أكد صناعيون أن أزمة جائحة كورونا كشفت، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن القطاع الصناعي استراتيجي، ويجب تنميته وحمايته ودعمه بشتى الوسائل، خصوصا أنه كان صمام أمان خلال الأزمة، عبر تلبية العديد من المتطلبات وقتما احتفظت بها دول لنفسها، وبات الاعتماد على الذات هو المحكّ.

وفي ظل أزمة تزايد أسعار الشحن والمواد الخام، طالب الصناعيون بضرورة وضع آلية لمعالجة تلك الانعكاسات، لضمان استدامة القطاع دون تأثر... وفي السطور التالية التفاصيل:

Ad

بداية، قال الرئيس التنفيذي لشركة أفكار القابضة الشركة في القطاع الصناعي، مشاري المذن، إن أزمة الحرب الروسية - الأوكرانية أربكت ملف أسعار المواد الخام وخطوط الإمداد والنقل، وعليه، فإن تحديات وأضرارا مباشرة باتت تحدق بالقطاع الصناعي.

وبيّن أن القطاع الصناعي الكويتي أظهر، خلال أزمة جائحة كورونا، كفاءة غير مسبوقة، وأثبت أنه قطاع استراتيجي وحيوي ومهم، خصوصا أنه خلال الأزمة تم الاعتماد عليه في تلبية متطلبات واحتياجات السوق عندما بدأت كل دولة تلبّي حاجتها الداخلية كأولوية، وعليه، فإن المطلوب هو حماية القطاع من الخسائر، ودعمه بشتّى الطرق والسُّبل.

وأفاد المذن بأن الأكلاف التشغيلية شهدت - بالأرقام - تغيّرات كبيرة وجذرية من بلد المنشأ للمواد الخام، وهو ما يتطلب حلولا عاجلة وناجعة في الوقت ذاته، وتضافر كل الجهود دون تعنّت أو تراخٍ أو تأخر.

وفنّد المذن - بالأرقام الموثقة - التغيرات الجذرية على أسعار المواد الخام من المورّدين التي كان سعرها عام 2021 نحو 900 دولار للطن، وتصل حاليا إلى 1600 دولار، ومتوقع أن تلامس 2000 دولار بحلول يونيو المقبل، "أما أسعار الشحن فحدّث ولا حرج، حيث تتضاعف أسعار شحن الحاوية 40 قدما من مستوى 1500 الى 9 آلاف دولار".

وذكر: كمصنّعين في قطاعات غذائية واستهلاكية تخدم شريحة كبيرة من المستهلكين نصنع منتجات بكفاءة عالية ومعايير عالمية، وبالرغم من ذلك أسعارنا السوقية أرخص من المستورد، كما أننا نخضع لرقابة مباشرة، ونعتمد على مصادر معلومة للمواد الخام وليست مجهولة، أضف إلى ما سبق الإرباكات المحلية لسوق العمالة، حيث بات السوق يشهد شحّا شديدا، ونضطر إلى الاستعانة بعمالة مؤقتة بدوام جزئي بضعف الراتب.

وناشد المذن الجهات المسؤولة كافة بضرورة التحرك العاجل لحماية الصناعة الكويتية عبر سلّة حلول تتضمن تقديم دعم مناسب، والسماح بتحريك الأسعار بما يتناسب مع الأكلاف المستجدة لعدم تأثّر المصانع وإجبارها على التوقف نتيجة الخسائر، وبالتالي التأثير على قدرتها في تلبية احتياجات السوق والتوريد للجمعيات التعاونية.

وختم المذن بأنّ أزمة زيادة الأسعار عالمية وملموسة، وليست خافية على أي من المسؤولين، وبالتالي ننبه وندق ناقوس الخطر قبل أن يتعقد المشهد، ويدخل القطاع الصناعي في دوامة خسائر وإغلاقات وتأثر الإمدادات للسوق، وتتفاقم زيادات الأسعار أكثر على المستهلك المحلي.

تفاقم قياسي

من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لمصنع الجذور لصناعة محارم الورق، صلاح الرشود، إن أسعار الشحن تفاقمت عالميا نحو ٦ أضعاف، مشيرا إلى أنها قفزت من 1500 دينار تقريبا إلى أكثر من 9 آلاف، لافتا إلى أن أسعار المواد الخام قفزت هي الأخرى بين 30 و40 بالمئة بشكل مفاجئ وليس تدريجيا لاتخاذ التدابير اللازمة من جهتنا، وهو وضع عالمي وليس أمرا خاصا بنا كدولة أو مصنّعين.

وقال الرشود: كل ما نطالب به كمصنّعين هو تفهُّم هذا الوضع السائد عالميا والمتغيرات، مؤكدا أن اتحاد الجمعيات والجهات الأخرى يجب أن تقدّر تلك التداعيات التي باتت تؤثر على قدرة المصانع، نتيجة الأكلاف الباهظة في التشغيل.

