استطاعت التشكيلية ابتسام العصفور، من خلال جهدها الدؤوب، رسم أعمال فنية مستمدة من الواقعية التقليدية القديمة، لتؤكد أهمية نقل العادات والتقاليد القديمة، وتعريفها للجيل الحالي، فكل عمل فني ترسمه يُعد بحثا تراثيا عن الماضي الأصيل تسطر فيه حالات اجتماعية، وعادات وتقاليد جُبل عليها الآباء والأجداد، تحمل في طياتها عبق التراث.وعن رسمها أعمالا ترصد العادات والتقاليد بشهر رمضان، قالت: "يعتبر أهل الكويت رمضان فرصة لإحياء العادات والتقاليد الأصيلة التي كانت ترتبط بالشهر الفضيل، مثل: دق الهريس، والقرقيعان، وأبوطبيلة، والغبقة، منها ما اندثر، ومنها ما هو موجود، مثال على ذلك التغيير الذي طرأ علي الوجبات الرمضانية الكويتية على مر السنين، منها الغبقة، وهي وجبة اعتاد الكويتيون تناولها بعد صلاة التراويح، واختلفت مكوناتها على مر السنين، وتأثرت بالحقبة الزمنية التي وُجِدت بها".
الأسلوب الواقعي التأثيري
وأضافت العصفور أنها رسمت لوحة "الغبقة"، واستخدمت فيها الأسلوب الواقعي التأثيري بالألوان الزيتية، لمشهد من فترة ستينيات القرن الماضي وما قبل لمجموعة من النسوة قد يكن أقارب في بيت واحد أو جيرانا، وقد ارتدت كل منهن الثوب الكويتي المطرز والحلي الذهبية، وتبدو "الروشنة" وقد أخذ المبخر مكانه وعبق البخور يملأ المكان وأمامهم السفرة العامرة بالمأكولات الشعبية مثل "الباجيلا"، التي تهم أحداهن بسكبه في "البوادي الملونة".وأوضحت في شرحها لتفاصيل العمل: "تقوم الأخرى بصب الشاي بالاستكانات، فيما تحتسي المرأة الثالثة الشاي، ونرى العصيدة المزينة بالبيض المفلفل، والبلاليط المزينة بقرص من البيض، والزلابيا بلونها البرتقالي، ويتبادلن الأحاديث وأخبار الفريج".وذكرت العصفور أنه تم الانفتاح على الدول العربية والدول الأخرى، بفعل اكتشاف النفط والتبادل الثقافي، وهو ما ألقى بظلاله على نمط العيش، وتمثله اللوحة الثانية التي ترصد مشهدا قبل الفطور، فرب أسرة مع أبنائه يجتمعون خلف النافذة يتأملون مشهد غروب الشمس، بانتظار أذان المغرب، فيما انشغلت ربة المنزل، والتي نلاحظ اختلاف الفستان الذي ترتديه عن الأزياء الكويتية التقليدية بتجهيز السفرة بالمأكولات الرمضانية، مثل طبق الهريس، وهو عبارة عن حبوب القمح التي يتم طبخها مع اللحم لمدة ساعات، ثم يتم ضربه بأداة خشبية، لجعله متجانسا، ثم يسكب بصحون، ويتم وضع طبقة من "الدهن العداني"، والدارسين المخلوط مع السكر، واللقيمات وهي نوع من الحلويات، والكبب بأنواعها، والسمبوسة، وهي مأكولات دخلت للمائدة الكويتية نتيجة الانفتاح على الدول العربية والآسيوية.