بعد يوم من تحذيرها من تكثيف هجماتها على العاصمة الأوكرانية التي انسحبت منها منذ أسبوعين، أعلنت موسكو قصف كييف مجددا، انتقاما فيما يبدو لغرق الطراد الصاروخي «موسكفا»، أكبر سفينة حربية في أسطول البحر الأسود الروسي الخميس الماضي، كما حظرت دخول رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أراضيها.

على صعيد آخر، أدرجت وزارة الخارجية الروسية رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ووزيري الخارجية والدفاع البريطانيين في القائمة السوداء، وحظرت دخولهم أراضي روسيا بعد العقوبات الأخيرة التي فرضتها لندن عليها.

Ad

وفي قرار مثير للجدل، وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونا يعاقب كل مَنْ يقارن الاتحاد السوفياتي بألمانيا النازية. وذكرت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء، أن المخالفين سيواجهون غرامات مالية أيضاً، موضحة أنه سيتم تغريم المواطن ما بين ألف وألفين روبل، أو اعتقاله إداريا مدة تصل إلى 15 يوما، في حين سيتم تغريم المسؤولين ما بين ألفين و4 آلاف روبل.

مصنع دبابات

وأكدت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أن «أسلحة جو أرض بعيدة المدى وعالية الدقة دمرت مباني إنتاجية لمصنع عسكري ينتج دبابات في كييف».

وكان قصف روسي استهدف الجمعة في منطقة كييف مصنعا لإنتاج صواريخ «نبتون» التي قال الجيش الأوكراني إنه استخدمها لضرب «موسكفا».

وأعلن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن «موسكفا أُغرق بصاروخين أوكرانيين من طراز نبتون»، مؤكدا أنها «ضربة قاسية لروسيا لها رمزيتها»، معتبرا أن «خسارة روسيا أحد طراداتها الثلاثة من طراز سلافا يخلق فراغا على صعيد القدرات العسكرية في جنوب أوكرانيا».

وزارة الدفاع البريطانية أكدت بدورها أن «خسارة موسكفا ستدفع روسيا على الأرجح إلى مراجعة تمركزها في البحر الأسود».

ويتوقع دبلوماسيون وخبراء غربيون أن يفقد ضباط كبار في أسطول البحر الأسود وظائفهم بسبب غرق السفينة.

في غضون ذلك، تشهد ماريوبول الاستراتيجية الواقعة على بحر آزوف أسوأ قتال في الحرب.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولسكندر موتوزيانيك: «الوضع في ماريوبول صعب وعصيب، الجيش الروسي يستدعي باستمرار وحدات إضافية لاقتحامها، لكن حتى الآن لم يتمكن الروس من السيطرة عليها تماما»، مشيرا إلى أن أوكرانيا تحاول كسر الحصار الذي ضربته القوات الروسية مع احتدام القتال حول مصنع «آزوف ستال» لتصنيع الصلب في المدينة.

إلى ذلك، كشف مسؤولان أوروبيان أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين أخبر الحلفاء الأوروبيين أن «بلاده تعتقد أن الحرب الروسية قد تستمر حتى نهاية 2022».

في السياق، أكد العديد من المسؤولين المطلعين، لشبكة CNN، أنه من الصعب التكهن بالضبط بالمدة التي يمكن أن تستمر فيها الحرب الروسية، إلا أنهم أوضحوا أنه لا توجد في المدى المنظور أي مؤشرات تشي بأن الرئيس فلاديمير بوتين حقق أهدافه على الأرض، ومن غير المرجح بالتالي أن ينفذها عبر المفاوضات، ما لم يواجه هزيمة عسكرية.

وكان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أعلن أن العمليات القتالية «قد تمتد لأشهر وأكثر».

كما أكد الكرملين أكثر من مرة أن العملية العسكرية مستمرة حتى تحقيق أهدافها، ومنها «نزع سلاح» كييف الذي يعتبر مهددا للأمن الروسي، وحياد الجارة الغربية، فضلا عن الاعتراف بضم بشبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية.

إلا أن الرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي حذر من أنه «كلما طال أمد الحرب ارتفعت الخسائر المادية والبشرية». وفي رسالة بالفيديو، قال زيلينسكي للغربيين: «يمكنكم جعل الحرب أقصر بكثير، وبقدر ما تسرعون في تقديم الأسلحة التي طلبناها وبكميات كبيرة، يكون موقفنا اقوى ويأتي السلام بشكل أسرع».

كما كشف زيلينسكي أن بلاده خسرت «ما بين 2500 و3000 جندي حتى الآن، كما أصيب 10 آلاف آخرين، بينما خسر الروس نحو 20 ألفا».

وتفيد تقديرات غربية بمقتل «آلاف عدة» من الجنود الروس، لكن موسكو أشارت في الآونة الأخيرة إلى مقتل نحو 1350 جنديا في صفوفها وإصابة 3825.

وأوضح زيلينسكي من ناحية أخرى أن «العالم بأسره يجب أن يكون قلقا من خطر استخدام بوتين سلاحا نوويا تكتيكيا»، مكررا بذلك تصريحات لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وليام بيرنز الذي صرح قبل يوم بأنه يجب «عدم الاستخفاف» بتهديد من هذا النوع.

وفي وقت ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن موسكو أرسلت مذكرة دبلوماسية للولايات المتحدة تحذرها من «عواقب لا يمكن التكهن بها إذا لم توقف شحنات أسلحة أكثر حساسية إلى أوكرانيا»، معتبرة أن «مثل هذه المعدات العسكرية تصب الزيت على النار»، أفادت وزارة الخارجية الأميركية بأن «تهديدات موسكو لن تجبر واشنطن على تغيير موقفها».

وكان بايدن أعطى الضوء الأخضر الأربعاء الماضي، لمساعدة عسكرية جديدة ضخمة لأوكرانيا، بمعدات أثقل من تلك التي تم تسليمها حتى الآن.