جونسون يبدأ «مهمة مستحيلة» بدلهي
بدأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، أمس، زيارة للهند تستغرق يومين وتتمحور حول مناقشات تجارية واستراتيجية بين البلدين اللذين تربطهما علاقة خاصة، لكن من المستبعد أن تدفع نظيره الهندي القومي ناريندرا مودي إلى الخروج عن تحفّظه في زيادة دعم التدابير الغربية ضدّ الغزو الروسي لأوكرانيا.ووصل جونسون إلى ولاية غوجارات الغربية التي يتحدر منها مودي، حيث التقى رؤساء شركات وقام بجولة ثقافية على مدينة أحمدآباد التاريخية مسقط رأس نصف سكان بريطانيا من ذوي الأصول الهندية.وبدأت جولة جونسون بزيارة إلى أشرام (مجلس) سابارماتي في شمال أحمدآباد الذي كان في ما مضى مقرّ المهاتما غاندي، بطل الاستقلال الهندي.
ودعي جونسون إلى الجلوس للغزل على مغزلة من خشب. ويتوجّه بعد ذلك إلى نيودلهي حيث سيلتقي بمودي اليوم. وأرجئت هذه الزيارة إلى الهند مرّتين بسبب جائحة «كورونا».غير أن هذا اللقاء يكتسي أهميّة كبيرة فعلا ولا يجوز تأجيله بعد مرّة، وفق مصادر بريطانية. وكشفت رئاسة الحكومة عن نيّتها إبرام اتفاقات استثمار ثنائية بقيمة مليار جنيه استرليني من شأنها أن تستولد 11 ألف فرصة عمل في بريطانيا.ومن شأن هذه الزيارة أن تسمح بـ «توطيد العلاقات الاستراتيجية بين بلدينا في مجال التجارة والدفاع والتبادلات الفردية»، بحسب ما قال جونسون للبرلمان قبل مغادرة لندن. وستتيح الزيارة نسج شراكات جديدة في مجالات الدفاع والذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، فضلا عن إبرام اتفاقات استثمار في ميادين مثل تكنولوجيا الروبوتات والمركبات الكهربائية والأقمار الاصطناعية.وبغياب جونسون، ناقش النواب البريطانيون أمس، قضية الحفلات التي نظمتها رئاسة الحكومة البريطانية خلال فترة الإغلاق للحد من انتشار كورونا وفرضت بسببها غرامة على رئيس الوزراء، الذي يبدو أن الأزمة التي يواجهها مستمرة.هل تعمّد زعيم حزب المحافظين خداع البرلمان؟ نظراً إلى أغلبيته، يبدو ضئيلاً احتمال موافقة مجلس العموم على إطلاق إجراء برلماني قد يدفعه إلى الاستقالة.لكن هذا النقاش، الذي سيعطي قبل كل شيء فكرة عن حجم الدعم الذي يتمتع به، يمنع بوريس جونسون المصمم على البقاء في السلطة من طي صفحة هذه الفضيحة. والقضية التي تراجعت أهميتها بسبب الحرب في أوكرانيا، أطلقت مجدداً الأسبوع الماضي عندما فرضت عليه غرامة لمخالفته قيود مكافحة "كوفيد 19" أثناء مشاركته في حفل مفاجئ في عيد ميلاده السادس والخمسين في يونيو 2020. وهو أول رئيس للحكومة البريطانية يعاقب لانتهاكه القانون.وكرر جونسون أنه يريد البقاء في منصبه حتى الانتخابات التشريعية المقبلة المقرر إجراؤها في 2024 والتركيز على "الأمور التي تهم" الناخبين، حسب تصريحات نقلتها وسائل إعلام بريطانية على متن الطائرة.وكرر الثلاثاء اعتذاره "الصريح" للنواب والبريطانيين قائلاً، إنه "لم يتصور" أن هذا التجمع الذي لم يستمر أكثر من عشر دقائق على حد قوله، "قد يشكل انتهاكاً للقواعد".لكن ذلك لم يقنع المعارضة التي تقدمت بمذكرة إلى مجلس العموم لمعرفة ما إذا كان رئيس الوزراء خدع عمداً البرلمان بتأكيده مرات عدة أنه احترم كل القواعد.لكن هذه المذكرة لا تتمتع بفرصة للنجاح نظراً إلى الأغلبية المحافظة الكبيرة في مجلس العموم. كما يعتقد العديد من النواب الذين دعوا من قبل إلى رحيل جونسون أنه من غير المناسب الآن طرده من منصبه في سياق الحرب في أوكرانيا.لكن النقاش سيسمح لأي متمردين محتملين في حزبه بكشف مواقفهم. وسيخضع لمراقبة دقيقة موقف الأعضاء المحافظين المنتخبين بين الولاء لزعيم حزبهم وغضب الناخبين، مع اقتراب انتخابات محلية ستجرى في الخامس من مايو. وفي محاولة لتهدئة النفوس وكسب الوقت، قدمت الحكومة اقتراح تعديل من جانبها لتأجيل التصويت على إحالة القضية إلى لجنة الامتيازات، وهي لجنة برلمانية مسؤولة عن هذا النوع من القضايا، حتى انتهاء تحقيق للشرطة وآخر إداري. وفي حال نقل القضية إليها، يمكن لهذه اللجنة التحقيق وإذا لزم الأمر، التوصية بعقوبات لا يعرف حجمها ومداها. لكن القانون الوزاري ينص على أن أي وزير يضلل البرلمان عن عمد يجب أن يستقيل.وقال زعيم حزب العمال كير ستارمر "نحث نواب حزب المحافظين على فعل الأمر الصائب: احترام تضحيات ناخبيهم خلال الوباء والقول، إن الجمهور كان على حق في الالتزام بالقواعد".ووصف زعيم المعارضة الثلاثاء بوريس جونسون بأنه "رجل لا يخجل"، داعياً نواب الأغلبية إلى التخلص من زعيمهم لإعادة "الصدق والنزاهة" إلى الحياة السياسية البريطانية. كما واجه رئيس الحكومة انتقادات حادة من داخل معسكره، إذ قال النائب المحافظ مارك هاربر، إنه لم يعد "يستحق" البقاء في منصبه.وإلى جانب تحقيق برلماني، لا يبدو جونسون بعيداً عن غرامات جديدة لمشاركته في خمسة احتفالات أخرى على الأقل حسب الصحف. وسيتعين عليه أيضاً أن يواجه في موعد لم يحدد بعد، النتائج التي توصلت إليها الموظفة الحكومية الكبيرة سو غراي التي تحدثت في تقرير تمهيدي عن "أخطاء في القيادة والحكم".