزراء الـ 26 استقالتهم وبقي الرئيس وشقيقه رئيس الوزراء. ومن بين الوزراء المستقيلين اثنان من عائلة راجاباكسا القوية، التي تهيمن على السياسة في سريلانكا منذ فترة طويلة، هما وزير المالية باسل راجاباكسا ووزير الرياضة نامال راجاباكسا نجل شقيق الرئيس.ووفق المدير العام لقسم الإعلام الرئاسي، سوديوا هيتاراتشي فقد تم تعيين علي صبري وزيراً جديداً للمالية، ليحل محل باسل راجاباكسا، مبيناً أنه سوف يواصل جي إل بيريس مهام منصبه وزيراً للخارجية.

يشار إلى أن صبري هو أحد صانعي القرار الرئيسيين وسط استعداد الرئيس السريلانكي للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

ولاحقاً، أعلن محافظ البنك المركزي أجيث كابرال، الذي قاوم الدعوات المتتالية لقبول مساعدة صندوق النقد الدولي، استقالته، مؤكداً أنه قدّمها للسماح لإدارة جديدة بإدارة الأزمة غداة استقالة 26 عضواً في الحكومة من أصل 28، أي باستثناء الرئيس غوتابايا وشقيقه، خلافاً لرغبة المتظاهرين الذين يحملونهما الفشل في حل الأزمة ويطالبون بإجراء انتخابات جديدة.

ومع انتهاء حظر تجول استمر 36 ساعة فجر أمس، على الرغم من تقارير أمنية تحذر من اضطرابات جديدة، نظم نشطاء تظاهرات أكبر في عدة مدن رئيسية للمطالبة باستقالة الرئيس وجماعته.

ووضع الجيش والشرطة في حالة تأهب قصوى. وقال مسؤول أمني رفيع: «بحسب معلوماتنا، يمكننا توقع خروج تظاهرات جديدة» مؤكداً أن الجيش لديه سلطة اعتقال المشتبه فيهم في إطار حالة الطوارئ التي فرضها راجاباكسا الجمعة، غداة محاولة اقتحام مقر إقامته في العاصمة كولومبو. وعلى الرغم من حظر التجوال وحجب جميع مواقع وسائل التواصل الاجتماعي مؤقتاً، تحدى المتظاهرون الجيش مرة جديدة في أجواء شابها التوتر وخرج أكثر من 20 ألف شخص في أنحاء هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا للاحتجاج ضد النقص الحاد في السلع الأساسية والارتفاع الهائل في الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

وتظاهر المئات سلمياً في عدة مدن بالجزيرة، احتجاجاً على إدارة راجاباكسا للأزمة. وفي راجاغيريا، هتف المتظاهرون قرب مبنى البرلمان «ارحل غوتا ارحل غوتا» بينما هتفوا في نيغومبو قرب المطار الدولي الرئيسي «غوتا فشلت وفشلت وفشلت».

وفي إجراء استنكره تحالف المعارضة ساماغي جانا بالاويغايا بقيادة ساجيث بريماداسا، أكد موقع «نت بلوكس»، الذي يراقب عمليات حجب الإنترنت في العالم، أن «سريلانكا فرضت حظراً وطنياً على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر تقييد الوصول إلى منصات مثل تويتر وفيسبوك وواتساب ويوتيوب وإنستغرام»، قبل أن تعاود العمل مجدداً.