على وقع تصريحٍ لنائب رئيس الحكومة اللبنانية حول إفلاس المصرف المركزي والحكومة، والذي يشكل إنذاراً خطيراً بالحال الذي تتجه إليه الأمور فعلياً، وإن كان التصريح خلال مقابلة تلفزيونية ولم يكن إعلاناً رسمياً، ينتظر لبنان نتائج حراك دبلوماسي متعدد المسارات، لكنه يصب في اتجاه واحد.

فقبل أيام زار السفير السعودي لدى بيروت وليد البخاري باريس للمرة الثالثة خلال أقل من شهر؛ لزيادة منسوب التنسيق الفرنسي - السعودي لتفعيل العمل بالصندوق المشترك لتوزيع المساعدات الإنسانية وترتيب موعد عودة السفراء الخليجيين لبيروت.

Ad

وشهدت الرياض اجتماعاً نسّقته وزارة الخارجية السعودية بعدد من سفراء الدول الخليجية ومصر؛ لإطلاعهم على آخر تطورات المسار السعودي ــ الفرنسي لإعادة تحسين العلاقات مع لبنان، على أن تلي هذا الاجتماع ترتيبات تتعلق بعودة السفراء، ولتكون عودة السفير الكويتي فاتحة لعودة نظرائه الخليجيين، وفق ما ذكر مصدر دبلوماسي عربي متابع.

وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن التنسيق لا يشمل الشق الإنساني وتوزيع المساعدات فقط، بل سيتم وضع برنامج متدرج يتعلق بشتى المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للمرحلة المقبلة، على أن يتم الالتزام بهذا البرنامج تدريجياً في الأشهر المقبلة، وكل ذلك يتركز على مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، والتحضير لـ «الرئاسية» المقبلة، خصوصاً أن معظم الدول بدأت تتهيأ لدخول لبنان في عهد سياسي جديد بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.

وما ذكرته المصادر الدبلوماسية يتطابق تماماً مع ما قاله البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي كان يزور الفاتيكان أخيراً، قبل أن يجري زيارة لمصر، التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي وشيخ الأزهر أحمد الطيب، وناقش كل تطورات الملف اللبناني، وبعد عودته شدد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية يكون مؤمناً بالحياد ولا ينتمي إلى المحاور ويكون قادراً على إصلاح علاقات لبنان العربية، لأن مصير لبنان في النهاية مع العرب.

مواقف الراعي تحمل انتقاداً ضمنياً لسياسة الرئيس ميشال عون، الذي يتهمه خصومه بأنه أدخل لبنان في سياسة المحاور.

كل هذا الكلام يشير إلى تحضير الأرضية السياسية والدبلوماسية لمرحلة جديدة في لبنان قد تتبلور معالمها بعد الانتخابات النيابية، ومن خلال التحضير لإنتاج تسوية سياسية جديدة تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة موثوقة لدى اللبنانيين والمجتمع الدولي.

وينتظر لبنان أيضاً موعد توقيع إنشاء الصندوق الفرنسي- السعودي المشترك، إضافة إلى الحركة التي سينشط بموجبها السفير السعودي على الساحة اللبنانية في شهر رمضان المبارك عبر تنظيم مجموعة إفطارات، بعضها سيخصص لرؤساء الحكومة السابقين، وبعضها لشخصيات بيروتية ورجال دين، إضافة إلى تخصيص إفطار لوجوه سياسية وإعلامية وثقافية، كما سيتم تنظيم إفطار لسفراء دول الخليج ونظرائهم العرب والأجانب، على أن يشهد تنسيقاً دبلوماسياً حول الخطوات المستقبلية حيال الملف اللبناني.

وتشير المصادر إلى أن التنسيق الخليجي - الفرنسي- المصري مع الولايات المتحدة وبريطانيا سيتوسع بالمرحلة المقبلة في مواكبة التطورات، التي ستشهدها الساحة اللبنانية سواء في الانتخابات النيابية أو في المرحلة التي تليها.

وعلى مشارف عودة السفراء الخليجيين إلى لبنان تشتد سخونة المعركة الانتخابية مع انتهاء عمليات تسجيل اللوائح ونسج التحالفات، في حين ستتركز الجهود اللبنانية على بدء الدراسات الإحصائية لرصد النتائج المحتملة، وكيف ستكون التوازنات السياسية التي سترسيها العملية الانتخابية.

● بيروت - منير الربيع