في التفاصيل أيضاً، اتبع الاتحاد الأوروبي نفس الخُطا وفرض حظراً على واردات الفحم فقط، كما مدد الحظر على الشاحنات والسفن الروسية لمنعها من دخول الاتحاد الأوروبي، وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان.من جهة أخرى، واصلت أوكرانيا طلب المساعدات بينما تستعد القوات الروسية لهجومها الجديد على المنطقة الشرقية من أوكرانيا.
وكان الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية والوقود العالمية، نتيجة اضطرابات سلسلة التوريد التي تسببت بها الحرب، أدى إلى تزايد التحديات التي يتعرض لها محافظو البنوك المركزية بكل أنحاء العالم في معركتهم ضد التضخم المتزايد والمحتمل، كما ساهم ايضاً في تعقيد آفاق النمو الاقتصادي.
اشتعال معدلات التضخم الأميركي
يبدو أن الاقتصاد الأميركي شهد أداءً جيداً خلال الربع الأول من عام 2022 رغم الضغوط التضخمية وتوقعات ارتفاع أسعار الفائدة مما أثر سلباً على التوقعات. ومع ارتفاع معدل التضخم ليسجل أعلى مستوياته خلال أربعة عقود، اختتم الأسبوع بإعلان وصول طلبات إعانة البطالة إلى 166 ألف طلب، مما يعد أدنى مستوياته المسجلة منذ عام 1968، مقابل توقعات بأن يصل إلى 201 ألف طلب مقارنة بمطالبات الأسبوع السابق التي بلغت 171 ألفاً، مما يعكس تشديد أوضاع سوق العمل. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في مارس إلى 58.3 نقطة مقابل 56.6 نقطة الشهر السابق، بفضل تزايد معدلات التوظيف والطلبات الجديدة. كذلك في قطاع التصنيع، حيث ارتفعت أسعار المدخلات أيضاً وسط تزايد معدلات التضخم في كل أنحاء الاقتصاد الأميركي. وتتجه الأنظار حالياً إلى البيانات الاقتصادية الشهرية الجديدة، إذ سيتم الإعلان عن بيانات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المستهلك الأساسي غداً، كما سيصدر مؤشر أسعار المنتجين بعد غد، وبيانات مبيعات التجزئة الخميس.ودفعت البيانات الأخيرة إلى تشديد الاحتياطي الفدرالي للسياسات النقدية في إطار مساعيه لكبح جماح التضخم كأحد أبرز الأولويات التي يسعى لتحقيقها. وكشف محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في اجتماع مارس عن خطة لخفض الأصول بمقدار 95 مليار دولار شهرياً، أي ما يقرب من ضعف مستوى الذروة البالغ 50 ملياراً المستخدم في فترة التشديد السابقة الممتدة ما بين عامي 2017 و2019. وعلى وجه التحديد، سيترجم الخفض المقترح إلى 60 مليار دولار من سندات الخزانة و35 ملياراً من الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. إضافة إلى ذلك، أتاح ذلك المجال إلى توقع رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بعد الكشف عن أن العديد من المسؤولين فضلوا تلك النسبة في الاجتماع الأخير، الذي تم تأجيله بصفة رئيسية في ظل الحرب الروسية. وصرح جيمس بولارد، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس، بأنه يفضل رفع سعر الفائدة إلى 3 - 3.25 في المئة في النصف الثاني من العام الحالي، في حين أشار كلا من تشارلز إيفانز، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في شيكاغو، ورفائيل بوستيك، رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا، إلى إنهما يفضلان رفع أسعار الفائدة إلى مستوى متعادل مع مراقبة أداء الاقتصاد.ردة فعل الأسواق
على الرغم من استبعاد مخاوف الركود وطمأنة رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول بأن الولايات المتحدة قادرة على تحمل ارتفاع أسعار الفائدة، فإن الأسواق المالية كانت في حالة تأهب نظراً إلى توقعها تداعيات نتيجة حملة تشديد السياسات النقدية على النمو الاقتصادي. وساهم محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة في تراجع سندات الخزينة، مما أدى إلى ارتفاع عائد سندات الخزينة لأجل 10 سنوات إلى 2.70 في المئة وعائد السندات لأجل عامين إلى 2.51 في المئة بعد المخاوف الأولية التي أحدثها محضر الاجتماع. وكان تعافي الأسهم من الخوف من محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفدرالي قصير الأجل وانتهت معظم المؤشرات الرئيسية في انخفاض، باستثناء مؤشر داو جونزثبات الدولار
ارتفع الدولار بدعم من القفزة التي شهدتها عوائد سندات الخزينة وتشديد الاحتياطي الفدرالي لسياساته النقدية. ووصل مؤشر الدولار إلى 100 نقطة للمرة الأولى منذ عامين ليعود ويفقد الزخم في وقت لاحق وينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 99.796 نقطة. وكانت العملات الأوروبية الأكثر تضرراً، إذ بدأت في التراجع تحت وطأة العقوبات التي فرضتها على روسيا مما انعكس سلباً على اقتصاداتها. وفشل اليورو في الاستفادة من محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي المتشدد وظل متراجعاً لينهي تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 1.0880، كما تراجع مؤشر الجنيه الإسترليني، وأنهى تداولات الأسبوع متراجعاً إلى مستوى 1.3034، وانخفض الدولار الأسترالي مرة أخرى إلى0.7457 بعد تشديد الولايات المتحدة لسياستها النقدة بمستويات تخطت سياسات الاحتياطي الأسترالي. من جهة أخرى، تأثر الين الياباني على خلفية استمرار اتساع الفجوة بين سياسات بنك اليابان والاحتياطي الفدرالي، وأنهى تداولات الأسبوع فوق مستوى 124.نمو ممزق وتفاؤل خافت في أوروبا
