يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يبحث عن «نصر معنوي» قبل 9 مايو المقبل، حقق «نصف انتصار» بعد إعلان قواته سيطرتها على مدينة ماريوبول الاستراتيجية الواقعة في جنوب شرقي أوكرانيا «كلها باستثناء مصنع آزوفستال» للصلب والمعادن، حيث يرفض آخر المقاتلين الأوكرانيين الاستسلام، لكنهم طالبوا المجتمع الدولي بـ «ضمانات أمنية».

وهنأ بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو على نجاح «تحرير» ماريوبول، وأبلغه أن اقتحام «آزوفستال» غير مناسب، ومن الضروري محاصرة المنطقة «بشكل آمن وبطريقة لا تسمح بمرور ذبابة واحدة»، وعلل بوتين إلغاء الاقتحام باعتبارات إنقاذ أرواح جنوده.

Ad

وقال: «ليست هناك حاجة للنزول إلى سراديب الموت والزحف تحت أرض هذه المنشآت الصناعية»، مشددا على أن روسيا تضمن عدم التعرض والتعامل باحترام مع القوات الأوكرانية التي تغادر منشأة «آزوفستال».

وأبلغ شويغو بوتين أن الأوضاع في ماريوبول هادئة وتسمح بعودة المدنيين، مشيرا إلى استسلام 1478 من المقاتلين الأوكرانيين، في حين

لا يزال أكثر من ألفي مقاتل يتحصنون في المصنع الضخم الذي يضم مساحة كبيرة تحت الأرض، مؤكدا أن روسيا أجلت أكثر من 142 ألف مدني من المدينة التي استمر حصارها أكثر من شهرين.

وفي وقت سابق، قال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف إنه سيتم تحرير مصنع «آزوفستال» بالكامل «قبل أو بعد الغداء مع حلول ظهر يوم 21 أبريل».

وموسكو مصممة على الاستيلاء على هذا الميناء على بحر آزوف، الذي سيسمح لها بربط شبه جزيرة القرم، التي ضمتها في 2014 بجمهوريتي دونباس الانفصاليتين المواليتين لروسيا.

وكانت روسيا عدلت خططها وسحبت قواتها من مناطق الشمال، وجعلت أولويتها السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، اعتبرها محللون «بداية معارك طاحنة للسيطرة على الشرق قبل 9 مايو من أجل الاحتفال بانتصار معنوي».

وكان نائب قائد «كتيبة آزوف» القومية الأوكرانية سفياتوسلاف بالامار، قال من داخل المصنع: «نحن مستعدون لمغادرة ماريوبول بمساعدة طرف ثالث مسلح من أجل إنقاذ الأشخاص الذين عُهد بهم إلينا».

ويتحصن مئات المدنيين الذين يعانون نقص الطعام والماء في «آزوفستال» مع الكتيبة 36 للجيش الأوكراني و«آزوف»، آخر وحدتين قتاليتين في ماريوبول. وطالب بالامار: «العالم المتحضر بتقديم ضمانات أمنية»، مؤكدا أن الكتيبتين لا تقبلان «شروط الاتحاد الروسي بشأن تسليم السلاح وأسر المدافعين عنا».

في وقت سابق، قال ميخايلو بودولاك، مستشار الرئاسة الأوكرانية وأحد المفاوضين مع روسيا، «نحن مستعدون لعقد جلسة خاصة من المفاوضات في ماريوبول، من أجل إنقاذ رجالنا، والمدنيين، والأطفال، والأحياء والجرحى، والجميع».

بلينكن يحذر

وخلال زيارته لبنما، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن ماريوبول ستشهد سيناريوهات أسوأ من تلك التي حدثت في مدينة بوتشا، مضيفا أن الاتفاقيات بشأن الممرات الإنسانية التي تم إنشاؤها من قبل انهارت بسرعة كبيرة.

قصف خاركيف

في غضون ذلك، أعلن رئيس بلدية مدينة خاركيف إيهور تيريكوف أن ثاني أكبر مدن البلاد «تعرضت لقصف عنيف وشرس وقتل 5 مدنيين»، أمس.

وأضاف أن نحو مليون شخص لا يزالون داخل المدينة الشمالية الشرقية، فيما خرج منها نحو 30 في المئة من السكان أغلبهم من النساء والأطفال والمسنين.

بدوره، قال حاكم منطقة لوغانسك سيرغي هايداي إن الهجمات الروسية على مدينة سيفيرودونيتسك بالشرق دمرت جميع مخازن المواد الغذائية، مشيرا إلى أنه «لم يبق في سيفيرودونيتسك مخزن واحد سليم».

وبينما عثر على جثث 9 مدنيين في مقبرة جماعية جديدة في بوروديانكا بالقرب من كييف يحمل بعضها «آثار تعذيب»، حسبما أعلنت شرطة العاصمة الأوكرانية، كشفت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني أولغا ستيفانيشينا أن مشارح منطقة كييف باتت تضم أكثر من ألف جثة لمدنيين.

زيارة دعم

وفي وقت وصل، أمس، الى كييف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز مع نظيرته الدنماركية ميتي فريديريكسن، حيث اجتمعا بالرئيس فولوديمير زيلينسكي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في لقاء مع قناة CNN الناطقة بالتركية، إن بعض الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تريد استمرار الحرب في أوكرانيا من أجل «إضعاف روسيا».

إلى ذلك، قررت روسيا، أمس، إغلاق قنصليات دول البلطيق (إستونيا وليتوانيا ولاتفيا) في أراضيها، وإعلان جميع موظفيها شخصيات غير مرغوب فيها.

«سارمات»

وبعد إعلان بوتين إجراء تجربة ناجحة لصاروخ «سارمات» البالستي الجديد، معتبرا أنه «سيجعل الذين يحاولون تهديد بلادنا يفكرون مرتين»، قللت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» من التجربة «الروتينية»، مؤكدة أنها لا تشكل تهديداً للولايات المتحدة أو حلفائها.

وقال الناطق باسم «البنتاغون» جون كيربي، للصحافيين، إن موسكو «أخطرت بشكل صحيح» واشنطن بهذه التجربة وذلك بموجب التزاماتها وفقاً للمعاهدة النووية و»لم تكن عملية الإطلاق مفاجئة».

موسكو: الغرب يكرر سيناريو أوكرانيا مع تايوان

اتهمت موسكو الغرب بتكرار نفس سيناريو أوكرانيا مع تايوان، وفي جلسة للجنة النيابية الخاصة بالعلاقات مع الصين في مجلس الدوما الروسي، قال مدير قسم شؤون آسيا بوزارة الخارجية الروسية غيورغي زينوفييف إن «هناك تشابها واضحا في استخدام الغرب تايوان ضد الصين، واستخدام أوكرانيا ضد روسيا، رغم وجود بعض الخصائص من ناحية القانون الدولي»، في إشارة إلى أن الصين تعتبر تايوان جزءا من أراضيها، وتايوان لا تتمتع باعتراف دولي، في حين أن أوكرانيا دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة. وأشار زينوفييف إلى أن الولايات المتحدة «تضخ الأسلحة في تايوان. وهذا نفس ما كان في أوكرانيا».