في خضم التوتر بمدن الضفة الغربية منذ بداية شهر رمضان والمواجهات اليومية بين الشرطة الإسرائيلية والمصلين في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، خيّم شبح الحرب على غزة مع شن إسرائيل أول غارات عليها منذ 3 أشهر ونصف الشهر رداً على إطلاق قذيفة صاروخية من القطاع لأول مرة منذ نحو 7 أشهر.

وفي تطور عسكري مفاجئ، أعلنت «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، في بيان مقتضب، مسؤوليتها عن «التصدي» لسلاح الجو الإسرائيلي أثناء هجومه ليلة الاثنين- الثلاثاء على غزة، مبينة أن دفاعاتها الجوية تصدت للطيران «المعادي» بصواريخ أرض-جو في سماء القطاع، الذي خاض منذ عام 2008 أربع حروب دامية مع إسرائيل.

Ad

وفي حين أكدت مصادر عبرية تعرض المقاتلات الإسرائيلية إلى «إطلاق صاروخ موجه» فوق غزة، قصف سلاح جو الاحتلال للمرة الأولى منذ أشهر موقع القادسية بمدينة خانيونس وموقع أبو عطايا غرب مدينة رفح وأرضاً زراعية قرب دير البلح وواصل التحليق المكثف في الأجواء بعد اعتراض منظومة القبة الحديدية لقذيفة صاروخية أطلقت على موقعي كيسوفيم والعين الثالثة بمنطقة مستوطنات «غلاف غزة».

وأكد الناطق باسم «حماس» حازم قاسم أن «رجال المقاومة تصدوا للطيران الحربي بالمضادات الأرضية، كامتداد لحالة الاشتباك مع العدو في كل ساحات الفعل النضالي ثأراً للعدوان على القدس والمقدسات»، معتبراً أن «القصف الإسرائيلي لبعض المواقع الفارغة، محاولة فاشلة لمنع الشعب من الدفاع عن مدينة القدس والمسجد الأقصى وجاء للتغطية على فضيحة الاحتلال المتمثلة بانتهاك كل القوانين والأعراف الإنسانية بعدوانها على المصلين».

اقتحام وإغلاق

ويأتي تبادل القصف غداة إصابة أكثر من 19 فلسطينياً وسبعة إسرائيليين بجروح خلال مواجهات لليوم الرابع في باحة المسجد الأقصى ومحيطها في القدس الشرقية المحتلة فيما اعتقل 18 شخصاً.

وعشية أداء آلاف اليهود صلاة «بركة الكهنة» الثانية في ساحة حائط البراق، اقتحمت مجموعات من المستوطنين المتطرفين، لليوم الثالث، باحات المسجد الأقصى صباح أمس، تحت حماية القوات الإسرائيلية، التي واصلت أيضاً إغلاق الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل للسماح لهم بتأدية طقوسهم الدينية داخله.

وأفادت أوقاف القدس بأن 622 مستوطناً اقتحموا الأقصى من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية، وأدوا طقوساً تلمودية في باحاته لنحو ثلاث ساعات ونصف الساعة، بعد أن أخلت شرطة الاحتلال بالقوة كافة ساحات المسجد من المصلين وأطلقت قنابل الصوت والغاز داخل المسجد القبلي واعتلى أفرادها سطحه.

وفي الخليل، واصلت سلطات الاحتلال إغلاق المسجد الإبراهيمي بمدينة الخليل نهائياً لليوم الثاني ومنعت رفع الأذان عبر مكبراته، وسمحت للمستوطنين باستخدام الجزء الخاص بالمسلمين لأداء طقوس دينية والاحتفال داخله بالأعياد اليهودية.

وفيما اقتحمت قوة مخيم الدهيشة وبلدة حوسان في بيت لحم فجر أمس، واعتقلت عدداً من الفلسطينيين، أعلنت وزارة الصحة وفاة شابة عمرها 19 عاماً بجنين مساء أمس الأول، متأثرة بإصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي في البطن خلال مواجهات قبل أسبوع في الضفة الغربية، ليرتفع عدد الضحايا إلى 18 فلسطينياً خلال 15 يوماً فقط و47 بينهم 8 أطفال وامرأتان في حوادث مختلفة منذ بداية العام.

وجددت حركة حماس «التأكيد على أنَّ المسجد الأقصى المبارك، كان وسيبقى إسلامياً خالصاً، ولن يكون للمحتل الغاصب مكان فيه». وشددت على أن «أحلام المحتل ستتحطّم أمام صمود ورباط شعبنا المتجذّر في هذه الأرض المباركة».

اتصالات أردنية

وبينما أفاد موقع «واينت» العبري بأن وزير الخارجية يائير لابيد يدرس طرق الرد الممكنة بما يشمل إجراءات شديدة على استدعاء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ممثل إسرائيل في عمان، أجرى الملك عبدالله الثاني أمس الأول عدة اتصالات هاتفية مع قادة وزعماء عرب وأوروبيين.

وأفاد الديوان الملكي بأن الملك عبدالله اتصل برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لبحث «التصعيد الإسرائيلي».

وفي اتصال آخر مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أكد الزعيمان «ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية والاستفزازية في الحرم القدسي والمسجد الأقصى».

وأكد العاهل الأردني خلال اتصال مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، «ضرورة مواصلة بذل كل الجهود لوقف التصعيد الخطير في القدس».

وفي اتصاله بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، أكد الملك عبدالله «ضرورة وضع حد للتصعيد الإسرائيلي الخطير في القدس، ووقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية التي تخرق الوضع التاريخي والقانوني القائم بالحرم القدسي الشريف».

وبحث العاهل المغربي الملك محمد السادس، في اتصال مع نظيره الأردني تطورات وأحداث القدس والمسجد الأقصى واعتبرا أن من شأن هذا التصعيد أن يزيد من مشاعر الحقد والكراهية والتطرف وأن يقضي على فرص إحياء عملية السلام بالمنطقة.

وألقى الملك عبدالله، خلال اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، باللوم على أفعال إسرائيل الاستفزازية ومسها بالوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس الشريف.

مجلس الأمن

وفي حين أفادت الخارجية الأردنية بأن المملكة ستستضيف غد اجتماعاً وزارياً طارئاً لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى، ذكرت مصادر دبلوماسية أنّ مجلس الأمن عقد أمس جلسة مغلقة لبحث تصاعد حدّة التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين بناء على طلب فرنسا وأيرلندا والصين والنرويج والإمارات.

وبعد دعوة أكثر من 87 نائباً أردنياً إلى إلغاء اتفاق السلام، صعّد رئيس الوزراء الأردني بِشْر الخصاونة أمام البرلمان، قائلاً، في خطاب، «لا بد لي أن أحيي كل فلسطيني وكلا من موظفي الأوقاف الإسلامية الأردنية الواقفين بشموخ مثل المآذن طولى والمطلقين حجارة وابلا سجيلا على كل المتصهينين المدنسين بحماية حكومة الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى».

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، إن مسؤولين كباراً أجروا اتصالات هاتفية مع الإسرائيليين والفلسطينيين وممثلين عرب في المنطقة في مطلع الأسبوع سعياً لعدم تصعيد التوتر في القدس.

وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه، في اتصال مع وزير الخارجية رياض المالكي، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمها المطلق لحقوقه المشروعة في مدينة القدس والسيادة عليها باعتبارها عاصمة دولة فلسطين.