بعد نحو 5 أعوام من تداول مقترح فكرة صانع السوق وما صاحبه من نقاش طويل مع شركات استثمار، لا تزال نحو 76 بالمئة من الشركات المدرجة في البورصة غير مقتنعة بالاستعانة بصانع سوق، إذ يصل عدد المرخص لهم تقديم الخدمة حالياً 6 شركات استثمار من كبريات الشركات المالية، تقدم الخدمة على 39 شركة فقط تمثل 24 بالمئة من حجم السوق البالغ 161 ورقة مالية مدرجة، ويعني ذلك أن 76 في المئة من حجم السوق غير مقتنع بفكرة صانع السوق.

وفي تأكيد على ضعف الجدوى تظهر الأوراق المالية التي عليها صانع سوق أن نحو 9 شركات تستعين بصانع سوق مزدوج "أي شركتين" تقدّم الخدمة على السهم الواحد، وهو أمر قد يؤدي، في حد ذاته، إلى تضارب في تحقيق الهدف المنشود، خصوصاً أنه لا تنسيق مسبقاً في السوق فيما يخص العرض والطلب.

Ad

في ضوء ما سبق، هناك شركات عرضت عليها الخدمة من جانب أكثر من صانع سوق، ولم يكن مستغرباً أنها أجّلت التعاقد أو رفضت فكرة الخدمة من الأساس، علماً بأن من بين تلك الشركات كيانات كبرى، ومن أبرز أسباب الرفض أنه لا فائدة جوهرية من تسجيل صانع سوق على الورقة المالية، خصوصاً أنه لا يضمن تقييم السهم عند السعر العادل، أو حتى كبح جماح التضخم السعري المُبالغ فيه وغير المبرر، فليس من ضمن أهداف أو مهام صانع السوق دعم السهم وتصحيح اتجاهه، بل ببساطة توفير آلية للعرض والطلب وضمان سائلية السهم.

الشركات ذاتها التي رفضت خدمة صانع السوق، أشارت إلى أن صنّاع السوق لديهم العديد من المخاطر والمحاذير وسقف في التعامل وحد تقديم الخدمة، فلا يمكنه على سبيل المثال استيعاب أي عمليات بيع أو ضغوط على السهم، أو توفير أسهم للطلبات الكبيرة التي قد يشهدها السهم.

فعلى سبيل المثال، طُرحت أسهم في اكتتابات خاصة بأسعار قياسية واستثنائية، وتراجعت إلى ما دون سعر الطرح بنسبة تصل إلى 50 بالمئة تقريباً، ومسجل عليها صانع سوق، وتتداول حالياً بمستويات متدنية تقل بنحو 52 في المئة حالياً دون أن يشفع لها أي صانع سوق في مسألة التقييم.

أيضاً ترى شركات أنه يمكنها تفعيل دور صانع سوق على أسهمها من خلال التفعيل الجيد لبند شراء 10 بالمئة من أسهمها، إذ إن تفعيل ذلك البند باحترافية يعد أكثر تأثيراً وجدوى من التعاقد مع صانع سوق ومنحه أسهماً من رأسمال الشركة لاستخدامها في الدور المنوط له.

فمحدودية الدور والمهام والإمكانات المالية لصانع السوق والمخاطر التي يتوخاها والرغبة في تحقيق هامش ربح وفائدة للشركة التي تقدّم الخدمة وطبيعة السوق التي تتحكم فيه نسبة كبيرة من المضاربات، كلها عوامل تصعّب من دور صانع السوق، وباتت تحتاج إلى تطوير.

محمد الإتربي