منذ غرق الطراد الروسي موسكفا الخميس الماضي وأوكرانيا وروسيا تروجان لروايتين متعارضتين تماما بشأن الخسائر البشرية التي نجمت عن ذلك، فكييف تقول إن كل من كان على متن الطراد غرق معه، وموسكو تؤكد أنهم نجوا جميعهم، فمن الذي يقول الحقيقة؟

سؤال طرحته صحيفة لوباريزيان (Le Parisien) الفرنسية قائلة إن روسيا أعطت انطباعا في اليوم التالي لغرق الطراد، أي الجمعة، بأن كل طاقمه قد اختفى، من خلال تنظيم احتفال غير رسمي، بمبادرة من قدامى المحاربين في أسطول البحر الأسود للإشادة بذلك الطراد، وتأبين من كان على متنه، مضيفة أن الورود والأكاليل والوجوه الشاحبة من الحزن والعظة التي قدمها كاهن أرثوذكسي كانت مؤشرات كافية على أن جميع البحارة لقوا حتفهم.

Ad

غير أن الصحيفة ذكرت أن وزارة الدفاع الروسية سرعان ما أعلنت أنها أجلت جميع البحارة، ولم تصدر أي تقييم أو أي تقرير رسمي حول الحادثة، وهو ما فسره العديد من المراقبين بأنه إشارة إلى وجود حصيلة محرجة.

في المقابل، تقول "لوباريزيان" إن رواية كييف التي يدعمها البنتاغون لم تتغير قيد أنملة منذ يوم الخميس، وهي تفيد بأن الطراد أصيب بصاروخين من نوع نبتون، و"حالت عاصفة دون إنقاذ الطراد وإجلاء الطاقم".

لكن في نهاية يوم السبت، نشرت وزارة الدفاع الروسية مقطع فيديو يظهر استعراض بحارة موسكفا، وهم في حالة جيدة، وكأنهم لم يصابوا بأذى، غير أن الأستاذة والباحثة في جامعة باريس نانتير، المتخصصة في مجتمعات ما بعد الاتحاد السوفياتي، آنا كولين ليبيديف، ترى أن "الفيديو يثير الكثير من التساؤلات، بسبب عدد الأشخاص الذين ظهروا فيه، وبسبب ما لم يقله"، مشيرة إلى خصوصية الموسيقى التصويرية، قائلة إن "الصوت الذي يعلن فيه عن عدد الناجين والقتلى والجرحى مقطوع".

وترى هذه الخبيرة أن "هذا الأمر يتركنا أمام 3 فرضيات: إما أن الفيديو صحيح، وهذا محل شك بسبب الموسيقى التصويرية، وإما أن تكون الصور التقطت قبل غرق الطراد، وإما أن المقطع كله مسرحية".

وتنقل الصحيفة عن العقيد السابق في البحرية الفرنسية ميشيل غويا استغرابه أن يكون هناك قصف ثم حريق ثم غرق لهذه السفينة الكبيرة لم ينجم عنه أي خسارة بشرية، مضيفا انه كقاعدة عامة، "منذ اللحظة التي يتقرر فيها قطر السفينة، لابد من اتخاذ قرار بشأن إجلاء البحارة أو تركهم".

واردف غويا: "لكن لاتخاذ قرار بشأن الإخلاء، يجب على القائد أن يأخذ في الاعتبار احتمال غرق السفينة، فإلى أي مدى اعتقد الروس أنهم يستطيعون إنقاذ طرادهم؟"، متابعا: "إذا كانوا قد انتظروا وقتا طويلا اعتقادا منهم أن طرادهم بعيد عن الخطر، فقد يكون ذلك قد تسبب في عواقب وخيمة".