المعنى الاستراتيجي لجرائم الحرب الروسية في أوكرانيا
![موسكو تايمز](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1582134693421828500/1582134705000/1280x960.jpg)
ثالثاً، تثبت جرائم الحرب أن إنهاء القتال، طالما تتابع روسيا احتلال الأراضي الأوكرانية، لا يعني انتهاء العنف، بل إن وقف إطلاق النار يسمح بإعادة تجميع القوات الروسية وتسليحها تزامناً مع ترهيب المدنيين وقتلهم بلا رادع، فلم تصبح المساحات الجيوسياسية وحدها مُهددة، بل باتت حياة البشر على المحك، وهو وضع لا يعترف به الخبراء «الواقعيون» في مجال العلاقات الدولية على ما يبدو، ويدرك جميع الأوكرانيين اليوم ما ينتظرهم إذا دخلت القوات الروسية إلى مدينتهم أو بلدتهم ولن يترددوا في مقاومتها على هذا الأساس، وفي الوقت نفسه، لن يترسّخ السلام أو الاستقرار عند تقسيم البلد أو التفاوض على تسوية معينة. تترافق جرائم الحرب مع لحظات مصيرية قد تُمهّد لإصلاح المفاهيم وتوضيح الخيارات المتاحة، وبدا احتمال وقف الحرب، ولو مؤقتاً، خياراً ضئيلاً في المرحلة السابقة لكنه أصبح مستبعداً بالكامل اليوم، وتبدو روسيا أكثر عزلة مما كانت عليه خلال الحرب الباردة على مستويات عدة، وأصبح الغرب أقل ميلاً إلى اعتبار «المعركة ضد الحكومة، لا الشعب»، ومن المتوقع إذاً أن تتلاحق العقوبات في المرحلة المقبلة، وقد تدوم هذه العقوبات لسنوات إذا ضخّم الكونغرس القرارات التنفيذية الصادرة عن البيت الأبيض عبر تشريعها على شكل قوانين، ما لم تنتخب أبرز الدول الغربية قادة يحملون أولويات سياسية مختلفة، من المستبعد أن تتراجع العقوبات تزامناً مع استمرار الاحتلال الروسي للأراضي الأوكرانية وبقاء بوتين في السلطة، وفي غضون ذلك، بدأت جرائم الحرب الروسية تزيد تشدّد الرأي العام في فنلندا والسويد، وهي تُسرّع توجّه البلدَين للانضمام إلى حلف الناتو.يظن البعض أن توثيق جرائم الحرب وإجراء التحقيقات بشأنها يبعدان الأنظار عن مسائل استراتيجية أكثر أهمية، لكنّ العكس صحيح. تحمل هذه الجرائم عواقب استراتيجية قد ترسم مسار الحرب في المرحلة المقبلة، فهي تزيد احتمال ألا تتأثر أي نتيجة نهائية بالتسويات والتنازلات بل بالنصر والهزيمة.* نايجل غولد ديفيز