أعلنت دول غربية عدة، أمس، طرد دبلوماسيين روس بعد تقارير عن العثور على مقابر جماعية وقتل مدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية.

وقررت إيطاليا، أمس، طرد 30 دبلوماسيا روسيا لأسباب تتعلّق بـ «الأمن القومي»، كما قرّرت الدنمارك، طرد 15 دبلوماسيا روسيا بتهمة «التجسس»، بدورها، أعلنت إسبانيا طرد 25 دبوماسياً روسياً، في حين قال الكرملين، إنه يشكك بإمكانية إجراء تحقيق دولي محايد حول ما جرى في «بوتشا»، في حين أعلنت السويد أنها ستطرد 3 دبلوماسيين روس.

Ad

وتندرج هذه القرارات في سياق تدابير مماثلة اتخذتها قبل يوم ألمانيا (40 دبلوماسياً) وفرنسا (35 دبلوماسيا).

وردّت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على أنباء طرد الدبلوماسيين، بالقول إن «روسيا ستنتقم، وسيكون لها رد مناسب».

كما قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، إن «موسكو سيكون لها رد بنفس القوة على طرد دبلوماسييها، وسيكون مدمرا للعلاقات الثنائية».

قتال في الشرق

وعلى الرغم من خطف بلدة بوتشا شمال غربي كييف، الاهتمام الدولي منذ أيام ولا تزال، فإن مخاوف دولية عدة بدأت تطفو إلى السطح أيضا من قتال وشيك في الشرق الأوكراني، بالتزامن مع دعوة روسيا القوات الأوكرانية في مدينة ماريوبول الساحلية الجنوبية المحاصرة على بحر آزوف، لإلقاء أسلحتها ومغادرة المدينة عبر ممر آمن.

ودعت وزارة الخارجية الروسية تركيا إلى استخدام نفوذها «لتحقيق هذه المهمة الصعبة».

في المقابل، حذّرت السلطات الأوكرانية من خطط روسية لشن هجمات في الشرق، معلنة أن موسكو تستعد لاستدعاء نحو 60 ألفا من الجنود الاحتياطيين لتعزيز هجومها في الشرق.

كما أوضحت أن الأهداف الرئيسية لروسيا تشمل ميناء ماريوبول وخاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد.

وفي السياق، دعا عمدة منطقة لوغانسك، سيرغي غاداي، سكان المنطقة إلى المغادرة، بينما طلب رئيس بلدية بوروفا، ألكسندر تيرتيتشني، وهي بلدة تقع في منتصف الطريق بين لوغانسك وخاركيف، المدينة الكبيرة في شمال شرقي البلاد، من سكان البلدة مغادرتها.

ومساء أمس الأول، قال مستشار الرئاسة الأوكرانية، أوليكسي أريستوفيتش، إنّ «العدو يعيد تجميع قواته بنيّة مواصلة الهجوم في ماريوبول وخاركيف».

سحق ماريوبول

من جانبها، حذّرت الولايات المتحدة من قيام روسيا بعملية إعادة انتشار واسعة النطاق لقواتها من أجل «سحق» القوات الأوكرانية شرق البلاد. وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن بلاده رصدت حشد موسكو قوات بشمال ماريوبول، التي تحاصرها القوات الروسية وقوات الانفصاليين الموالين لموسكو.

وأضاف أن واشنطن نسّقت خلال الساعات الـ24 الماضية مع 6 دول لتسليم شحنات أسلحة جديدة إلى أوكرانيا.

بدوره، أعلن مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جيك سوليفان، مساء أمس الأول، أن روسيا تراجع أهدافها الخاصة بالحرب وتخطط على الأرجح لنشر عشرات الآلاف من الجنود في شرق أوكرانيا، مع تحويل تركيزها إلى جنوب البلاد وشرقها، بدلا من استهداف معظم الأراضي».

ورأى أن «هدف موسكو يبدو على الأرجح محاصرة وسحق القوات الأوكرانية في المنطقة»، مضيفا أن «هذا قد يمكّنها لاحقا من الزعم بأنها حققت تقدّما ميدانيا، ويساعدها بالتالي على إخفاء أي فشل عسكري سابق».

إلى ذلك، رجّح سوليفان أن تعود حدّة التصعيد وتطول المرحلة التالية من العمليات العسكرية، لاسيما مع تفوّق القوات الروسية على نظيرتها الأوكرانية عدداً.

وقال إن إدارة بايدن تعمل مع حلفائها لمدّ كييف بأنظمة مضاد للطائرات بعيدة المدى، وأنظمة مدفعية، وأنظمة دفاع ساحلي في الأيام المقبلة.

ونقلت وكالة «بلومبيرغ» الأميركية للأنباء، عن مصادر أن «البنتاغون» تخطط لإرسال 10 طائرات مسيّرة من طراز «سويتش بليد 600»، التي توصف بـ «قاتلة الدبابات»، مزودة برؤوس حربية مضادة للدبابات لأوكرانيا.

