حكومة بينيت بلا عرب بسبب مواجهات «الأقصى»
الأردن يستدعي سفير إسرائيل احتجاجاً على الانتهاكات بالحرم القدسي... وتركيا على خط التهدئة
تحت ضغط العنف المستمر منذ 3 أيام بالمسجد الأقصى المبارك ومحيطه في مدينة القدس، قررت القائمة العربية الموحدة انسحابها من الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، في ضربة قاصمة لحكومة نفتالي بينيت، الذي خسر غالبيته الضئيلة بـ «الكنيست» في 6 الجاري، نتيجة استقالة النائبة في حزبه اليهودي المتشدد إيديت سيلمان.
بات الائتلاف الحاكم في إسرائيل، الذي شكّله بشقّ الأنفس رئيس الوزراء اليميني نفتالي بينيت بتحالف هشّ مع وزير الخارجية يائير لابيد، يواجه خطر الانهيار، إثر تجميد «القائمة العربية الموحدة»، بقيادة منصور عباس، دعمها له، في ظل استمرار استفزازات المستوطنين وتواصل أعمال العنف والاعتقالات في المسجد الأقصى والبلدة القديمة بالقدس الشرقية المحتلة، مخلّفة عشرات الإصابات والاعتقالات.ومع دخول موجة العنف والتصعيد يومها الثالث، قرر عباس تعليق عضوية أعضاء قائمته الموحدة في ائتلاف بينيت، الذي يقوده بينيت ولابيد، ويجمع أيضاً مزيجاً متبايناً أيديولوجياً من 8 أحزاب يسارية وقومية يهودية متشددة وأحزاب دينية وعربية للمرة الأولى، مهدداً بأن «القرار قد يتحول إلى انسحاب كامل في حال استمرت الحكومة بسياساتها في المسجد الأقصى، وبخطواتها التعسّفيّة بحق القدس وأهلها».ووفقاً لهيئة البثّ الرسمية، فإن عباس نقل إلى الحكومة، الذي توافَقَ على أن يتناوب بينيت ولابيد على رئاستها مناصفة خلال 4 سنوات، «رسالة طمأنة بأن القرار بتجميد العضوية يهدف إلى إرضاء الشارع العربي بعد الانتقادات التي وجّهت إلى حزبه»، لافتاً إلى وجود مخاوف من أن تؤدي هذه الأزمة مع القائمة الموحدة إلى انسحاب عضو كنيست آخر من الكتلة اليمينية في الائتلاف.
وسيكون قرار التجميد ساري المفعول حتى نهاية العطلة الحالية لـ «الكنيست»، والمستمرة حتى الثامن من مايو، مما يعني أنه لن تكون له انعكاسات فورية على الائتلاف الذي شكّل لإزاحة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عن السلطة.
حكومة بينيت
وبعد أدائها اليمين في يونيو من العام الماضي، منهية أزمة سياسية طال أمدها في إسرائيل، وأدت لإجراء 4 انتخابات عامة في عامين، خسرت حكومة بينيت أغلبيتها الضئيلة في «الكنيست» بانسحاب النائبة في حزبه اليهودي المتشدد إيديت سيلمان، بشكل غير متوقع، مما يعني أنها غير قادرة على تمرير أي مشروع قانون إلّا بدعم من نواب المعارضة.ورغم صعوبة إقراره تشريعات جديدة، يمكن لائتلاف بينيت أن يحكم بـ 60 مقعداً، لكن إذا انسحب نائب آخر يمكن للبرلمان إجراء تصويت بحجب الثقة وإعادة الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في انتخابات برلمانية ستكون الخامسة خلال 4 سنوات.وجاء قرار «القائمة العربية الموحدة»، بعد ساعات من إصابة أكثر من 19 فلسطينياً و7 إسرائيليين بجروح خلال مواجهات في باحة المسجد الأقصى ومحيطها في القدس الشرقية المحتلة، فيما اعتقل 18 شخصاً، بعد يومين على صدامات مشابهة أسفرت عن سقوط أكثر من 150 جريحا فلسطينياً.ولليوم الثالث على التوالي، اقتحم المستوطنون المتطرفون بقيادة «جماعات الهيكل» اليهودية المتطرفة المسجد الأقصى، وانتشروا في البلدة القديمة، وسط حماية من القوات الإسرائيلية، التي أفسحت لهم المجال بإخلاء معظم ساحات الحرم القدسي بالقوة، وهاجمت المصلين والمعتكفين وحاصرتهم بالمصلى القبلي، واعتدت على النساء في محيط قبة الصخرة. وفي تطور موازٍ، أغلقت إسرائيل الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ليومين بدءاً من فجر أمس وحتى مساء اليوم، بدعوى حلول الأعياد اليهودية.وجدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال مشاورات أمنية مع كبار المسؤولين أمس الأول، «الحرية الكاملة» لقوات لأمن للتحرك «بما يضمن توفير الأمن لمواطني إسرائيل»، مؤكداً أنه «يحاول تهدئة الوضع على الأرض، والعمل بحزم ضد أسباب العنف».الأردن والوصاية
