وجهة نظر: ماذا يعني الاستثمار المستدام للكويت؟
![سامية أحمد الدعيج](https://www.aljarida.com/uploads/authors/453_1673969921.jpg)
وثمة الكثير من العوامل التي تلعب دوراً في هذا الصدد، حيث يستخدم المستثمرون الناشطون نفوذهم في قاعات مجالس الإدارة لفرض تغييرات جذرية على الصناعات التقليدية التي تعد الأكثر تردداً في اتباع أجندة مناخية. فقد عانى عمالقة النفط، إكسون موبيل وشيفرون، من تمرد المساهمين من النشطاء المناخيين والمستثمرين المؤسسيين الساخطين بسبب إخفاقهم في وضع استراتيجية لمستقبل منخفض الكربون. وبينما دعم أكبر صندوق تحوط على مستوى العالم، صندوق "بلاك روك" الذي يدير أصولا تقارب قيمتها 10 تريليونات دولار، حملة المساهمين لفصل عدة مديرين من مجلس إدارة إكسون موبيل، وكذلك استبدل الانقلاب الذي أطلقه نشطاء صندوق التحوط المنشقين "Engine No.1" اثنين من أعضاء مجلس الإدارة بمرشحيهم لدفع شركات النفط لتبني استراتيجيات أكثر اخضراراً. ووضع مستثمرو شركة Aviva، وهي من أهم مديري الأصول في المملكة المتحدة، المزيد من الضغوط على مديري 1500 شركة ترغب في إزاحتهم عن مناصبهم إذا لم يتحركوا بسرعة كافية للتعامل مع أزمة المناخ.وتشمل المحركات الأخرى التي تؤثر على تلك النقلة في الأسواق المالية مخاطر الأصول العالقة Stranded Assets، التي تعرف كأي تغييرات في البيئة المادية المدفوع بالتغير المناخي، واستجابة المجتمع لتلك التغييرات التي من شأنها أن تؤدي إلى عزل مناطق وصناعات عالمية كاملة خلال إطار زمني قصير، مما يؤدي إلى آثار مباشرة وغير مباشرة على الاستراتيجيات والخصوم الاستثمارية. وتنبأ لاري فينك، رئيس شركة بلاك روك، أن الشركات الألف التي ستنشأ قريباً كشركات ناشئة ابتكارية لن تعمل كمحركات بحث أو شركات تواصل اجتماعي، ولكنها ستكون شركات ابتكارية مستدامة قابلة للتوسع وستساعد العالم في نزع الكربون والتحول في مجال الطاقة بتكلفة يستطيع جميع المستهلكين تحملها. وبوسعنا أن نتخيل كيف يستطيع العديد من العقول المتميزة الشابة في الجامعات والمختبرات، حتى غرف النوم حول العالم، أن يضعوا حلاً لما يمثل أزمة وجودية لجيلهم. بتغيير النظام المالي، من المتوقع أن يتخذ كل قطاع اقتصادي مساراً اختيارياً لنزع الكربون. من الطاقة إلى النقل، ومن الغذاء إلى الأزياء، وسبل العيش والعمل والاستهلاك. ومنذ انعقاد قمة جلاسجو، التزمت 7000 شركة و101 مدينة وحكومة محلية بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050 ما الآثار الواقعة على الكويت؟ على المستوى الوطني، لايزال من الواجب علينا أن نلتزم بجدول زمني لتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية، ومن المؤكد أنه يمكن لبعض المستثمرين النشطاء استهداف المؤسسات في البلدان التي لم تتخذ إجراءات مناخية مرضية. وباعتقادي المتواضع أن هيئة الاستثمار الكويتية على دراية جيدة بها، لأنها تستهدف الامتثال بنسبة 100 في المئة لمعايير الاستدامة المعروفة بالمبادئ الاجتماعية والبيئية ومبادئ الحوكمة ESG. ولكن ما دور البنوك والشركات الاستثمارية الأخرى والقطاع الخاص؟ إن التغير المناخي لم يعد مقتصراً على ذوبان القمم الجليدية والدببة القطبية، ولكنه أصبح يمس الاستمرارية المالية لنموذجنا الاقتصادي الذي يعاني بالفعل ضغوطا جراء تقلب أسعار النفط وتضخم الإنفاق الحكومي. وكما ذكر أحد المصادر الحكومية، فضّل عدم ذكر اسمه، "لم تعد القضية انخفاض الطلب على النفط الذي ننتجه من عدمه بسبب التحول المقبل في مجال الطاقة، ولكن إذا ما كانت شركاتنا ستستطيع العمل في بعض الأسواق المالية الرئيسية حول العالم". وبغض النظر عما يقال في الأخبار، فإن الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستسرع هذا التحول، حيث تسعى المزيد من الدول إلى تطبيق الإجراءات المناخية كوسيلة لتحقيق أمن الطاقة.* خبيرة بيئية