وفي السياق، أشار تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية، أمس، إلى أن القوات الأوكرانية تمكّنت من استعادة منطقة رئيسية شمال أوكرانيا، وحالت دون تحقيق أهداف القوات الروسية، التي اضطرت إلى التراجع من المناطق المحيطة في تشيرنيهيف وشمال كييف.

كما رجحت أن تحتاج الكثير من الوحدات الروسية المنسحبة من شمال أوكرانيا إلى إعادة تجهيز ضخمة، قبل أن تكون مستعدة لإعادة الانتشار في العمليات شرقاً.

«جيش الآباء»

إلى ذلك، دفعت الحرب في أوكرانيا الجيش الروسي إلى توسيع نطاق تجنيد المقاتلين، ليشمل الأمر الرجال الذين تصل أعمارهم إلى 60 عاما، وهي الفئة التي وصفتها وسائل إعلام غربية بـ «جيش الآباء».

وذكرت صحيفة التايمز البريطانية أن الجيش الروسي يريد من بين المتقاعدين، أولئك الذين قادوا الدبابات في الماضي، أو مارسوا أعمال القنص، أو عملوا في وحدات الهندسة.

مذبحة بوتشا

من ناحيته، قال رئيس بلدية بوتشا، أناتولي فيدوروك، في مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية، إن عمليات الإعدام الجماعي في ضاحية بوتشا بالعاصمة كييف كانت «انتقاما من الروس بسبب المقاومة الأوكرانية».

وتم العثور على العديد من جثث السكان في شوارع بوتشا، بعد انسحاب القوات الروسية الأسبوع الماضي. ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن الجنود الروس ارتكبوا جرائم حرب خطيرة في البلدة.

وقال فيدوروك: «تم إطلاق النار على شعبي من أجل المتعة، أو بدافع الغضب. الروس أطلقوا النار على أي شيء كان يتحرك: المارة، قائدي الدراجات، السيارات».

وأوضح أن مناطق من البلدة «تحولت إلى معسكر اعتقال من دون طعام أو شراب، وأن كل من تجرأ على الخروج للبحث عن الطعام تم إطلاق الرصاص عليه».

وبينما أعلنت السلطات الأوكرانية، العثور في موتيجين، الواقعة غربي العاصمة كييف، على جثث رئيسة القرية وزوجها وابنهما ورجلين آخرين، مؤكّدة أن القتلى الخمسة أعدمتهم القوات الروسية حين احتلّت المنطقة، أفادت المدعية العامة الأوكرانية، إيرينا فينيديكتوفا، إنه سجّل أكثر من 7 آلاف تقرير عن جرائم حرب روسية في منطقة كييف، مشيرة إلى أن معظم الضحايا في بوروديانكا، شمال غرب كييف.

زيلينسكي

وقبيل ساعات من كلمة ألقاها أمس، أمام مجلس الأمن الدولي عبر الفيديو، طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بإجراء «تحقيق شامل في جرائم حرب ارتكبت في مدينة بوتشا» شمال كييف وفي مدن أخرى وتقديم مرتكبيها للعدالة.

ودعا صحافيين من جميع أنحاء العالم للقدوم الى بوتشا، التي زارها أمس الأول، لرؤية الدمار الذي خلّفه الاحتلال الروسي.

وقال زيلينسكي: «سنصبح أشبه بإسرائيل كبيرة مع تصدّر الأمن قائمة الأولويات في السنوات العشر المقبلة».

ومن المقرر أن تتوجه رئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون ديرلاين، ومنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى كييف هذا الأسبوع للقاء زيلينسكي. كما من المقرر أن يزور مستشار النمسا، كارل نيهامر، أوكرانيا في الأيام المقبلة.

اختبار صاروخي أميركي سري

ذكرت شبكة CNN الأميركية أن الولايات المتحدة اختبرت صاروخاً أسرع من الصوت خمس مرات على الأقل، في مارس الماضي، وأبقت الأمر طي الكتمان، لتفادي المزيد من التصعيد مع روسيا.

وجاء اختبار طاروخ «هايبرسونيك» بعد أيام من إعلان روسيا أنها استخدمت صاروخها الأسرع من الصوت «الخنجر» أثناء حرب أوكرانيا.

وأوضحت CNN أن الصاروخ جرى إطلاقه من القاذفة B52 قرب الساحل الغربي للولايات المتحدة، في أول تجربة ناجحة للنظام الذي أنتجته شركة «لوكهيد مارتن».

ويطلق على النظام الجديد اسم «التنفس الهوائي»، الذي يقوم على إطلاق صواريخ قتالية من طراز جو - جو، وتبلغ سرعته أكثر من 6 آلاف كيلومتر في الساعة.