الصوم عن الحرام قبل الطعام
ترى كيف يفكر المزور شهادته أو المتحايل على وظيفته أو المختلس للأموال العامة وهو يصوم الشهر الفضيل؟ وكيف ينوي الامتناع عن الطعام والشراب فجراً ثم يبتلع المال الحرام ليلاً ونهاراً؟ وكيف يصطف في الصلوات يسأل المولى سبحانه الستر والرزق والصحة وقد تلوثت يده بالمال الحرام، فأين ينتظر البركة والعافية والاستجابة؟
«أعلنت الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة أنها نجحت في استرداد ما يزيد على مليوني دينار صرفت لمعاقين دون وجه حق، سواء بالطرق الودية، إما بسداد المبلغ كاملاً، أو بالموافقة على طلب تقسيطه على دفعات شهرية، أو عبر الدعاوى القضائية التي ربحتها الهيئة». (الجريدة 5-4-2022).هذه إحدى المعضلات التي تنخر في البلد ليل نهار، استطالة البعض وجرأتهم على أموال الدولة، وبذل أقصى الجهود للحصول على منافعها ولو بغير وجه حق، ولا مانع لو اتبع أي وسيلة متاحة بغض النظر أكانت مباحة أم محرمة، فالغش والتدليس والتحايل على قوانين الدولة وأموالها كلها أصبحت ظواهر خطيرة جداً في الكويت، ومن يتمكن من خداع المؤسسات الحكومية للحصول على أموال منها يصنف نفسه من الأذكياء الناجحين، فهو يزوّر شهادته للحصول على وظيفة، ويزوّر بصمته للحصول على الراتب، ويزوّر مهماته الرسمية في العمل للحصول على البدلات، حتى المرض أصبح ادعاؤه وشراء الشهادات المصطنعة الدالة عليه كما في حالة أدعياء الإعاقة سهلاً وميسراً ما دامت الذمة فاسدة والنفس وضيعة، وهكذا نصبح ونمسي يومياً على قصص لا حصر لها من جرائم المزورين وقبائح المحتالين ممن أصبح المال سيدهم وقائدهم في الحياة.يا ترى كيف يفكر هذا المزور شهادته أو المتحايل على وظيفته أو المختلس للأموال العامة وهو يصوم الشهر الفضيل؟ وكيف ينوي الامتناع عن الطعام والشراب فجراً ثم يبتلع المال الحرام ليلاً ونهاراً؟ وكيف يصطف في الصلوات يسأل المولى سبحانه الستر والرزق والصحة وقد تلوثت يده بالمال الحرام واختلط جسده بالمال الحرام وأشغل فكره وباله وتخطيطه في الحياة بالاستزادة من المال الحرام، فأين ينتظر البركة والعافية والاستجابة؟
نذكر بعضنا كل مرة في هذه الأيام المباركة، فنعيد النصح لمن غفلت نفسه بحديث الرسول ﷺ: «مَن لم يدع قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامَه وشرابه». رواه البخاري، فيا من وقع في آفة التزوير تلاحق نفسك في الدنيا فصحح خطاياها واستغل الشهر الفضيل للتوبة والتحلل من آثامك وإرجاع حقوق الدولة سريعاً، وثق بالله العظيم أيها المزورون أنكم مهما نجحتم في تزوير الأوراق والبيانات والمستندات طول حياتكم فثمة أمران ستعجزون أبداً عن تزويرهما.. تاريخ وفاتكم القريبة، وسجل أعمالكم الدنيوية، فأدركوا أعماركم وأنقذوا أنفسكم. والله الموفق.