رياح وأوتاد: مناقشة هادئة لقرار وزير الداخلية
لم أتوقع أن يكون جزاء أبناء وزارة الداخلية الذين نجحوا في مداهمة بعض أصحاب الحسابات الوهمية المسيئة (لا حساب شخص واحد) هو التجميد والنقل إلى ديوان الوزارة. أولا: لأن مكافحة الجريمة واجب رجال الأمن، فهم لم يقوموا إلا بواجبهم أصلاً.ثانياً: أي حساب وهمي يسيء للناس أو يخالف القانون فهو مرتكب جريمة ويجب محاسبته عليها، وهنا يكون دور وزارة الداخلية، والمفترض على كل من يخشى على حرمة منزله من مداهمة رجال الأمن ألا يدنسه بهذه الجرائم القذرة ثم يتباكى على حرمته.
ثالثاً: لا شك أن الإساءة إلى كرامات الناس والطعن في أعراضهم والسباب والتشويه بالكذب والإشاعات في هذه الحسابات كلها تعد من الجرائم الخطيرة التي تسيء إلى المجتمع بأسره، وتؤدي إلى الفساد والانقسام وزرع الفتن بين جوانبه. رابعاً: حذر سمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، في افتتاح المجلس الحالي من الحسابات المسيئة وبين خطرها ودعا مجلس الأمة إلى التصدي لها، وكذلك فعل الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الراحل، رحمه الله، في افتتاح أكثر من دور من أدوار مجلس الأمة، ولكن أعضاء مجلس الأمة لم يستجيبوا لتوجيهاتهما، فهل يعاقب رجال الداخلية لأنهم استجابوا لتوجيهات الأمير؟ خامساً: ثبت حصول رجال الداخلية على إذن النيابة بالدخول ليلاً والتفتيش، وتم ذلك في الوقت نفسه، كما تقضي القوانين، ولو تأخر رجال الأمن لكان ذلك مخالفة لإذن النيابة ولضاعت الأدلة والمضبوطات. سادساً: أمرت النيابة بعد التحقيق مع المقبوض عليهم بالحبس في السجن المركزي. سابعاً: القانون يعطي الحق لرجال الأمن بالدخول إلى أي مكان بعد الحصول على إذن النيابة بالتفتيش، فالإجراء كان سليماً قانوناً. ثامناً: جريمة الطعن في أعراض الناس والتزوير عليهم وإثارة الفتن والبلبلة هي مخالفات شرعية توعد الله مرتكبها بالعقوبات في الدنيا والآخرة، وهي ليست جريمة قانونية عابرة، وليست خلافا شخصيا بين الأفراد، ولا أعتقد أن وزير الداخلية الذي عُرف بأخلاقه وتدينه يجهل ذلك. تاسعاً: بعد نشر ما دوّنه صاحب أحد الحسابات وانكشف مقدار الفحش والبذاءة فيه تبين أن تحريات رجال الأمن كانت صحيحة وعملهم كان سليماً. عاشراً: كثرت الشكاوى من المواطنين على أصحاب الحسابات المسيئة الذين يتطاولون على حقوق الناس ومصالحهم وكراماتهم وخصوصياتهم حتى وصلت إلى آلاف الشكاوى، ولا يجوز أن تقف وزارة الداخلية موقف الساكت أو العاجز أمام هذه الشكاوى وعن ملاحقة المعنيين بها. والخلاصة أن الإجراء الذي كان يجب اتخاذه هو تشجيع الضباط واستمرار ملاحقة جميع أوكار الحسابات الوهمية المسيئة، سواء كانت هذه الحسابات محسوبة على المعارضة أو الحكومة، أو رئيس المجلس أو أياً كان، ولا يجوز أن تقف الحكومة متفرجة على هذه الحرب الدائرة والفتنة الكبرى التي تعصف بالبلاد. أما إذا ارتكب أحد رجال الأمن خطأ ما أثناء العمل فيجب التحقق من هذا الخطأ، والتأكد منه واتخاذ الإجراء المتدرج المناسب له دون تعسف كما تقضي اللوائح بذلك، كما يجب نشره في بيان واضح حتى لا يعتقد الناس وخصوصاً رجال الأمن أن الإجراء الذي تم بحقهم هو حماية للحسابات المسيئة أو كان نتيجة ضغط بعض المتنفذين أو بعض أعضاء مجلس الأمة، ويترددون نتيجة لذلك عن أداء واجبهم. للأسف وبالرغم من هذه الحقائق كلها لم يعلن حتى الآن سبب الإجراء الذي تم بخصوص الضباط، وكل الخشية أن تتوقف الآن ملاحقة الحسابات الوهمية المسيئة.لقد أحدثت الحسابات الوهمية المسيئة دماراً كبيراً في البلاد من نشر الأكاذيب والتزوير والطعن في الآخرين والتحريض على رموز ومؤسسات البلاد وزرع معلومات ومفاهيم خاطئة وخطرة ترتب على تصديقها خلق توجهات شعبية مضرة للمالية العامة بينما الحكومة غائبة عن تصحيح المفاهيم وبيان الحقائق وملاحقة المسيء حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه من تنازلات حكومية ستودي بالبلاد إلى القاع.