في خطوة كبيرة على طريق حل الأزمة اليمنية، أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي أمس، إعلاناً بنقل كل سلطاته وصلاحيات نائبه علي محسن صالح الأحمر، الذي أعفاه من منصبه، إلى مجلس قيادة رئاسي مختلط برئاسة مستشاره رشاد محمد العليمي المقرب من حزب "الإصلاح" الإسلامي (إخوان)، وعضوية 7 قيادات كل منهم بدرجة نائب لرئيس المجلس، بينهم شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال ونجل الرئيس السابق علي صالح.وقال هادي، في خطاب متلفز: "ينشأ بموجب هذا الإعلان مجلس قيادة رئاسي لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وأفوّضه تفويضاً لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".
ويضم المجلس في عضويته محافظ مأرب سلطان العرادة، وقائد قوات المقاومة الوطنية نجل الرئيس الراحل طارق صالح، وقائد "ألوية العمالقة" عبدالرحمن أبوزرعة، ومدير مكتبه عبدالله العليمي، والنائب عثمان مجلي، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، ومحافظ حضرموت فرج سالمين البحسني.
اختصاصات المجلس
ويمنح الإعلان مجلس القيادة الرئاسي كل صلاحيات إدارة الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً طوال المرحلة الانتقالية، واعتماد سياسة خارجية متوازنة تحقق المصالح العليا للدولة، وتيسير ممارسة الحكومة لمهامها بكامل صلاحياتها، واعتماد السياسات اللازمة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب.وأوكل الإعلان لرئيس المجلس الرئاسي الصلاحيات العليا لقيادة القوات المسلحة، وتمثيل الجمهورية في الداخل والخارج، وتعيين السفراء ومحافظي المحافظات، وإعلان حالة الطوارئ، والمصادقة على الاتفاقيات.وجدد الثقة بالحكومة المشكلة وفقاً لاتفاق الرياض مع قيام مجلس القيادة الرئاسي باتخاذ ما يراه بموجب صلاحياته لإجراء تعديلات أو تغييرات في الحكومة أو تشكيل حكومة جديدة، مؤكداً في الوقت ذاته استمرار ولايتي مجلس النواب ومجلس الشورى في المهام المنوطة بهما.وخوّل الإعلان مجلس القيادة الرئاسي بالتفاوض مع جماعة الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كل الأنحاء، والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل، يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام.إقالة الأحمر
وأزال الرئيس اليمني بعض العقبات أمام الجهود، التي يقودها مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة لإحياء المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة منذ سبع سنوات، بإصدار قرار منفصل بإعفاء نائبه، علي محسن الأحمر، القائد العسكري ذي الميول الإسلامية، الذي أثار استياء الحوثيين بسبب الحملات العسكرية السابقة في معقلهم الشمالي، وكذلك الجنوبيين لدوره القيادي في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1994.وبموجب وثيقة الإعلان تشكل هيئة التشاور والمصالحة من 50 عضواً يمثلون جميع المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي وفريق قانوني وآخر اقتصادي.وتشير الوثيقة إلى أن قرارات مجلس القيادة تصدر بالتوافق، وفي حال تعذره تتخذ القرارات عند التصويت عليها بالأغلبية البسيطة، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي صوت له رئيسه.وإذا تعذر وجود الأغلبية البسيطة يتم إحالة الموضوع إلى اجتماع مشترك مع رئاسة هيئة التشاور والمصالحة، وهي هيئة، تنشأ بموجب الإعلان الرئاسي نفسه، و"تجمع مختلف المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي والعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية".وفي ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي وغياب المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، استقبل ولي عهد السعودية وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي. وأعرب، بحسب وكالة الأنباء الرسمية (واس)، عن دعمه وتطلعه إلى أن يسهم تأسيسه في بداية صفحة جديدة في اليمن تنقله من الحرب إلى السلام والتنمية.وأمل ولي العهد أن تكون المرحلة القادمة مختلفة بما لمسه من عزم وتفاؤل الجميع، مؤكداً "حرص المملكة على أن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار ويعم الازدهار في البلد الشقيق".وفي إطار ترحيبها بالإعلان، أكدت السعودية، في بيان، "دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له لتمكينه من ممارسة مهامه في تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية وإنهاء الأزمة اليمنية".وأعلنت السعودية تقديم "دعم عاجل" للاقتصاد اليمني بقيمة 3 مليارات دولار، تتضمن ملياري دولار مناصفة بينها وبين الإمارات دعماً للبنك المركزي اليمني، ومليار دولار منها لدعم المشتقات البترولية وجهود التنمية ومبلغ 300 مليون دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، كما حثت "مجلس القيادة الرئاسي على البدء في التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل".ورحبت وزارة الخارجية الكويتية بالإعلان هادي عن إنشاء مجلس القيادة لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وأكدت دعم الكويت لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له في تحقيق أهدافه وممارسة دوره المنوط به انطلاقا من موقفها الثابت وسعيها الدائم لدعم الاستقرار في اليمن الشقيق للتوصل إلى حل سياسي شامل بما يحقق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية لليمن وشعبه الشقيق.وأكدت الخارجية الأردنية دعم عمّان لجهود حلّ الأزمة اليمنية وصولاً إلى حل سياسي يستند إلى المرجعيات المعتمدة المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار وقرار مجلس الأمن، مثمنة الدعم العاجل من السعودية والإمارات لاقتصاد اليمن، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن شعبه، وتمويل خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية.وأعلن الأمين العام لمجلس التعاون نايف الحجرف دعم دول الخليج لمجلس القيادة الرئاسي، لتمكينه من ممارسة مهامه في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية، وإنهاء الأزمة لينعم شعبها بالرخاء والتنمية والسلام.واعتبر أمين الجامعة العربية أحمد أبوالغيط نقل الرئيس اليمني صلاحياته لمجلس القيادة الجديد "تجسيداً للشرعية اليمنية"، وأمل أن يساهم ذلك في قيادة اليمن نحو تحقيق السلام، داعيا مختلف الأطراف للحفاظ على الهدنة الحالية تمهيداً للدخول في مفاوضات جادة لإنهاء معاناة الشعب واستعادة الاستقرار وضمان ألا "يشكل اليمن تهديداً لأيٍ من جيرانه".موقف حوثي
في المقابل، اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" الحوثية محمد البخيتي أن "الحوار ينبغي أن يكون بين اليمن ودول التحالف الرباعي، لأن هذا المجلس لا يعبر عن رؤية اليمنيين"، مؤكداً أنه "تم اختيار رشاد العليمي رئيساً للمجلس الرئاسي الجديد لأنه رجل أميركا، وهو الوحيد الذي لم يُبدِ حرجاً في تمرير مادة تشرعن التواجد الأميركي في اليمن".