روسيا تُعيّن قائداً بـ «خبرة سورية» لهجومها على أوكرانيا
موسكو تتعرّض لضغوط بعد «مجزرة القطار» وتحذّر من مواجهة عسكرية مباشرة مع واشنطن
عقب تغيير استراتيجيتها لتركز هجومها على شرق أوكرانيا فقط، حيث يسيطر حلفاؤها الأوكران على جيبين انفصاليين، عيّنت موسكو قائداً جديداً لعملياتها لديه خبرة في حرب سورية، في حين حذّر سفيرها بواشنطن من احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين إذا استمرت إدارة بايدن في تجاهل المصالح الروسية.
مع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا أسبوعها السابع، عيّنت موسكو قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا، الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، قائدا جديدا للحرب في أوكرانيا، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن مسؤول غربي، مشيرا إلى أنه يملك خبرة كبيرة في معارك سورية، الأمر الذي لم تؤكده موسكو أو تنفيه حتى الآن. وأكدت «BBC» أن الجنرال دفورنيكوف، يقود الحرب الآن.وأوضح المسؤول الغربي، الذي لم يكشف هويته، أن روسيا أعادت تنظيم قيادة الحرب في أوكرانيا. وأضاف: «هذا القائد بالذات لديه خبرة كبيرة في العمليات العسكرية الروسية في سورية، لذلك نتوقع أن تتحسّن القيادة والسيطرة بشكل عام»، مشدّداً على أن «تعيين الجنرال دفورنيكوف يأتي في إطار تحسين التنسيق بين الوحدات المختلفة، حيث كانت روسيا تعتمد في السابق على مجموعات عسكرية تعمل بشكل منفصل ومن دون وجود قيادة موحدة».
«مجزرة القطار»
في غضون ذلك، تتعرّض روسيا لضغوط دولية بعدما اتهمتها أوكرانيا ودول الغرب بتنفيذها مجزرة جديدة بمحطة قطارات في كراماتورسك بشرق أوكرانيا، حيث كان مدنيون يتجمعون هربا من المنطقة خشية وقوع هجوم روسي، مما أسفر عن سقوط 53 قتيلا بينهم 5 أطفال.وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالة مصورة، «هذه جريمة حرب أخرى ترتكبها روسيا، وسيحاسب عليها كل شخص ضالع فيها». وأضاف: «ننتظر الآن ردا عالميا شديدا على جريمة الحرب هذه».واتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو بارتكاب «فظاعة مروعة»، بينما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، أنها «جريمة ضد الإنسانية»، في حين قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن «جرائم روسيا في أوكرانيا لن تبقى من دون عقاب»، فيما ندد المستشار الألماني أولاف شولتس بالقصف «المروع».وقال مسؤولون أوكرانيون إن آلاف الأشخاص كانوا ينتظرون قطارات إجلاء بمحطة كراماتورسك صباح الجمعة، في محاولة يائسة للفرار من القصف الروسي العنيف عبر منطقة دونيتسك الأوسع.وعند مدخل المحطة، بقايا صاروخ كتب عليها عبارة «من أجل أطفالنا». وهي عبارة غالبا ما يستخدمها الانفصاليون الموالون لروسيا، في إشارة إلى الأطفال الذين قتلوا منذ حرب دونباس الأولى التي بدأت عام 2014.إلا أن موسكو نفت مسؤوليتها عنها، مؤكّدة أنها لا تملك نوع الصواريخ المستخدمة. ونددت بحصول «استفزاز» أوكراني.ورفض مسؤول أميركي رفيع المستوى في وزارة الدفاع (البنتاغون) الموقف الروسي.وقال: «أُشيرَ إلى أنهم في البداية تحدثوا عن ضربة ناجحة، ثم تراجعوا فقط بعد ورود معلومات عن سقوط ضحايا مدنيين».وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت بالفعل، في وقت سابق، أن قواتها دمّرت بواسطة صواريخ دقيقة «أسلحة وعتادا عسكريا آخر في محطات بوكروفسك وسلوفيانسك وبارفينكوف»، وهي بلدات تقع قرب كراماتورسك «عاصمة» الجزء الخاضع لسيطرة أوكرانيا في دونباس.من ناحيتها، أعلنت الاستخبارات العسكرية البريطانية أن هجوم كراماتورسك يشير إلى أن روسيا تواصل استهداف الأوكرانيين غير المقاتلين.وأعلن عمدة بلدة ماكاريف القريبة من العاصمة الأوكرانية كييف، فاديم توكار، أمس، العثور على 132 مدنيا قتلوا برصاص القوات الروسية، بعد انسحابها من البلدة.وتقع ماكاريف على بُعد 48 كيلومترا غرب كييف، ولا تبعد سوى 28 كيلومترا عن بوتشا، البلدة التي تصدرت نشرات الأخبار، الأسبوع الماضي، إثر العثور على جثث المئات من سكانها بعد انسحاب القوات الروسية.فون ديرلاين والعقوبات
