أماطت القرارات الحكومية الصادرة أخيراً بشأن العودة الكاملة إلى مظاهر الحياة الطبيعية إلى ما كانت عليه قبل ظهور الجائحة، اللثام عن النقص الحاد في أعداد العمالة الوافدة، الذي يعانيه سوق العمل الكويتي في مختلف القطاعات، لا سيما على صعيد العمالة المهنية والحرفية التي لا غنى عنها، بل ويزداد عليها الطلب بصورة غير مسبوقة حالياً.وتشير الإحصاءات إلى أن هناك عشرات الآلاف من العمالة الوافدة بالقطاعين الأهلي والحكومي، غادرت البلاد نهائياً بصورة طوعية خلال الفترة الممتدة منذ بداية الوباء حتى الآن، بخلاف الذين سقطت إقاماتهم وهم خارج الكويت، ولم يستطيعوا العودة مجدداً، غير أن ما يزيد على 80 بالمئة من نسبة هذه العمالة كانت مسجلة بالقطاع الأهلي، حيث استحوذت «الحرفية» منها على نصيب الأسد، مما انعكس وبالاً على «جيب» المواطن والمقيم، لا سيما أن الأمر متعلّق بسياسة العرض والطلب، وسط نقص هذه العمالة فمن المؤكد زيادة أسعار الخدمات التي اكتوى بنارها الجميع؛ بداية من المقاول الذي ينفّذ مشروعات ضخمة، ومروراً بالمواطن العادي الراغب في بناء منزل أو ترميمه، وصولاً إلى الخدمات الشخصية كحياكة الملابس وغيرها، في ظل التغيّر الجذري الملحوظ بأسعار تقديم الخدمات، مقارنة بما قبل الجائحة الذي قد يصل إلى الضعف تقريباً.
وافدو الـ 60 عاماً
أما على صعيد العمالة الوافدة أصحاب الـ 60 عاماً من دون حمَلة الشهادات الجامعية، الصادر بحقهم أخيراً قرار يسمح بتجديد إقاماتهم نظير دفع رسوم سنوية تقدّر بنحو 750 دينارا (250 لتجديد إذن العمل، و500 لوثيقة التأمين)، فقد بدأت التداعيات السلبية للفترة الممتدة ما بين قرارَي الحظر والسماح بالتجديد، التي تجازوت العام تقريباً، في الظهور حتى باتت جليّة وواضحة في العديد من المهن.فقد شهدت هذه الفترة مغادرة ما يزيد على 7 آلاف عامل منهم أثّروا مباشرة على السوق، وضاعفوا معاناته من نقص العمالة، وخير دليل على ذلك شكاوى المواطنين جراء تأخرهم في تسلّم «دشاديشهم» إلى ما بعد عيد الفطر، حيث تسببت هذه الفترة في مغادرة مئات الخياطين أصحاب الـ 60 عاماً، لاسيما أصحاب الخبرة والكفاءة، حتى بات العدد الحالي لا يُسعف أصحاب المحالّ لقبول الطلبات الجديدة، في ظل نقص العمالة المدربة.%60 نقصاً بـ «المنزلية»
وبشأن العمالة المنزلية، يؤكد المتخصص في شؤونها، بسام الشمري، أنه رغم قرارات الانفتاح العام، فإن السوق المحلي لا يزال يعاني نقصاً حاداً في أعداد تلك العمالة بنسبة تقارب 60 بالمئة، موضحا أن المكاتب تعاني بشدة قلة الطلبات، رغم الحاجة الملحّة، نتيجة حصر الاستقدام في عدد من الدول باتت عمالتها تحجم عن المجيء إلى الكويت.وذكر الشمري، لـ «الجريدة»، أن الكويت لا تزال طاردة للعمالة المنزلية، مدللا على ذلك بقلّة مذكرات التفاهم بشأن الاستقدام والاستخدام الموقّعة بين الكويت والدول المصدّرة لهذه العمالة، مضيفا «كنّا نضع آمالاً كبيرة على إنجاز الجهات الحكومية مذكّرة التفاهم الخاصة باستقدام العمالة المنزلية الإثيوبية، غير أنه لم يتحقق أي شيء بهذا الشأن منذ أشهر».ولفت إلى أن ثمة أسبابا عدة لتفضيل العاملات المنزليات السفر إلى الدول المجاورة دون القدوم إلى الكويت، ومنها سرعة تسلّم المستحقات المالية كافة قبل المغادرة، وسرعة الفصل في المنازعات العمالية، فضلاً عن تراجع قضايا المطالبات المالية الخاصة بالراتب الشهري أو نهاية الخدمة.وتابع: «في المقابل تشهد الكويت زيادة ملحوظة في أعداد القضايا العمالية الخاصة بالمستحقات المالية، حيث يعد هذا السبب أحد أبرز عوامل عزوف هذه العمالة عن القدوم إلى البلاد».