وأضاف: إن كانوا يريدون ما يثبت زيادات الأسعار، فلدينا الوثائق والمستندات التي تؤكد ذلك، وهذا ليس سرّا، فكل العالم يعاني ويشتكي ارتفاعات الأسعار ويضع الحلول، ولماذا نذهب بعيدا؟ فقد شهدت أسعار النفط قفزات سعرية كبيرة، وهو أمر واضح وملموس للعيان، حيث قفزت من مستوى 75 إلى 130 دولارا للبرميل، أي أكثر من 73.3 بالمئة.

وقال: تحت وطأة أكلاف التشغيل وزيادة أسعار المواد الخام والشحن والعمالة، اضطررنا إلى تخفيف ووقف تزويد الجمعيات بمنتجاتنا، بسبب عدم تقدير الوضع الراهن وتفهّم هذه المتغيرات.

وأضاف: لا نطالب بزيادات مُبالغ فيها، بل نطالب بتحريك الأسعار بنسب معقولة تساعدنا على الأقل على الاستمرارية، وعدم تحمّل خسائر كبيرة ومرهقة تؤثر على استدامة المصانع والتصنيع.

وقال: لقد تحمّل القطاع الصناعي كثيرا من الأعباء والأكلاف طوال أزمة كورونا، إلّا أن أزمة الحرب الروسية عمّقت الجرح أكثر، وزادت الأسعار زيادة سريعة وباهظة، ولم تستثنِ أيّ مادة خام تدخل مكونات التصنيع، ناهيك بالشحن والتأمين والنقل وغيرها من الخدمات.

أضرار مباشرة

من جهته، قال نائب الرئيس التنفيذي لشركة صناعات الشرهان، عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات الكويتية، ناصر الشرهان، إنه بالرغم من تحديات الأسعار وزيادة الأكلاف، علينا كمصنّعين أن نسعى دائماً إلى أن تكون جودة منتجاتنا عالية، حرصاً على سمعتها في السوق ولاهتمامنا بما نقدّمه للمستهلك، وبذلك نستورد أفضل المواد الأساسية، غير أن هذه المواد، - وخصوصاً بعد الجائحة التي مرّت على الجميع - زادت أسعارها بشكل غير معقول، مما ترتب عليه زيادة سعر التكلفة لكل منتج ننتجه.

في المقابل، استمرت أسعار البيع في الجمود كما هي عليه، مما ينعكس على المصنّعين بأضرار بالغة تهدد استمراريتهم، واستشعارا للمسؤولية، وبرغم هذا الضرر، فإننا لم نتهاون عن تقديم الأفضل، مردفا بأنه يجب أن تكون هناك علاقة طردية بين زيادة سعر التكلفة وزيادة سعر البيع، حتى يتحقق الربح للجميع، وحتى نتمكن من المحافظة على المستوى الذي سعينا دوماً إلى الحفاظ عليه من تقديم أفضل المنتجات جودة للمستهلك، وبسعر مناسب للجميع.

وما نتحدث عنه من زيادات في الأسعار هو ملف عالمي وواضح، وقد بلغت الزيادات مستويات كبيرة لا يمكننا كصناعيين تحمّلها دون معالجات، حيث تتعدى نسبة زيادة الشحن الـ 700 بالمئة، فيما تصل زيادة نسبة سعر الغاز إلى 250 بالمئة، بينما تتراوح زيادة نسبة تكلفة المواد الأولية ومواد التغليف بين 50 و150 بالمئة، إضافة إلى زيادة الرواتب للعمالة لعدم توافرها بنسبة تصل إلى 70 بالمئة.

لذا يجب أن يسمح لنا اتحاد الجمعيات التعاونية بتعديل أسعارنا بما يتناسب مع الزيادة التي تتم على المواد الأولية، حيث إن زيادة المواد الأساسية بالإجمال تزيد من قيمة تكلفة المنتج، ورغم ذلك لا يسمح لنا بزيادة سعر بيع المنتج على المستهلك.

كما نقترح أن تكون الأسواق حرة ومفتوحة، والمستهلك يحدد ما يريد، وليثق الجميع بأنه لا مصلحة لنا في زيادة أي سعر زيادة غير مبرّرة، ولكنها للاستمرار بالمنافسة والمحافظة على حصتنا السوقية، وتحت تأثير الزيادات العالمية التي تشمل الشحن والمواد الخام وكل أكلاف المنظومة الصناعية.

ولن نكرر تأكيد استراتيجية القطاع الصناعي، فقد أثبتت جائحة كورونا أهميته القصوى، فهو عنصر أمان وبوابة لتنمية الاقتصاد المحلي، ويحتاج إلى مزيد من تشجيع الصادرات المحلية، لدورها في تحسين مستوى اقتصاد البلد، فالتصدير يعزز جذب العملة الأجنبية، ويخلق الفرص الوظيفية، كما يزيد من الإيرادات، ويرفع معدل نمو الاقتصاد.

جراح الناصر