تتعامل الدول الأوروبية مع تداعيات العقوبات التي فرضتها على روسيا وانعكاس ذلك على اقتصاداتها، إذ ارتفع معدل التضخم إلى 7.5 في المئة في مارس، بزيادة كبيرة من مستوى الذروة لتوقعات البنك المركزي الأوروبي البالغة 5.1 في المئة وسط استمرار تضخم أسعار المواد الغذائية والطاقة واختناقات التصنيع العالمية. وبالأخذ في الاعتبار اعتماد المنطقة بشكل كبير على الطاقة الروسية، فقد عطلت الحرب والعقوبات اتجاه النمو الأخير وبدأت في الإضرار بمستويات الثقة. وشهدت ألمانيا انخفاض إنتاج المصانع في فبراير للمرة الأولى في أربعة أشهر بنسبة 2.2 في المئة، مما أدى إلى محو مكاسب الشهر السابق البالغة 2.3 في المئة. ولم تصل مبيعات التجزئة في الاتحاد الأوروبي في فبراير إلى مستوى التوقعات عقب تسجيلها ارتفاع بنسبة 0.3 في المئة مقابل توقعات بتسجيلها ارتفاع بنسبة 0.6 في المئة، لكنها حققت أداءً أفضل من مكاسب يناير البالغة 0.2 في المئة. ومن المقرر أن يصدر مؤشر ZEW لمعنويات الاقتصاد الألماني والاتحاد الأوروبي غداً.«المركزي» الأوروبي بين المطرقة والسندان
على الرغم من تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد، فإن تزايد معدلات التضخم في منطقة اليورو بصورة مفاجئة أضاف المزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي لمراجعة بيانات التضخم وتغيير موقفه من سياسته النقدية. وبعد أن قرر البنك المركزي وقف برنامج مشتريات الأصول في سبتمبر المقبل، زادت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من مساحة المناورة حيث أضعفت الرابط بين إنهاء برنامج مشتريات الأصول وبدء رفع أسعار الفائدة. وأشار اجتماع السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي في مارس إلى حرص صانعي السياسات النقدية على كبح التضخم وعزمهم المضي في مسارهم نحو تشديد السياسات النقدية. وتعتبر الحرب الدائرة في المنطقة من أبرز القضايا الشائكة التي تهدد آفاق النمو الاقتصادي. ومن غير المتوقع أن يقدم الاجتماع القادم للبنك المركزي الأوروبي المقرر عقده الخميس المقبل أي تغييرات، لكن الأسواق تواصل التسعير في مسار أسرع مما تبرره إشارات البنك المركزي الأوروبي، مع توقع تشديد السياسة على الأرجح في يونيو المقبل.سلسلة مشاكل في الصين
واصلت الصين التشبث بسياسة صارمة لمنع انتشار الفيروس، مما شكل ضغوطاً على اقتصادها. وأعاقت القيود المفروضة لاحتواء الفيروس محركات نمو الاستهلاك التقليدية، وفرضت قيود على التنقل، وأثرت سلباً على طلب العملاء. وتلقى قطاع الخدمات الصيني ضربة هائلة في مارس، حيث تقلص مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات من Caixin إلى 42 مقابل 50.2 الشهر السابق مما يعد أسرع وتيرة تراجع يسجلها في عامين ويشير إلى انكماش اقتصادي. ووفقاً لمؤشر مديري المشتريات، وصل النشاط التجاري الجديد إلى أدنى مستوياته منذ مارس 2020، وسجلت الصادرات الجديدة أيضاً أدنى مستوياتها منذ العام 2020. ومن أبرز البيانات الاقتصادية التي ستصدر اليوم بيانات مؤشر أسعار المستهلكين السنوي ومؤشر أسعار المنتجين.وصرح بنك الشعب الصيني أنه سيقدم على تيسير السياسة النقدية في «الوقت المناسب» والبحث عن تدابير جديدة لتعزيز الاستهلاك في الوقت الذي تكافح فيه السلطات تزايد أعداد الإصابات بفيروس كورونا، وتراجع سوق العقارات، وارتفاع أسعار السلع الأساسية. ومن المقرر ان يعقد البنك المركزي اجتماعه المقبل في 19 أبريل.استمرار السياسات التيسيرية
ما يزال بنك اليابان ملتزماً بتطبيق سياساته التيسيرية، حيث تدخل عدة مرات لمنع ارتفاع عائد السندات فوق مستوى 0.25 في المئة. وأثرت الحرب المستمرة، وضعف الين، والضغوط التضخمية عالمياً على القوة الشرائية للأسر والقطاع الاستهلاكي. وتوقف نمو الأجور الحقيقي في فبراير حيث تقاربت الأجور المرتفعة مع تزايد معدلات التضخم، مما أدى إلى العزوف عن الشراء ما أدى إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي. وأشار المدير التنفيذي السابق لبنك اليابان إلى أن بنك اليابان قد يعدل سيطرته على العائدات في أقرب وقت هذا الصيف بسبب مخاوف من ضعف الين والاستياء العام من التضخم، مما يمثل تحدياً لوجهة نظر وموقف هاروهيكو كورودا، محافظ البنك المركزي. ومن المقرر أن يصدر مؤشر أسعار المنتجين السنوي يوم الثلاثاء.