حوار كيميائي: المجتمع المدني والقطاع التطوعي... فرص تنموية غير مستثمرة!
رفعت الأمم المتحدة شعار "لن نترك خلف الرَّكب أحداً" في خطة التنمية المستدامة 2030، الذي يتطلّب أن يصبح الناس أنفسهم عنصراً فاعلاً في إنفاذ الخطط الإنمائية، وهذا يتطلب الوصول إلى أوسع قاعدة شعبية لتفعيلهم والأخذ بأيديهم لإدماجهم في السياقات وتعبئتهم ليكونوا رافداً يساهم في تحقيق النتائج المرجوة، وهو ما التفتت إليه الخطط الإنمائية للدولة في "رؤية ٢٠٣٥" وفي أكثر من ٣٦ بنداً أكدت أشكال هذه الشراكة، حتى أن ركائز الاستراتيجية الوطنية للأسرة التي تمثّل أحد مدخلات الخطط الإنمائية نصّت في إحدى فقراتها على "وضع برامج تضمن مساهمة جميع فئات المجتمع لتعظيم قيمة رأس المال الاجتماعي".حتى اللحظة، وفي حدود ما اطّلعت، لم أجد ما أستند إليه لأطمئن إلى ترجمة هذا التوجه نحو مشاركة مؤسسات المجتمع المدني وجمعياته بشكل فاعل في برامج الخطط الإنمائية ومشاريعها التي تتجاوز المئتين، وهو ما استرعى انتباهي لطرح السؤال: كيف يبدو واقع المجتمع المدني في الكويت؟!وقد توصلت إلى أكثر من 300 واجهة تمثّل المؤسسات المسجلة تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، وأكثر من 700 فريق ومبادرة تطوعية مسجلة رسمياً في منصتَي "بادر" التابعة لوزارة الشؤون، و"أيادي" التابعة لهيئة الشباب، في المقابل توجد مئات النماذج المجتمعية "غير المهيكلة"، مثل الصناديق العائلية والأوقاف الذرّية والوصايا والأثلاث وغيرها.
منظومة المجتمع المدني اليوم تستوعب كفاءات المتقاعدين، وهي محضن لمئات الشباب المتطوعين، وتعدّ في بعض نماذجها المتميزة رديفاً حقيقياً للدولة، مثل الهلال الأحمر والهيئة الخيرية ونماء والرحمة العالمية وجمعيات السرطان ومبرات التعليم، ونحوها من مساهمات فاعلة ومؤثرة في اختصار بيروقراطية الأداء الحكومي وترهّل آلياته.تساؤلات أخرى مستحقة عن مؤشرات إسهام قطاع المجتمع المدني في الناتج المحلي، هناك إجابة عن سؤال برلماني أكدت أن المتوسط العام لإنفاق الجهات الخيرية سنوياً يصل إلى 200 مليون دينار، وإن بدت هذه المعلومة منذ سنوات، لكنّ الأرقام الحقيقية ربما تكون أكثر بكثير من هذا الرقم، وتساؤل عن نسبة الكوادر التي تستوعبها أشكال التطوع المؤسسي؛ سواء من حديثي التخرج أو من العاملين في القطاعين العام والخاص، وربما شرائح أخرى من ذوي الخبرة، خصوصاً حديثي التقاعد الذين يجدون في المجتمع المدني فرصة للإنتاج والإنجاز. ندرة أو عدم توافر هذه البيانات والمعلومات يتطّلب جدية التفكير في إطلاق مرصد وطني للمجتمع المدني يتولى إصدار بيانات إحصائية وتقارير دورية عن فاعلية هذا القطاع وحيوية الدور الذي يتولّاه وإسهامه الفعلي في التنمية الوطنية عبر دراسات قياس الأثر وتقييم الأداء، وما هي الفرص والخدمات التي يمكن أن تقدّم إلى هذا القطاع، وأن يتم تطوير قدرات الذي يتعاملون معهم في مؤسسات الدولة وماذا أنجزت الهيئات والوزارات في استراتيجية العمل التطوعي التي باركتها القيادة السياسية، وأقر مجلس الوزراء العمل بها، سيبقى هذا الملف حاضراً في أجندتي البرلمانية، وسأتولى متابعته شخصياً لتحقيق تحوُّل إيجابي في البيئة التشريعية والتنموية لهذا القطاع الحيوي الذي آن لنا الالتفات إلى الفرصة الكامنة فيه.«Catalyst» مادة حفازة: مبادرات غير مستثمرة + طاقات متنوعة = خسارة بشرية نوعية