روسيا تقترب من أول تخلّف عن سداد ديونها في قرن
آخر تحدٍّ يتعلق بالديون الخارجية لموسكو كان عقب ثورة 1917
بات الآن جلياً أن أول تخلف لروسيا عن سداد ديونها الخارجية منذ قرن، أمر لا مفر منه، بعد أسبوع قاسٍ آخر لمالية البلاد.وأوقفت وزارة الخزانة الأميركية مدفوعات الديون بالدولار من حسابات روسيا في البنوك الأميركية، مما زاد من قيودها على موسكو. وعندما تم حظر محاولة دفع بالعملة الصعبة، انتهكت روسيا الشروط من خلال دفع مستحقات المستثمرين بالروبل بدلاً من الدولار.
ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا في فبراير الماضي، ظل بإمكانها سداد ديونها الخارجية وسط سماح واشنطن باستخدام موسكو لاحتياطياتها في الخارج لهذا الغرض، لكن الولايات المتحدة ودولاً أخرى استأنفت حملتها على البنوك والشركات والأوليغارشية في روسيا. وأدى تجميد الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي إلى فصل روسيا عن النظام المالي العالمي، مما حولها إلى الدولة الأكثر خضوعاً للعقوبات في العالم في غضون أيام.مع تعثر حكومة فلاديمير بوتين بسبب تجميد الأصول ووصفها بالدولة «المنبوذة» سياسياً واقتصادياً ومالياً، تصاعدت التكهنات بأن روسيا لن تكون قادرة على تجنب التخلف عن السداد لفترة طويلة. ويشير التأمين على الديون الآن إلى احتمال بنسبة 90 في المئة لحدوث تخلف روسي عن السداد هذا العام، وفق ما أوردته «بلومبرغ» استناداً إلى أحدث الأرقام الصادرة عن شركة ICE Data Services.كانت آخر مرة تخلفت فيها روسيا عن سداد ديونها في عام 1998، لكن حينها كانت الديون محلية. وآخر تحدٍّ يتعلق بالديون الخارجية كان في أعقاب ثورة 1917.أعلنت ستاندرد أند بورز أمس الأول، أن روسيا في حالة «تخلف انتقائي» عن السداد بعد أن استخدمت الروبل لتسديد دفعة لسندات مقومة بالدولار في 4 أبريل. ولا يزال هناك عدم يقين بشأن الخطوة التالية ولا يمكن استبعاد حدوث المزيد من التقلبات. مدفوعات السندات الدولارية التي تم تقديمها بالروبل هذا الأسبوع، لها فترات سماح مدتها 30 يوماً، مما يمنح وزير المالية أنطون سيلوانوف الوقت لإيجاد حل بديل أو الدفع بحجته بأن هذا ليس تقصيراً لأن السداد تم «تقنياً». وقال هذا الأسبوع، إن المبالغ التي تم دفعها بالروبل بدلاً من الدولار يمكن تحويلها للعملات الأجنبية بمجرد تحرير الاحتياطيات الروسية.وقال سيلوانوف لوكالة الأنباء الحكومية «تاس» هذا الأسبوع: «تحاول الدول الغربية بكل وسيلة ممكنة أن تجعل روسيا تعلن التخلف عن السداد». كما قال إن روسيا ستستخدم «آليات أخرى لسداد المدفوعات».وضعت وزارة الخزانة الأميركية عقبة كبيرة أمام روسيا من خلال منع الوصول إلى الحسابات المصرفية، مما أدى إلى إلغاء إجراءات سمحت بسداد مدفوعات السندات من حساباتها الخارجية، على الرغم من تجميد احتياطي البنك المركزي. وجاء قرار إغلاق هذا الطريق بعد تقارير عن فظائع ارتكبتها القوات الروسية في بلدة بوتشا الأوكرانية.تم تصميم هذه الخطوة لإجبار روسيا على اللجوء إلى مصادر التمويل المحلية أو عائدات صادرات النفط والغاز، وبالتالي استنزاف الأموال المتاحة للحكومة لمواصلة الغزو، وفق ما ذكرته «بلومبرغ».وينزلق الاقتصاد الروسي إلى ركود عميق، لكن ضوابط رأس المال عززت انتعاشًا غير عادي في الروبل سمح للبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس هذا الأسبوع في خطوة مفاجئة.وحتى في وقت تتسابق الدول الغربية لتقليل اعتمادها على السلع الأساسية الروسية، لا تزال موسكو تجني مليارات الدولارات من صادرات النفط والغاز، مما يبقي السيولة متدفقة في الوقت الحالي.وبالنظر إلى هذه التدفقات، تقول الحكومة، إن لديها الأموال اللازمة للدفع للدائنين. وألقت باللوم في مشاكل الدفع على تجميد أصول البنك المركزي وما صاحب ذلك من عدم استقرار.وفقاً لتيم آش، استراتيجي الأسواق الناشئة في Bluebay Asset Management، لن يكون هناك حل سريع لروسيا لأن العقوبات ستستمر ولن يرغب أحد في القيام بأعمال تجارية هناك.وقال: «روسيا ستكون في حالة تخلف عن السداد ربما لعقد من الزمان. وهذا يعني عدم إمكانية الوصول إلى أسواق رأس المال الدولية، وتكاليف عالية جدًا للاقتراض حتى من الصينيين، ولا استثمار، ولا نمو، ومستويات معيشية منخفضة. إنها نظرة رهيبة لروسيا والروس»، بحسب ما نقلته «بلومبرغ».