قرارات الهيئة وإدراج الشركات في البورصة
لم تتوانَ هيئة أسواق المال عن تنفيذ مجموعة من القرارات الصادرة منها ضد بعض الشركات المدرجة، والتي كان تنفيذها معلقاً على شرط، يتمثل في تقديم المتطلبات وتوفيق الأوضاع.وقد سبق للهيئة أن أصدرت بعض القرارات ضد مجموعة من الشركات التي تم رصد مخالفات بحقها، سواء كانت تلك المخالفات تتمثل في عدم استيفاء متطلبات معينة، أو عدم تصحيح إجراءات رأت الهيئة أنها مخالفة لأحكام قانون هيئة أسواق المال ولائحته التنفيذية، وخاصة قواعد الإدراج وقواعد البورصة.ونصت تلك القرارات على إلغاء إدراج أسهم هذه الشركات من البورصة، ما لم تقم بتوفيق أوضاعها خلال مهلة محددة ضمن القرار، وتختلف تلك المدة من شركة لأخرى.
وتقدمت بعض الشركات بطلب تمديد المهلة الممنوحة لها لتصحيح أوضاعها وتوفيقها، إلا أن الهيئة التفتت عن تلك الطلبات، رغم أن هناك بعض الشركات كانت قد أوشكت على استيفاء المتطلبات، وكانت فقط تحتاج إلى بعض الوقت.وإلغاء الإدراج يُعد من صلاحيات الهيئة، وفقاً لأحكام المادة «2-4» من الفصل الثاني من الكتاب الثاني عشر- قواعد الإدراج - من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال، والتي وضعت مجموعة من الحالات التي تجيز لها إلغاء إدراج أسهم الشركات المدرجة في البورصة في حال أي منها، وهي:1- إذا امتنعت الشركة عن تعيين مسؤول المطابقة والالتزام.2- إذا انقضت الشركة وفقاً لأحكام القانون.3- إذا استمر وقف تداول السهم لمدة ستة أشهر دون أن تستوفي الشركة المتطلبات اللازمة لاستئناف التداول.4- إذا تم اندماج الشركة مع شركة أو شركات أخرى، بحيث يترتب على ذلك انتهاء الشخصية الاعتبارية للشركة.5- في حال الاستحواذ العكسي.6- إذا توقفت الشركة المدرجة عن مباشرة نشاطها بشكل نهائي، أو توقفت عن مباشرة نشاطها بشكل مؤقت لمدة تزيد على سنة. 7- إذا أخلَّت الشركة بأحد شروط الإدراج المذكورة في اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال أو قواعد البورصة.8- إذا رأت الهيئة أن إلغاء الإدراج ضرورة لحماية المستثمرين أو لتنظيم السوق.والحالة الأخيرة تُعد من أخطر حالات الإلغاء، كونها تفتح المجال للسُّلطة التقديرية للهيئة لاتخاذ قرار الإلغاء تحت شعار حماية المستثمرين وتنظيم السوق.وإن كان من الأفضل أن يتم وضع ضوابط أكثر دقة لهذه الحالة، حتى يمكن من خلالها الوقوف على مسؤولية الهيئة في حالة كان الإلغاء ناتجا عن قرار خاطئ أو تعسفي.ومن المتوقع أن تلجأ تلك الشركات للتظلم من القرارات الصادرة بحقها في هذا الشأن والطعن عليها أمام محكمة أسواق المال الدائرة الإدارية، في حال كان لديهم السند القانوني الكافي لذلك، لاسيما أن مجالس إدارة تلك الشركات سوف يبحثون عن جميع المخارج القانونية اللازمة التي تعفيهم من المسؤولية أمام المساهمين، جراء الخسائر التي سوف يتعرض لها المساهمون، بسبب إلغاء إدراج الشركة.ووفقاً لأحكام اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال يلتزم مجلس إدارة الشركة المساهمة الصادر قرار بإلغاء إدراجها بأن يدعو الجمعية العامة للانعقاد للنظر في قرار الإلغاء، وأوضاع الشركة المستقبلية وخطة الشركة لمعالجة هذه الأوضاع، وتكون الدعوة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ صدور قرار الغاء الإدراج.ومن وجهة نظرنا أن إلزام مجلس إدارة الشركة بدعوة الجمعية العامة بعد صدور قرار إلغاء الإدراج ومعاقبة مجلس الإدارة في حال مخالفة ذلك، هو خروج من الهيئة عن صلاحياتها وحدودها القانونية، لاسيما أن قرارات الهيئة ومجلس التأديب تكون نافذة فور صدورها، وفقاً للكتاب الثالث من اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال (إنفاذ القانون).ويترتب على نفاذ تلك القرارات خروج الشركات غير المرخص لها من عباءة الهيئة، وعدم خضوعها لرقابتها، بمجرد صدور القرار، إعمالاً لقوته التنفيذية، وهو ما يتطلب معالجة قانونية خاصة ضمن أحكام قانون الشركات، وليس ضمن اللائحة التنفيذية لقانون هيئة أسواق المال، بحيث يكون التزام مجلس إدارة الشركة بدعوة الجمعية العامة لمناقشة قرار إلغاء إدراج أسهمها ضمن نصوص قانون الشركات، ويسأل أعضاء مجلس الإدارة عن ذلك، وفقاً لأحكام القانون الأخير.