جاء هجوم كراماتورسك في اليوم نفسه الذي زارت فيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين كييف برفقة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، لإظهار التضامن وتسريع انضمام أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. ووصفت فون ديرلاين الهجوم بأنه «خسيس».وقالت خلال مؤتمر صحافي مشترك مع زيلينسكي، «أنا على ثقة عميقة بأن أوكرانيا والديموقراطية ستنتصران في هذه الحرب»، وشدّدت على أن «روسيا ستغرق في التفكك الاقتصادي والمالي والتكنولوجي، في حين تسير أوكرانيا نحو مستقبل أوروبي». وأضافت أن «معركتكم هي أيضا معركتنا. أنا هنا في كييف معكم لتوجيه رسالة بالغة القوة: الاتحاد الأوروبي الى جانبكم. نحن الى جانبكم».كما نددت بما حصل للمدنيين في بوتشا التي زارتها مع بوريل، وقالت: «لقد تحطمت إنسانيتنا في بوتشا، وما حصل هناك يرقى إلى جريمة حرب».وكشفت فون ديرلاين، عن تخصيص مليار يورو لدعم الجيش الأوكراني بالأسلحة، مع مقترح بتقديم 500 مليون يورو إضافية.وأضافت أنه يجري حشد القوة الاقتصادية ليدفع الرئسي الروسي فلاديمير بوتين الثمن، حيث يتم العمل على إصدار حزمة سادسة من العقوبات ضد روسيا.بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: «من المروع أن تقصف روسيا محطة قطار رئيسية يستخدمها مدنيون»، مشيرا إلى أن «هناك المزيد من الأسلحة في طريقها لأوكرانيا من الاتحاد الأوروبي».من جهتها، وصفت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، الهجوم على المحطة بأنه «مقزّز»، مؤكدةً أن الضربات الصاروخية الروسية «ليست وهمية ولا أكاذيب، وسيواجه المسؤولون عن جرائم الحرب العدالة».تصعيد أطلسي خطير
وفيما يبدو «تصعيدا أطلسياً خطيراً»، وفق خبراء عسكريين، وتجاهلاً للتحذيرات الروسية بهذا الخصوص، أعلن رئيس الوزراء السلوفاكي إدوارد هيغر بشكل مفاجئ، نقل بلاده منظومة الصواريخ S300 للدفاع الجوي إلى أوكرانيا، مؤكدا أن المنظومة الصاروخية أصبحت بالفعل موجودة هناك، وأنه تم نقلها بسريّة تامة خلال اليومين الماضيين، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أن هذه الخطوة «لا تعني أن سلوفاكيا ستصبح جزءا من الصراع المسلّح في هناك».وتقدم بايدن، بالشكر لسلوفاكيا لإقدامها على تلك الخطوة، وأعقب ذلك إعلان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أن واشنطن «ستضع منظومة باتريوت للدفاع الجوي في سلوفاكيا».ويخشى مراقبون من أن تسهم هذه الخطوة السلوفاكية التي حظيت بمباركة أميركية، «بإشعال فتيل صراع أوسع في شرق أوروبا، وانتشار النار الأوكرانية في هشيم منطقة، لطالما كانت تقليديا خطّ تماسّ روسي أطلسي».كما اعتبروا أن «استهداف روسيا لسلوفاكيا سيعني دخول حلف الناتو في الحرب، والذي لطالما شدّد على أنه سيتدخل عسكريا ضد روسيا، متى ما هاجمت موسكو أحد البلدان الأعضاء فيه».قوات روسية إضافية
وبينما أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، محاصرة القوات الروسية لمئات المرتزقة الأوروبيين في مدينة ماريوبول، مشيرا إلى أن الاستخبارات الروسية تعترض اتصالات المرتزقة التي يجرونها بـ 6 لغات، وصف السفير الروسي لدى واشنطن، أناتولي أنتونوف، تصرفات الدول الغربية «بأنها خطيرة واستفزازية»، مشيرا في مقابلة خاصة مع مجلة نيوزويك، إلى أنها «يمكن أن تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة». وقال أنتونوف: «الدول الغربية متورطة بشكل مباشر في الأحداث الجارية، حيث تواصل إمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة، وبالتالي إراقة المزيد من الدماء». ونحذّر من أن مثل هذه الأعمال خطيرة واستفزازية، لأنها موجهة ضد دولتنا وقد تقود الولايات المتحدة وروسيا إلى طريق المواجهة العسكرية المباشرة».كلينتون: عرضت على بوتين ويلتسين الانضمام إلى «الناتو»
قال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، إنه عرض على نظيريه الروسيين بوريس يلتسين ومن بعده فلاديمير بوتين إمكانية انضمام روسيا إلى حلف «الناتو».وأكد كلينتون، في مقال رأي لصحيفة «ذا أتلانتيك» The Atlantic «تطور العلاقات بين روسيا والحلف في التسعينيات»، لافتا إلى «مشاركة موسكو في برنامج الشراكة من أجل السلام، وإبرام قانون تأسيس روسيا والناتو، والتمويل الأميركي لانسحاب القوات الروسية من دول البلطيق، فضلا عن المشاركة الثنائية في بعض عمليات حفظ السلام». وأضاف: «طوال هذا الوقت أبقينا أبواب الناتو مفتوحة أمام دخول روسيا، وهو ما أوضحته ليلتسين، ثم لخليفته فلاديمير بوتين». ونفى المزاعم القائلة بأن «الولايات المتحدة تجاهلت ولم تحترم وحاولت عزل روسيا، ووصف هذه الادعاءات بأنها مزيفة»، مؤكداً أن أول زياراته الخارجية بعد توليه رئاسة الولايات المتحدة كانت لفانكوفر للقاء الرئيس يلتسين. إلا أن كلينتون أقر بأن «الناتو كان يتوسع شرقا بسبب اعتراضات موسكو»، واصفاً سياسة التحالف هذه بأنها «صحيحة».
«بوتشا جديدة» بعد العثور على 132 جثة لمدنيين قتلهم الروس في ماكاريف