رئاسية فرنسا: امتناع في «الأولى» ومصير ماكرون بـ«الثانية»
● لوبن: الاقتراع يحسم وجهتنا لـ 50 عاماً
● ميلونشون يراهن على توحيد اليسار
اقترع الفرنسيون في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تميزت بامتناع كبير عن التصويت، وسباق محموم لم يكن متوقعاً بين الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، ومنافسته للمرة الثانية مارين لوبن.
أدلى الناخبون الفرنسيون، أمس، بأصواتهم في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تأثرت بالحرب في أوكرانيا، قبل منافسة حادة ممكنة في 24 أبريل بالدورة الثانية بين إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، التي لم تكن يوماً قريبة إلى هذا الحد من الفوز.وفتحت صناديق الاقتراع أبوابها عند الساعة الثامنة في فرنسا، ودعي نحو 48.7 مليون فرنسي إلى مراكز الاقتراع، لاختيار واحد من 12 مرشحا بالدورة الأولى في نهاية حملة غريبة طغى عليها وباء «كوفيد-19» أولا، ثم الحرب في أوكرانيا، التي هيمنت على جزء من النقاشات. وتختتم هذه الدورة حملة استمرت شهورا، وغابت عنها الرهانات الكبرى، خصوصا تغير المناخ. من جهة أخرى، كانت القوة الشرائية الشغل الشاغل للناخبين، لاسيما أن الحرب بأوكرانيا تسببت في تضخم كبير، ما زاد من تآكل القدرات المالية للعديد من الفرنسيين الذين يعيشون في وضع هش.
دخول متأخر
وقبل أسابيع فقط، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز سهل لماكرون، المؤيد للاتحاد الأوروبي، والذي تعزز موقفه بفضل دبلوماسيته النشطة بشأن أوكرانيا والتعافي الاقتصادي القوي بعد الوباء، إضافة إلى ضعف المعارضة المتشرذمة.لكن شعبية الرئيس، الذي ينتمي لتيار الوسط، تراجعت لعدة أسباب، منها دخوله المتأخر إلى الحملة الانتخابية، إذ لم يعقد سوى تجمع انتخابي واحد كبير، وهو الأمر الذي اعتبره حتى أنصاره مخيبا للآمال، وتركيزه على خطة لا تحظى بالشعبية لرفع سن التقاعد، إلى جانب الارتفاع الحاد في التضخم.وحاول ماكرون تقديم صورة زعيم تشغله الأزمات الصحية والدولية، وهو أمر خدمه في البداية، قبل أن يجعله يبدو منفصلا عن الاهتمامات اليومية للفرنسيين.وفي محيط الرئيس، تعترف مصادر بأن رد فعل «الجبهة الجمهورية» الذي استفاد منه عندما انتخب في 2017، لم يعد واضحا. واعترف مستشار في الأغلبية بأن «مجرد قول الأمر لن يمر (فوز لوبن) لن يجدي هذه المرة».في المقابل، وبعد هزيمتها عام 2017، وشعورها بالارتباك لبعض الوقت، إثر ظهور إريك زمور اليهودي الجزائري في المشهد اليميني المتطرف، تجاوزت لوبن تدريجيا تعثرها، واستعادت بريقها إلى حد أنها قدمت نفسها خلال آخر تجمع نظمته الجمعة بأنها تمثل «فرنسا الهادئة» في مواجهة ماكرون «العدواني» و»المضطرب».وظهرت ابنة اليميني المتطرف جان ماري لوبن صاحب الخطب النارية، ووريثته السياسية على أنها «معتدلة»، بفضل خطاب زمور اليهودي الجزائري المتشدد ضد الإسلام والهجرة. وقالت لوبن بعد الادلاء بصوتها انها مطمئة ومتفائلة الى التصويت مضيفة ان الاقتراع مهم وسيحسم وجه فرنسا ربما للسنوات الـ 50 المقبلة.شبح الامتناع
ويخيم شبح الامتناع عن التصويت على هذه الانتخابات. وذكرت وزراة الداخلية الفرنسية أن 48. 25% من الناخبين الفرنسيين المسجلين أدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى بحلول الظهر في نسبة أدنى من تلك التي سجلت في نفس الوقت في 2017.ومنذ أسابيع تشير استطلاعات الرأي إلى امتناع كبير عن التصويت، وترجح أن يأتي الرئيس المنتهية ولايته في الطليعة، متقدما على لوبن، كما في انتخابات 2017، فيما يأتي المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلونشون في المركز الثالث. وتميل الدراسات العديدة إلى إظهار أن لوبن وميلونشون يشهدان منذ أيام مسار تقدم، مما يقلص إلى حد كبير الفارق مع ماكرون. لكن الامتناع عن التصويت إلى جانب واقع أن جزءا كبيرا من الناخبين ليسوا متأكدين من اختيارهم، يجعل كل الاحتمالات ممكنة.ووراء هؤلاء المرشحين الثلاثة، يبدو الطامحون الآخرون إلى الرئاسة بعيدين عن تحقيق ذلك، لاسيما مرشحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس، والمنافس اليميني المتطرف الآخر إريك زمور.وفي الدورة الثانية، ترجح استطلاعات الرأي فوز ماكرون، لكن بفارق ضئيل جدا على لوبن، ما يشير إلى أن فوز مرشحة اليمين المتطرف ممكن، ويشكل - إن تحقق - سابقة مزدوجة في الجمهورية الخامسة تتمثل بتولي سيدة الرئاسة ووصول اليمين المتطرف إلى السلطة.وأمام احتمال تحقيق اليمين القومي انتصارا، أعلن بعض المرشحين الموقف الذي سيتبنونه. فقد أكد «الشيوعي» روسيل أنه سيعترض طريق لوبن، ما يعني عمليا التصويت لماكرون، فيما أعلنت فاليري بيكريس أنها لن تصدر توجيهات، لكنها ستقول لمن ستصوت في الدورة الثانية. لكن رغم إعلان مرشح "الشيوعي" نيته التصويت السلبي ضد لوين، قال العديد من الناخبين اليساريين لمنظمي استطلاعات الرأي إنهم لن يصوتوا لمصلحة ماكرون في جولة الثانية لمجرد إبعاد لوبن عن السلطة، خلافا لما حدث في 2017.2- في المقابل، يأمل أنصار ميلونشون حدوث طفرة مع اقتراب الحزب الاشتراكي، الرمز التقليدي لتيار يسار الوسط، من فقدان البوصلة ومعاناة حزب الخضر في حشد قاعدة دعم واسعة، ما يعطي ميلونشون فرصة للناخبين اليساريين للالتفاف حوله.