6/6: السعودية غير
مبارك عليكم الشهر وعساكم من عواده، ولندخل بالموضوع:هي اليوم غير عن الأمس، لا بمساحتها كمملكة كبرى، ولا بمبانيها العملاقة وشوارعها الفسيحة، وإمكاناتها الاقتصادية العملاقة، بل بالانفتاح الاجتماعي المبهر في سرعته وجرأته وشموله لكل وجوه الحياة، والذي تحقق على الأرض خلال لمح البصر. حين تصل إلى أراضيها تستقبلك المرأة السعودية بعبارات الترحيب الدافئة بمدخل المطار، مصاحبة إياك لزميلاتها في شبابيك الجوازات والجمارك، وتستقبلك في الفندق بالبشاشة ورفيع الخلق، وتلبي طلباتك لكل الخدمات الفندقية بحرفية وأدب جم، وتزدحم الطرقات بالنساء وهن يقدن سياراتهن بغاية الحشمة والرزانة لا بارتجاج التغيير المفاجئ، لأنهن ينتمين لشعب متحضر وراقي التكوين.
شخصياً كانت آخر زيارة لي للرياض العاصمة قبل ٥ سنوات مشاركاً في المنتدى السنوي "لمركز أسبار للدراسات والبحوث" الذي يرأسه أحد رواد الثقافة والصحافة والإعلام في السعودية والعالم العربي الصديق الدكتور فهد العرابي الحارثي، وزملاؤه من كوكبة المثقفين والمفكرين السعوديين المنشغلين بتطوير الفكر البشري في بلدهم، ودفع عجلة التنوير الاجتماعي فيه نحو آفاق تليق بدولة عملاقة لا غرو أن تبوأت مكانتها اللائقة في صفوف الدول ذات التأثير والثبات والقدرة على مواجهة التحديات بالإبداع والمثابرة وتطوير الذات. خلال خمسة أعوام منها عامان من الانغلاق القسري الذي فرضته "كورونا" على الكوكب كله، لابد لزائر مثلي أن يلحظ تلك النقلة الصاروخية التي تحققت للملكة الكبرى في شتى الميادين مختزلة الزمن، ومؤكدة أن تماهي الرؤية والإرادة لدى القيادة مع الاستعداد المجتمعي للاستجابة والتغيير، لابد أن تننتج عنه المدهشات التي نتلمسها اليوم بكل أرجاء المملكة العربية السعودية.الحقبة السلمانية التي حلّقت بالدولة السعودية الرابعة إلى آفاق شاسعة المساحات وعميقة الأبعاد سوف تبقى منعطفاً رئيساً في تاريخ الجزيرة العربية، والرؤى النافذة للقيادة السعودية أدهشت وأثارت إعجاب العالم أجمع، حيث تنوعت وتراوحت خلال زمن قياسي بين تطوير الفكر الثقافي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري والديني بتناسق مبهر، لم يُخِل فيها جانباً بالجانب الآخر ولم يعرقل أحدها حركة الآخر، بل سارت جميعها بنسق متوازن ورزين هو في ظني مركز الإعجاب بحركة النهوض السعودي التي نأمل أن تنعكس إيجاباً على المنطقة باعتبار المملكة قاطرة رئيسة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً على مستوى الوطن العربي والعالم، لاسيما أنها تسير على هدي من رؤيتها ٢٠٣٠ التي أبدع بعرضها وشرح إطلاقاتها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.فعلاً السعودية هذه الأيام غير، ونأمل لها المزيد من التقدم.