عائلة راجاباكسا تخسر قبضتها على السلطة في سريلانكا
بدأت سيطرة الرئيس السريلانكي، غوتابايا راجاباكسا، على السلطة تضعف بكل وضوح، فيوم الثلاثاء الماضي خسر الائتلاف الحاكم الذي يقوده «حزب سريلانكا بودوجانا» الأغلبية التي يملكها في البرلمان، وانسحب 41 نائباً من التحالف، واليوم يملك الائتلاف على ما يبدو عدداً أقل من المقاعد التي يحتاج إليها لنيل أغلبية بسيطة، أي 113 مقعداً من أصل 225، فقد كان تراجع حجم الحزب الحاكم في البرلمان هائلاً.وخلال الانتخابات العامة في أغسطس 2020، حققت كتلة «حزب سريلانكا بودوجانا» فوزاً ساحقاً سمح لها بنيل 145 مقعداً في البرلمان، ثم ساعدته الانشقاقات في معسكر المعارضة على كسب ما مجموعه 150 مقعداً والاستفادة من أغلبية الثلثَين.لكن هذا الائتلاف خسر أغلبية الثلثين منذ شهر، بعدما أقال الرئيس الوزيرَين ويمال ويراوانسا وأودايا جامانبيلا لأنهما انتقدا وزير المال باسيل راجاباكسا، شقيق الرئيس الأصغر، نتيجة سوء تعامله مع الأزمة الاقتصادية، وسرعان ما تصاعدت الاضطرابات داخل الائتلاف الحاكم واتضحت التصدعات فيه، مما دفع بحلفاء أصغر حجماً في الائتلاف ونواب من «حزب سريلانكا بودوجانا» إلى سحب دعمهم، فقبل أيام تراجعت قوة الحزب في البرلمان إلى أقل من النصف، وتُحارب الحكومة اليوم للصمود بأي طريقة.
منذ أشهر عدة، تواجه سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ سبعة عقود، لقد استُنزِفت معظم احتياطيات النقد الأجنبي نتيجة الهدر المالي على مر الحكومات المتعاقبة وتصاعد الديون، فحين كان البلد يحاول التعامل مع ديونه، تعرّض اقتصاده الذي يتكل على السياحة لضربة موجعة بسبب تفجيرات عيد الفصح في عام 2019، فلم يعد السياح يتدفقون إلى الجزيرة حينها، ثم انتشرت جائحة كورونا واضطر البلد لإغلاق حدوده.لم تخفّ وطأة الأزمة في الجزيرة رغم تلقيها بعض الدعم المالي من الهند والصين، حيث تراجعت إمدادات الوقود والأدوية والمواد الغذائية بدرجة كبيرة، وبدأت الأسعار تتصاعد، ووصلت مظاهر الإحباط والغضب إلى الشوارع.تزامناً مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية بسبب سوء تعامل الحكومة مع الأزمة، أعلن غوتابايا حالة طوارئ يوم الجمعة 1 أبريل، وقرر في اليوم التالي منع التجول في أنحاء الجزيرة طوال 36 ساعة. يقال إن هذا القرار يهدف إلى منع حملة من الاحتجاجات التي كانت مقررة يوم الأحد لمطالبة الرئيس بالتنحي. لا شيء يصبّ في مصلحة الرئيس في الأيام الأخيرة، وما من مؤشر على تلاشي الاحتجاجات في أي وقت قريب، لكنّ قرار منع التجول زاد نطاق الاحتجاجات في أنحاء البلد، واستقالت حكومة غوتابايا باستثناء شقيقه ماهيندا، فتواصل غوتابايا اليائس مع المعارضة، ودعا جميع الأطراف إلى «التكاتف وقبول الحقائب الوزارية لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة الوطنية»، لكن أحزاب المعارضة رفضت هذه المبادرة، ثم استقال علي صبري، الذي عُيّن بدل باسيل وزير المالية، خلال 24 ساعة، وأعلن غوتابايا من جهته أنه لن يتنحى، لكنه قال إنه سيسلّم الحُكم إلى كل من يحصل على دعم الأغلبية في البرلمان.في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، ألغى غوتابايا حالة الطوارئ لأنه يعجز عن المصادقة على هذا القرار في البرلمان من دون دعم الأغلبية، فهذا القرار يهدف على ما يبدو إلى إخماد غضب النواب وتهدئة الاحتجاجات في الشوارع.تتوق عائلة راجاباكسا إلى التمسك بالسلطة بأي ثمن، ومن المعروف أنها لا تستسلم بسهولة، وقد تلجأ إلى تدابير استبدادية، مثل العنف، للحفاظ على موقعها.وعشية يوم الثلاثاء، غادرت نيروباما راجاباكسا البلد إلى دبي، فهي نائبة وزير سابقة وابنة أخت غوتابايا كانت قد اتُّهِمت بالفساد، وذكرت «وثائق باندورا» أيضاً أنها تملك مع زوجها شركة وهمية وممتلكات واسعة في الخارج، فهل سيحذو أفراد آخرون من عائلة راجاباكسا حذوها؟* سودها راماشاندران