الضِرَار هو القيام بفعل قصد منه الضرر بالآخر من دون أن يستفيد منه فاعله، ولهذا سمي مسجد الضِرَار لأنه بني عمداً قريبا ومقابلا لمسجد قباء في المدينة بقصد الإضرار بالمؤمنين، فمسجد الضِرَار هو المسجد ذو الشهرة الأسوأ في التاريخ الإسلامي، نظراً لذكره في القرآن الكريم، فما قصة ذلك المسجد؟

مسجد الضِرَار بناه المنافقون لأبي عامر، الملقب بأبي عامر الراهب، ولقبه الرسول بالفاسق، وكان قد تنّصر في الجاهلية وكان المشركون يعظّمونه، فلما جاء الإسلام فر «أبي عامر» من المدينة، فهو مسجد اتخذه المنافقون بنية التفريق بين المؤمنين وبين رسولهم، وأرادوه أن يكون بديلا عن مسجد قباء، فهو مسجد بُني من أجل المباهاة، لا ابتغاء مرضاة الله تعالى.

Ad

وعندما أتم المنافقون بناء مسجدهم، قالوا للرسول، صلى الله عليه وسلم: بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية، ونحن نحب أن تصلي لنا فيه وتدعو لنا بالبركة، وكان الرسول يعدّ العدة لغزوة تبوك، فقال لهم، عليه الصلاة والسلام، وهو غير عالم بخبث نواياهم: إني على جناح سفر وحال شغل، وإذا قـدمنا إن شاء الله صلينا فيه.

فلما قفل عائداً، عليه الصلاة والسلام، من غزوة تبوك، سألوه إتيان المسجد، فنزل قوله تعالى: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَىٰ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ* لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا واللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ».

عندها استدعى الرسول كلاً من مالك بن الدخشم، ومعن بن عدي، وعامر بن السكن، ووحشي قاتل حمزة بن عبدالمطلب، وقال لهم: انطلقوا إلـى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه واحرقوه، ففعلوا، ثم أمر بأن يجعل مكانه كناسة تلقى فيـها الجـيف والقمامة.

طلال عبد الكريم العرب