أحاط الدستور الكويتي المساكن والحفاظ على خصوصيتها بجملة من الضمانات، أهمها ما ورد في حكم المادة 38 منه، بأن للمساكن حُرمة، فلا يجوز دخولها بغير إذن أهلها إلا في الأحوال التي يعينها القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه.

كما أكدت القوانين الإجرائية المنظمة لضبط الجريمة، ومنها القانون رقم 17 لسنة 1960 بنص المادة 85، وجوب أن يكون تفتيش المساكن نهاراً، وبعد الحصول على الاستئذان ممن يشغلونها، ولا يجوز الدخول ليلاً أو من دون استئذان، إلا إذا كانت الجريمة مشهودة، أو إذا قدر المحقق أن من ظروف الاستعجال بالدخول ما يبرر ذلك، وتراقب محكمة الموضوع سلامة تلك الإجراءات المُعدة، سواء من قِبل مُجري عملية التفتيش لتلك المساكن ليلاً، أو القرارات التي أصدرها المحقق لذلك الدخول في الجنح أو الجنايات، وصولاً إلى سلامة الإجراءات أو بطلانها.

Ad

وعليه، فإن المشرّع، وفي حكم المادة 85 من قانون الإجراءات، ربط قيدين لتفتيش المساكن ليلاً، وهما: حصول مُجري التفتيش على إذن من المحقق بالتفتيش ليلاً لمسكن المشتبه به، ويكون الإذن مكتوباً، وثانيهما أنه ورغم الحصول على إذن بالتفتيش ليلاً وجب استئذان مُجري التفتيش لمن يشغل تلك المساكن قبل ذلك، وفي حال زوال أحدهما يُعد ذلك الإجراء بالتفتيش باطلاً، وقد أكدت ذلك أحكام القضاء، وآخرها الطعن رقم 54 / 2020 جزائي 2 (صادر بتاريخ 10/ 8/ 2020).

ومن ثم فإن كانت الإجراءات المتبعة من قِبل ضباط المباحث الإلكترونية المكلفين بالتفتيش راعت تلك الإجراءات، فإنها تُعد صحيحة، ولا تشوبها شائبة، فيما تكون باطلة ومخالفة لأحكام الدستور والقانون إن خالفت تلك الإجراءات.

وفيما يخص التعميم الصادر من وزير الداخلية، فإن مخالفة أحكامه تعرض القائم بالتفتيش للمساءلة التأديبية لدى جهة عمله، وليس المساءلة القانونية، لأن العبرة بالمساءلة القانونية المدنية والجزائية هي ما تنص عليه أحكام القانون.

أما بشأن تقدير ظروف التفتيش ليلاً، بحسبانها حالة من حالات الاستعجال التي تبررها ظروف التحقيق في القضية، فهي مسألة يقدرها المحقق ذاته، سواء في جرائم الجنح رغم بساطتها، أو جنايات رغم جسامتها، ويكون ذلك التقدير تحت رقابة محكمة الموضوع، ولها في ذلك أن تقرر سلامة ذلك التقدير من عدمه، في حال تمسَّك دفاع المتهم ببطلان إجراءات تفتيش المساكن ليلاً.

ولا يفوت الإشارة إلى أن جرائم الإساءة الهاتفية أو الدخول غير المشروع أو الاحتيال الإلكتروني، هي من الجرائم التي ينالها قصور في إثباتها، وهو ما قد يعتمد عليه المتهمون، الأمر الذي يدفع بعض رجال البحث والتحري إلى استخدام عنصر المباغتة في الضبط، وربما التفتيش في سبيل ضبط الجريمة، وهي ممارسات أجازها القانون طالما كانت تحت رقابة المحقق وسُلطاته.

بينما إذا لم تكن كذلك، فتعد تجاوزا غير مبرر ومخالفا لأحكام القانون، وعليه يتعين النظر في مراجعة أحكام قانون الجرائم الإلكترونية، باستحداث وسائل وطرق وآليات للإثبات الجنائي في الجرائم الإلكترونية بعيداً عن الإثبات بالطرق التقليدية.

● حسين العبدالله