قال الكرملين أمس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيبحث مجموعة من التدابير لتعزيز أمن روسيا إذا انضمت فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي فور تلقيه مقترحات من وزارة الدفاع بشأن الأمر.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في اتصال جماعي مع الصحافيين، إن الوزارة ما تزال تحتاج إلى وقت لإعداد المقترحات.

Ad

تصريحات بيسكوف جاءت بعد تحذير وجهه ديمتري ميدفيديف، أحد أقرب حلفاء بوتين، إلى حلف شمال الأطلسي من أن روسيا ستضطر لتعزيز دفاعاتها في المنطقة؛ إذا انضمت فنلندا والسويد إلى التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقال ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، في منشور عبر تطبيق تلغرام: «في هذه الحالة، لا يمكن الحديث عن وضع غير نووي لبحر البلطيق»، مشيرا إلى إمكانية قيام روسيا بنشر سفن مسلحة بصواريخ إسكندر وأسلحة فرط صوتية وأسلحة نووية في المنطقة.

وعلقت وكالة «بلومبرج» على تهديدات ميدفيديف، بأنها من أكثر التهديدات المفصلة التي صدرت من جانب روسيا بشأن احتمال انضمام الجارتين الشماليتين إلى الحلف، بعد عقود من اختيار البقاء خارجه.

وأعرب ميدفيديف، من جانبه، عن أمله أن يسود «العقل»، وأن تقرر الدولتان عدم الانضمام للحلف.

وتمتد حدود روسيا مع فنلندا لأكثر من 1300 كيلومتر (800 ميل)، وهو ما يزيد على إجمالي الحدود الروسية مع دول «الناتو» الحالية.

إلى ذلك، مُنيت روسيا بواحدة من أكبر خسائرها في العتاد منذ بداية غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، عبر إصابة سفينة قائد أسطولها في البحر الأسود، الطراد القاذف للصواريخ «موسكفا» (موسكو) الذي يعتبر «أخطر سفينة في البحر الأسود»، بسبب «انفجار ذخائر» حسب موسكو وبـ«ضربات صاروخية» حسب كييف.

فبينما يستعد الجيش الروسي للسيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية على بحر آزوف المحاصرة منذ أكثر من 40 يوماً وتوسيع هجومه في جنوب أوكرانيا وشرقها، أصيب «موسكفا» بأضرار جسيمة بسبب حريق أدّى إلى انفجار ذخائر على متنه، حسبما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، مشيرة إلى أنه «تم إجلاء طاقمه بالكامل والانفجارات على متنه توقفت وجارٍ التحقيق في سبب الحادث»، نافية أن يكون قد غرق.

في المقابل، أكد الحاكم الأوكراني لمنطقة أوديسا الجنوبية ماكسيم مارتشينكو، أن «موسكفا أصيب بصواريخ نبتون التي تحمي البحر الأسود، وسببت له أضراراً جسيمة»، بينما قال أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني، إن «أفراد الطاقم البالغ عددهم 510 أشخاص» موجودون على متنه.

واكتسب «موسكفا»، الموضوع في الخدمة منذ 1983 وشارك في التدخل الروسي في سورية منذ 2015، سمعة سيئة في وقت مبكر من غزو أوكرانيا عندما تمّ أسر 19 من حرس حدود أوكرانيين كانوا يدافعون عن «جزيرة الثعبان» قرب الحدود الرومانية، لمبادلتهم بأسرى روس في وقت لاحق.

وفي أبريل 2021، أعلن أميرال روسي متقاعد، إن «هذه أخطر سفينة في البحر الأسود».

الدعم الغربي

وفي استمرار للدعم الغربي، لاسيما الأميركي لكييف، أعلن الرئيس جو بايدن في اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن بلاده ستواصل تزويد أوكرانيا بما تحتاجه للدفاع عن نفسها، وسيتم إرسال كمية كبيرة من المعدات المتأتية من مخزونات الجيش الأميركي لكييف بما في ذلك مدفعية ومدرعات ورادارات وصواريخ مضادة للدبابات وطائرات مسيّرة وسفن للدفاع الساحلي بلا طواقم.

كما أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، عقب اجتماعها مع نظيرها الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، أن بلادها زودت أوكرانيا معدات عسكرية بأكثر من 100 مليون يورو شملت «وسائل حماية ومعدات إلكترونية بصرية وأسلحة وذخيرة وأنظمة تسلح».

