تظاهر المئات في البصرة أمام منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران لليوم الثاني على التوالي، احتجاجا على ارتفاع أسعار المواد الغذائية في شهر رمضان، مطالبين بتسهيل دخول البضائع، وتعليق قيود الاستيراد والضرائب، لكن الأمر تطور ليلة الأحد حين اقتحم بعضهم حرم المنفذ، وفتحوا الطريق أمام دخول عشرات الشاحنات دونما تدقيق.

وقال ساسة وناشطون في المدينة، وهي المركز التجاري والنفطي الرئيسي للعراق، إن اقتحام المنفذ الحدودي جرى برعاية معلنة من شخصيات بارزة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، ولم يستبعد خبراء في السوق ورجال أمن استغلال الفصائل عملية الاقتحام في تهريب أسلحة أو مواد محظورة كالمخدرات، حيث تعد البصرة بحدودها المائية والبرية الواسعة مع إيران معبرا تقليديا لهذه التجارة. وتحدثت شخصيات سياسية عن بدء الفصائل مرحلة جديدة من الضغط على رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي وحليفه زعيم التيار الصدري، ضمن مواجهة يخوضانها ضد نفوذ حلفاء طهران المتزايد، كان آخرها في ملف تشكيل الحكومة، حيث يرفض مقتدى الصدر الفائز الأول في الانتخابات، إشراك ممثلي الفصائل في مفاوضات الكتل النيابية لتأليف الوزارة الجديدة.

Ad

ووصل الأمر بزعيم التيار الصدري إلى إعلان اعتكاف يدوم شهرا، قال إنه بمنزلة مهلة لحلفاء طهران في الإطار التنسيقي، كي يخوضوا بمفردهم مشاورات مع السنة والأكراد لتشكيل حكومة، ويبقى هو في خندق المعارضة النيابية، لكن السنة والأكراد يرفضون كذلك التفاوض مع قوى الإطار المتهمة باستخدام شتى أنواع العنف في إدارة الخلافات العابرة للحدود.

وحذرت الأوساط السياسية من أن يأس قوى الإطار عن الدخول في تشكيلة الحكومة، قد يدفعها إلى الانخراط في ضغوط خطيرة على بغداد، منها استغلال الأزمات الاجتماعية وموجة الغلاء، ونقصا متوقعا في إمدادات الطاقة مع دخول الصيف، لتعبئة الجمهور وتنظيم احتجاجات في مدن مهمة مثل البصرة وبغداد.

ويخيم الحذر على الأوساط السياسية القلقة من أن يؤدي الانسداد السياسي ونجاح قوى الإطار في تعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ثلاث مرات، الى انفلات في قواعد الاشتباك بين الصدر وحلفاء طهران. وشوهد ثلاثة من زعامات الفصائل على الأقل في منفذ البصرة اثناء اقتحام المحتجين له، وقال أحدهم ويدعى ابو تراب التميمي، في تسجيل بثته محطات محلية، إنه يحتفل بالذكرى التاسعة عشرة لسقوط صدام حسين، والتي مرت يوم السبت، بتنظيم هذا الاحتجاج على الغلاء، مع الآلاف من أبناء المدينة، بينما ظهرت شخصيات أخرى من الفصائل في وسائل الإعلام تحرض الجمهور على مواصلة الاحتجاجات. واستخدم ما يبدو أنهم أنصار للفصائل أساليب تشبه طريقة حراك تشرين الشعبي الذي انطلق عام ٢٠١٩، في التعبير عن المطالب، وقدمت الفصائل أمام احتجاجاتها، نساء وفتيات بمظهر حسن، في تقليد واضح لحراك تشرين الذي تعرض قبل عامين لقمع شديد تتهم الفصائل ذاتها بالتورط فيه.

وتراجعت شعبية قوى الإطار الموالية لإيران كثيرا، نتيجة تصادمها مع الحراك الشعبي ومع أجهزة الدولة طوال الأعوام السابقة، حتى ان الصدر انتهز الفرصة واشترط على الفصائل نزع سلاحها، الأمر الذي ترفضه بشدة.

ويحذر الخبراء أن من الممكن لهذه الميليشيات استغلال غضب الناس، وإحداث خروق أمنية خطيرة تحرج الحكومة وتحالف الأغلبية الذي يحاول تشكيل حكومة جديدة بأقل مستويات النفوذ للفصائل.

محمد البصري