رفع الطاقات البشرية للعاملين في نيابة التمييز، من خلال التعاقد مع المستشارين، لن يكفي لحل قضية تراكم الطعون المعروضة على محكمة التمييز، والتي تتصاعد يومياً أعدادها بشكل مخيف لا يمكن مجابهتها فقط بالعناصر البشرية، بل بحلول واقعية وعملية أخرى من شأنها أنه تقنن من مسألة رفع الطعون إلى محكمة التمييز.

ومهما بلغ الحال في إنجاز نيابة التمييز لآلاف من مذكرات الطعن، فإن الطعون الحديثة ستحل مكانها، ولن تتمكن النيابة من حسمها سريعا، بدليل أن نيابة التمييز لم تقدم - ونحن نقترب من نهاية العام القضائي لعام 2022 - على استقبال الطعون غير الجزائية لعام 2021، بسبب رغبتها في إنجاز الطعون القديمة!

Ad

وتلك الآلية المتبعة من قبل نيابة التمييز فرضتها أحكام قانون المرافعات وإجراءات الطعن بالتمييز، ولا يمكن العدول عنها إلا بمراجعة أحكام تلك القوانين بإلغاء دور النيابة، أو بتقنين إجراءات الطعن على الأحكام أمام محكمة التمييز، أو بمراجعة الرسوم المقررة عنها.

ولن يُكتب الانخفاض لمعدلات الطعون المتراكمة أمام نيابة التمييز إلا بمراجعة شاملة وجادة لمواجهة تلك القضية من جميع الجوانب التي تتصل بها.

وما غياب الحلول الواقعية تجاهها إلا تعطيل لحق التقاضي، فلا يقبل العقل والمنطق أن تبقى طعون قد تغير في المراكز القانونية للمتقاضين، سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو اعتباريين، لسنوات في أقسام الحفظ ومن دون تحديد جلسات لها، بسبب قلة دوائر المحكمة، أو كثرة الطعون المعروضة على نيابة التمييز.

قضية تراكم الطعون أمام محكمة التمييز باتت مؤرقة، وتستدعي تدخلاً حكومياً وبرلمانياً لمعالجتها، خصوصا مراجعة أحكام قانون المرافعات وإجراءات الطعن بالتمييز، لاسيما أنها ترتبط بكفالة حق التقاضي، الذي باتت المعوقات الإدارية تعطل من ممارسته لسنوات، ما يساهم في الإضرار بحقوقه ومراكزه القانونية.

ولا يغيب عن إدارة المحكمة حجم الطعون التي تفصل بها الدوائر الجزائية وغير الجزائية، على حد سواء، أمام محكمة التمييز، وهو أمر تعكسه الإحصائيات الصادرة عن الدوائر القضائية في كل عام، بما يكشف حقيقة الأعداد التي تفصل بها الدوائر شهرياً، بما يستلزم حثها على رفع معدلات الفصل.

● حسين العبدالله