في المقابل، استدعى وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، السفير إسرائيلي والقائم بأعماله لإبلاغه رسالة عمان الصارمة تجاه التصرفات المدانة في الأقصى، والمطالبة بالوقف الفوري للتصعيد في القدس.وأعلن الصفدي، خلال جلسة البرلمان، استضافة عمان، بعد غد الخميس، اجتماعاً للجنة الجامعة العربية للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية التي تضم كلاً من مصر والسعودية والمغرب وقطر وتونس والجزائر، مشيراً إلى استمرار الجهود بقيادة الملك عبدالله الثاني، وتكثيف الاتصالات مع مختلف مراكز القرار العالمي والعربي للتصدي لكل الممارسات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني لمدينة القدس، وإلزام الاحتلال بالقانون الدولي ووقف الانتهاكات والاعتداءات.وقبله، دعا العاهل الأردني إسرائيل إلى «وقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية» في المسجد الأقصى، ودفعها باتجاه المزيد من التأزيم، وأكد ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى.وأكد العاهل الأردني أن حماية القدس ومقدساتها ستبقى أولوية أردنية، موجهاً حكومته إلى الاستمرار في تكريس كل الإمكانات اللازمة من أجل الحفاظ عليها، وعلى الوضع التاريخي والقانوني القائم، وعلى هويّتها العربية الإسلامية والمسيحية ومواصلة الاتصالات والجهود الإقليمية والدولية لوقف الخطوات الإسرائيلية التصعيدية وبلورة موقف دولي ضاغط ومؤثر لتحقيق ذلك.واعتبر أن الحفاظ على التهدئة الشاملة يتطلّب احترام إسرائيل للوضع التاريخي والقانوني في الحرم القدسي الشريف المسجد الأقصى، وإيجاد أفق سياسي حقيقي يضمن تلبية جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق على أساس حل الدولتين.وفي وقت سابق، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أنه «لا قيمة لأي وصاية على المسجد الأقصى إذا لم توفّر حماية حقيقية للأقصى، ولا تقوم بالواجبات الأساسية لمنع تهويد الأقصى ووقف الانتهاكات، وأن تجدد الاقتحامات يدفع نحو المواجهة الشاملة».وبعد إطلاق حركة حماس أكثر من 12 صاروخاً في اتجاه البحر الأبيض المتوسط، في رسالة تحذيرية، أكد رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، أمس الأول، أنه «لا حق مطلقا» لليهود في المسجد الأقصى.عباس وإردوغان
من جانبه، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن «الاعتداءات الخطيرة والمتكررة على المسجد الأقصى، وانتهاك حرمة شهر رمضان لا يمكن السكوت عنها». وأكد عباس، عقب اتصال مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن القيادة الفلسطينية تجري مشاورات مكثفة لاتخاذ ما يلزم من قرارات لتنفيذ قرارات المجلس المركزي الأخيرة، إضافة إلى اتصالاته الدولية بهذا الصدد، مطالباً المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف «العدوان» وتوفير الحماية الدولية للشعب. وأكد الرئيس التركي «موقفه الداعم لفلسطين، وأنه في صفها دائماً»، ورفضه للاعتداءات الإسرائيلية على شعبها ومقدساته، خاصة خطورة اقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين»، مشيراً إلى أنه سيجري اتصالات مع الأطراف المعنيّة لوقف التصعيد الإسرائيلي واحترام حرمة المقدسات، خاصة في شهر رمضان.وبعد تذكيره عباس بضرورة عمل الفلسطينيين من أجل الوحدة والمصالحة، بحث إردوغان مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التطورات في مدينة القدس المحتلة والخطوات المشتركة لإحلال السلام في المنطقة، مؤكدا رفضه القاطع وإدانته الشديدة للاستفزازات الإسرائيلية بالمسجد الأقصى ونتائجها «غير المقبولة».
اسرائيل تخلي «الأقصى» للمستوطنين لليوم الثالث وتغلق الحرم الإبراهيمي... و44 جريحاً ومعتقلاً في تجدد المواجهات