يصوّت البرلمان الباكستاني اليوم على تعيين رئيس جديد للحكومة؛ من المتوقع أن يكون محمد شهباز شريف (70 عاما)، زعيم حزب الرابطة الإٍسلامية والشقيق الأصغر لرئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي تولّى المنصب 3 مرات.وفي سابقة تاريخية، نجح البرلمان في عزل عمران خان «ديموقراطياً» من رئاسة الحكومة، على عكس أسلافه الذين لم يكمل أي منهم ولايته منذ الاستقلال عام 1947 بسبب تدخّل الجيش.
وصوّت 174 نائباً من أصل 342 على سحب الثقة من خان (69 عاماً)، الذي وجّه اللوم في خسارة سياسية ثقيلة الى «مؤامرة أميركية». وأياً كان مَن سيتولى رئاسة الحكومة، فإنه سيرث المشاكل نفسها التي عرقلت مسيرة الرياضي السابق. وسيكون على رأس جدول أعمال الحكومة الجديدة مواجهة أزمة اقتصادية كبيرة إضافة لتصاعد الحركات المتشددة والعلاقات الداخلية والخارجية المتدهورة مع الحلفاء السابقين.فقد اجتمعت أعباء الديون الثقيلة مع تضخّم متسارع وعملة وطنية ضعيفة لتبقي على النمو في حالة ركود خلال السنوات الثلاث الماضية، مع أمل ضئيل بتحقيق تحسّن حقيقي.وقال نائب رئيس المعهد الباكستاني لاقتصادات التنمية في إسلام أباد نديم الحق «ليس لدينا أي توجّه محدد»، مضيفا «هناك حاجة لإجراء إصلاح جذري للسياسات».ويبلغ معدل التضخم أكثر من 12 بالمئة والديون الخارجية وصلت الى 130 مليار دولار أو 43 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أن الروبية وصلت إلى 190 مقابل الدولار، بفقدان قرابة ثلث قيمتها منذ تولي خان السلطة.ولم تتمكن الحكومة من استكمال تنفيذ برنامج إنقاذ لصندوق النقد الدولي بنحو 6 مليارات دولار، وقع عليه خان عام 2019، بعد أن تراجعت عن تطبيق اتفاقيات بخفض أو إنهاء الدعم على سلع معيّنة وتحسين الإيرادات وتحصيل الضرائب.وأكد رئيس مجلس الأعمال الباكستاني إحسان مالك «حزمة صندوق النقد الدولي يجب أن تستمر».لكن جانبا مشرقا وسط هذه الأزمات تم رصده مع تسجيل التحويلات المالية للمغتربين الباكستانيين معدلات مرتفعة غير مسبوقة، على الرغم من أن هذه التدفقات النقدية وضعت باكستان في منظار مجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.ويصف جعفر أحمد هذا الوضع بأنه «سيف معلّق يمكن أن يسقط على البلاد في أي وقت».الى ذلك، صعّدت «طالبان باكستان»، وهي حركة منفصلة عن «طالبان أفغانستان»، إلّا أنها تتشارك معها جذورا مشتركة، من هجماتها في الأشهر الأخيرة.وهددت الحركة المتشددة التي تم تحميلها سابقا مسؤولية سلسلة هجمات دامية، بشنّ هجمات أخرى ضد القوات الحكومية خلال شهر رمضان.وحاول خان التفاوض مع «تحريك طالبان باكستان»، لكنّ المحادثات لم تصل إلى أي مكان العام الماضي وقبل انتهاء مهلة هدنة استمرت لمدة شهر.وتقول «طالبان الأفغانية» إنها لن تسمح باستخدام أراضيها قاعدة للمسلحين الأجانب، ولكنّ العبرة تبقى في وضع حد لأنشطة آلاف الإسلاميين الباكستانيين المتمركزين في أفغانستان عند الحدود مع باكستان، وتحديد الوجهة التي سيقصدونها في حال تم طردهم.واعتبر خبراء أنه لا توجد حلول سهلة حتى بالنسبة للحكومة المقبلة.وقال المحلل السياسي رفيع الله كاكار «تحدي التمرد سيبقى بنفس الحجم والخطورة أمام الحكومة الجديدة».وفي ولاية بلوشستان الأكبر في باكستان والغنية بالموارد الطبيعية والمعادن، يطالب الانفصاليون هناك منذ سنوات بمزيد من الحكم الذاتي ونصيب أكبر من الثروة، وسط نزاعات طائفية وعنف الإسلاميين.واقترح كاكار مقاربة من شقين لمواجهة هذه الأزمة تبدأ بتطبيق «إجراءات بناء ثقة ومصالحة سياسية» في بلوشستان، مع خلع قفازات الأطفال في التعامل مع طالبان و«لمرة أولى وأخيرة».ويزعم خان أن الولايات المتحدة وراء إقالته بالتآمر مع المعارضة، والحكومة المقبلة عليها أن تعمل بكدّ لإصلاح تدهور العلاقة مع واشنطن التي تعدّ موردا رئيسيا للسلاح في مواجهة العلاقة بين روسيا والهند.وأثار خان غضب الغرب بمواصلة زيارته إلى موسكو في اليوم نفسه الذي غزت فيه روسيا أوكرانيا، وكان أيضا من بين القادة القلائل في العالم الذين حضروا افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين عندما قاطعها آخرون احتجاجا على سجل الصين في مجال حقوق الإنسان.ومع ذلك، أزال قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا بعض المخاوف نهاية الأسبوع الماضي بإعلانه أن العلاقة الجيدة مع الولايات المتحدة تبقى ضمن أولويات باكستان، مع الأخذ بعين الاعتبار نفوذ الجيش الباكستاني بغضّ النظر عن الإدارة المدنية في السلطة.
دوليات
باكستان: شريف يتجه إلى رئاسة الحكومة... و3 تحديات تفرض نفسها
11-04-2022