الحالة السياسية الكويتية المتأزمة لا جديد فيها، حتى أنني أطلقت عليها في دراسة سابقة "سياسة الأزمات".

أما اللافت هنا فهو أنه حالما تحدث أزمة، يسود ظن، بل واعتقاد، بأننا أمام أزمة فريدة من نوعها، لم يسبق لها مثيل، لتتم معالجتها بشكل قشري، أو شخصاني، وقد أكدت تجارب الـ ١٦ سنة الماضية ذلك.

Ad

بدأت حالة الأزمات المستفحلة مع بداية العهد الدستوري بالكويت في ١٩٦٣، وكان أوضحها أزمة ديسمبر ١٩٦٤، حين رفض ٣١ نائباً دخول الجلسة التي كان مقرراً لها أن تشهد أداء اليمين الدستورية لبعض الوزراء الجدد، في تغيير حكومي جزئي، وأدى ذلك إلى توقّف المجلس نحو الشهر. فوجّه رئيس الوزراء الشيخ صباح السالم خطاباً للأمير لحل مجلس الأمة لعدم تعاونه. وعاد الأمير الشيخ عبدالله السالم من الخارج، فطلب من رئيس الوزراء إعادة تشكيل حكومته، لعلمه بأن الأزمة سياسية. ومن تداعيات الأزمة استقالة رئيس مجلس الأمة عبدالعزيز الصقر من الرئاسة، واستمراره عضواً في المجلس. وما إن انتهت الأزمة حتى عادت الحكومة لتصدر مجموعة من القوانين المناهضة للدستور، فاستقال عدد من النواب احتجاجاً على تلك القوانين.

ثم قامت الحكومة بعدها بحلّ المجلس البلدي، مما أدى إلى تبديد ميزانية التثمين المقدرة بـ ٢٠٠ مليون دينار، وطلب المزيد من الأموال. تلا ذلك أحداث انتخابات ١٩٦٧ وما شابها من تزوير في صناديق الاقتراع. حتى جاء مجلس ١٩٧١ الذي كان استثناء للقاعدة، لتعود الأزمات إلى الظهور مرة أخرى بحل مجلس ١٩٧٥ حلاً غير دستوري، وتعيين لجنة النظر في تنقيح الدستور.

ثم تلا ذلك قيام الحكومة بتعديل الدوائر الانتخابية من ١٠ إلى ٢٥ دائرة، لمجلس ١٩٨١، وتقديمها مشروعاً لتنقيح الدستور. ولم يطُل بنا الأمر حتى جرت انتخابات مجلس ١٩٨٥، الذي تم حله أيضاً حلاً غير دستوري، وفرض الرقابة المسبقة على الصحافة، إلى أن حدث الغزو من دون وجود مجلس.

وبالتالي، فإن الأزمات هي صفة ملازمة للنظام السياسي عندنا، وليست أمراً مستجداً، وبالتالي فإن أي معالجة للأزمة من خلال معالجة القشور لن تكون إلا مسكنات لمرض مزمن، ما إن ينتهي أثرها حتى يعود المرض إلى الظهور.

أ.د. غانم النجار