تهديد روسي

في المقابل، حذّر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، من أن بلاده ستعتبر المركبات التي تنقل أسلحة تابعة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى أوكرانيا «أهدافاً عسكرية مشروعة».

وأضاف: «يجب أن يفهم الأميركيون والغرب أن محاولات إبطاء عملياتنا الخاصة وإلحاق الضرر بوحدات وتشكيلاتنا في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، سيتم قمعها بشدة».

«حتى الفولاذ ينكسر»

يأتي ذلك، فيما هدّد الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناتشينكوف «بقصف مراكز صنع القرار في كييف، وهو أمر امتنع عن القيام به جيشنا حتى الآن، في حال استمرت القوات الأوكرانية في قصف أهداف بالأراضي الروسية».

وبينما أعلن كوناتشينكوف، أن القوات الروسية سيطرت على منطقة ميناء ماريوبول التجاري تماماً وتحريره من مقاتلي «آزوف» بشكل كامل، قال عمدة ماريوبول فاديم بويتشينكو، إن «أفراد كتيبة آزوف ومشاة البحرية مازالوا يدافعون عن المدينة ببسالة، رغم أن محنتهم صعبة جداًة». أضاف: «يقال إنهم مصنعون من الفولاذ، لكن للفولاذ نفسه نقطة انهيار».

وقبيل ذلك، أعلنت روسيا استسلام 1026 جندياً بينهم 162 ضابطاً من اللواء 36 في مشاة البحرية الأوكرانية في هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية جداً التي تحاصرها قواتها وتقصفها منذ نحو 50 يوماً.

وفي كل أنحاء العاصمة كما في كل الأماكن الأخرى، تستمر السلطات الأوكرانية في العثور على جثث في المناطق التي انسحب منها الروس نهاية مارس.

وفي هذا السياق، أفاد ديميترو شيفيتسكي حاكم منطقة سومي (شمال شرق)، بأنه «تم العثور على أكثر من 100 جثة مكبلة اليدين، وعليها آثار تعذيب، وتم إطلاق النار على رؤوسها».

وبالتزامن، كشف تقرير أعده محققون من 12 دولة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أن بعض الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا قد تشكل «جرائم حرب لا تعد ولا تحصى من اغتصاب واختطاف وهجمات على أهداف مدنية، فضلاً عن استخدام ذخائر محظورة».

كما دعا ممثلون عن المنظمة ومجلس أوروبا في بيان مشترك روسيا «إلى وقف تدمير الكنائس والمعابد يهودية والمساجد، التي تشكل، إلى جانب القتل العشوائي لعشرات الآلاف من المدنيين، جرائم ضد الإنسانية».

«إرهاب روسي»

في غضون ذلك، وعلى غرار بايدن الذي أكد أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين يرتكب «إبادة جماعية»، استخدم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مصطلح «الإبادة الجماعية» خلافاً للمستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، الذي اعتبر زيلينسكي رفضه استخدام هذه الكلمة «مؤلماً جداً بالنسبة إلينا»، بينما وصف الرئيس البولندي أندري دودا حرب روسيا بـ«الإرهاب».

وقال دودا خلال مؤتمر صحافي مشترك مع زيلنسكي ورؤساء دول البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا) في كييف، «إذا أرسل أحدهم طائرات وجنوداً لقصف مناطق سكنية وقتل مدنيين فهذه ليست حرباً. هذه وحشية ولصوصية وإرهاب».

من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «بوليتيكو» أن الإدارة الأميركية تدرس إمكانية إرسال وزير خارجيتها أنتوني بلينكن أو وزير دفاعها لويد أوستن للقاء زيلينسكي وإظهار الدعم لكييف.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين، إنه «من بين المرشحين المحتملين لهذا المهمة الرئيس جو بايدن ونائب الرئيس كامالا هاريس».

حرب هجينة شاملة

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه «تحت ذريعة الأزمة الأوكرانية، أعلن الغرب بشكل جماعي، حرباً هجينة شاملة على روسيا، تغطي مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك مجال المعلومات».

وأكد في تصريح صحافي، أن روسيا «لا تحجب نفسها عن أحد، ولا تدخل في عزلة ذاتية».

وشدد على أن الدعم غير المشروط لسلطات كييف وللمتطرفين في أوكرانيا من واشنطن وبروكسل، أصبح تتويجاً للنهج السياسي الغربي المعادي لروسيا.