«الإحصاء» تعرقل إصدار بيانات اقتصادية مهمة
تأخُّر غير مبرر لبيانات التضخم وأسعار المنتجين والجملة وإنفاق الأسر
في ديسمبر 2021 أعلنت الإدارة المركزية للإحصاء حاجتها لباحثين وماسحين (كويتيين) للعمل في فرق العمل التابعة لها بعد الدوام الرسمي، وفقا لمجموعة من الشروط، على أن يتراوح الراتب بين 200 و350 ديناراً، وبيّنت الشروط في إطار المطلوب والتخصصات والمكافآت وطريقة التسجيل، إلا أن الإدارة ألغت ما أعلنته بعد شكاوى المتقدمين بسبب خلل في رابط التسجيل، وأعيد بعد شهر نشر الإعلان بنفس الشروط والمكافآت. ولا تزال "الإحصاء" تبحث عن كويتيين للعمل بدوام جزئي وهي بحاجة إلى باحثين ما بين ميداني ومكتبي ومشرف ومدخل بيانات ليتوزعوا بين الإحصاءات التجارية والزراعية والخدمات، وفريق للإحصاءات الاقتصادية لعمل الحسابات القومية وللأرقام القياسية لأسعار المستهلك ولأسعار المنتجين والجملة، بالإضافة إلى فرق إحصاءات البحوث الاقتصادية في قطاع التشييد والبناء والقطاع المالي وقطاع التجارة الداخلية والخدمات، وفريق التعداد ومتابعة رصد الأهداف التنمية المستدامة.وكل دول العالم تعتمد على المسوح والباحثين الميدانيين بالدرجة الأولى لتجميع الاحصائيات والبيانات، هذا الاجراء ليس في الكويت فقط بل في كل دول العالم، ومع ذلك أوقفت الادارة العاملين في المسوحات قبل سنتين تقريباً، وهذا التهور زاد الفجوة في مسألة تأخر البيانات، على سبيل المثال معدل التضخم يعتمد على المسوح الميدانية، وقد توقفت المسوحات نحو 6 أشهر نظرا لعدم توافر الماسحين.
هذه الإعلانات العشوائية للبحث عن موظفين تبين استهانة إدارة الإحصاء بالعمل الميداني، مما أدى إلى التأخير في إصدار البيانات والإحصائيات، بل لا يوجد من يخرج للقيام بالبحث والتحري والتدقيق وتجميع المعلومات والبيانات.ورغم الاشتراطات المعمول بها من الأمم المتحدة لفرق عمل المسوح الميدانية، فإن الادارة أوقفت فرق العمل الميدانية بحجة "الاستعانة بالكويتيين حتى مع وجود عوائق الاستعانة بهم"، رغم أن حجم الميدان كبير ويتشعب ما بين العمل الميداني (خاصة المسوح الاقتصادية)، بالإضافة إلى المسوح الاجتماعية والزراعية، ومن كان يعمل في فرق العمل الميدانية (المسوح) هم غير الكويتيين بنسبة 90 في المئة. وعملية الإحصاء تحتاج إلى عدد كبير من الباحثين، والمسح الاقتصادي بحد ذاته كان به نحو 60 موظفا في الفريق، ومسح القوة العاملة كان بحاجة إلى نحو 40 موظفا ولم يتقدم الا عدد ضئيل جدا من الكويتيين، بينما كان الافضل استخدام سياسة الاحلال التدريجي للكويتيين بدلاً من الوافدين؛ لضمان استمرار المسوحات وفقا آليات العمل الاعتيادي دون الاستغناء عنهم فجأة.وتملك "الإحصاء" أربع إدارات اختصاص (التجارة، والاقتصاد، والتعداد، والزراعة)، وكل منها لديها ما لا يقل عن مسحين إلى ثلاثة، والعبء على قطاعات الإدارة كبير وليس بمقدورها العمل في الميدان، إذ تتطلب هذه المهنة الوقت لجمع البيانات وتحليلها، وكان عدد الموظفين 140، واليوم هي بحاجة إلى أكثر من 100 للعمل الميداني.فمثلاً، مسح إنفاق الأسر وفق منهجية الأمم المتحدة (اللجنة الإحصائية) يجب على كل دولة أن تقدمه كل خمس سنوات، وآخر مسح بالكويت كان في 2013، أي من المفترض ان يكون لدينا مسح عام 2018، فدول كبيرة الحجم والتعداد السكاني أكثر من الكويت مثل المغرب تقوم بمسح معدل استهلاك الأسر وسبل إنفاقها كل سنتين، في حين تتعثر الكويت عن تقديم البيانات في موعدها.لا شك أن إدارة الإحصاء هي عصب مهم في الاقتصاد، فجميع المشاريع الحكومية وكل الإصلاحات الاقتصادية وعمل الشركات تعتمد على البيانات والإحصاءات حتى يكتمل العمل بشكل صحيح ومتقدم، لذلك فتعثرها عن تقديم البيانات الصحيحة في وقتها السليم يمثل بحد ذاته ثغرة في الاقتصاد الكويتي.
حصة المطيري
الإدارة استغنت عن الباحثين والماسحين دون استخدام سياسة الإحلال التدريجي