هل نجحت الهند في امتحان «التوازن الصعب» بأزمة أوكرانيا؟
بعد أن كانت محل استياء بسبب استمرار شراء النفط الروسي وعدم إدانتها لغزو أوكرانيا، تغيرت نغمة الغرب تجاه الهند بعد أن «تمكّنت من تحقيق توازن مثير للإعجاب»، بحسب شبكة CNN الإخبارية الأميركية.ففي الشهر الماضي، كانت الهند تتعرض لانتقادات من الغرب بسبب علاقتها بروسيا، إذ لم يقتصر الأمر على رفض الدولة الواقعة في جنوب آسيا إدانة غزو موسكو الوحشي على أوكرانيا، ولكن أيضا على مشترياتها من النفط الروسي المخفض.وعندما التقى الرئيس الأميركي جو بايدن، برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال وقت سابق هذا الشهر، ظهر لهجة مختلفة تتحدث عن «علاقة عميقة بين شعبينا» و«القيم الديموقراطية المشتركة» بين البلدين.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في «كينغز كوليدج لندن»، هارش في. بانت، إن الولايات المتحدة أدركت أنها بحاجة إلى معاملة الهند على أنها «شريك جديد يحتاج إلى استمالة».وأصبحت نيودلهي وواشنطن قلقتين بشكل متزايد بشأن القوة العسكرية المتنامية للصين ومطالباتها الإقليمية العدوانية في البر والبحر، ونفوذها الاقتصادي المتزايد على جيرانها الأصغر.وفي عهد الرئيس شي جينبينغ، نما الجيش الصيني ليشمل أكبر قوة بحرية في العالم، وطائرات مقاتلة شبح متطورة تقنيا وترسانة متنامية من الأسلحة النووية.وقال بانت، الذي يشغل أيضا منصب رئيس برنامج الدراسات الإستراتيجية في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث، إن جزءًا من خطة واشنطن لمواجهة ذلك يعتمد على إدراج الهند، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، في المجموعة الأمنية النشيطة بشكل متزايد والمعروفة باسم «الرباعية».في غضون ذلك، تملك الهند مخاوفها الخاصة من الصين بعد أن انخرط البلدان في مواجهة عسكرية على طول حدودهما المشتركة في جبال الهيمالايا أودت بحياة العشرات خلال العامين الماضيين. وفي مفارقة لن تغفلها واشنطن، تعتمد الهند بشكل كبير على الأسلحة الروسية لتجهيز جيشها، بما في ذلك في جبال الهيمالايا.وبدت الهند والصين تظهران مواقف مماثلة بشأن غزو روسيا لأوكرانيا، حيث وضعت كلتاهما نفسها كمتفرجة محايدة، وليس خصما صريحا لأحد الطرفين، في وقت دعا البلدان إلى إحلال السلام، بينما رفض كلاهما إدانة الغزو على الفور.وتملك الهند والصين على حد سواء علاقات استراتيجية مع روسيا وتحرصان على عدم تعريض تلك العلاقات للخطر، لكن هذه التشابهات سطحية فقط، بسبب وجود «اختلافات شاسعة»، بحسب مانوغ كيوالراماني، وهو زميل دراسات الصين بمعهد «تاكشاشيلا» في بنغالور بالهند.وقال كيوالراماني، إن الصين شجبت العقوبات الغربية وألقت باللوم على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مرارا وتكرارا في الصراع، مقلدة وجهة نظر روسيا القائلة بأن «الناتو» عجل الأزمة من خلال التوسع شرقا، وضخمت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة روايات روسيا المضللة بشأن الحرب.من ناحية أخرى، ابتعدت الهند عن انتقاد «الناتو»، ويبدو أنها حريصة على التقليل من أهمية خلافاتها مع الولايات المتحدة، وكانت هناك أيضا تحولات طفيفة في موقف الهند مع استمرار الحرب. وكان مودي تحدث إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بينما لم يتحدث قادة الصين معه، كما أشار لي مينجيانغ، الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية في كلية «إس راجاراتنام» للدراسات الدولية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة. وقال لي إن الهند كانت أيضا أشد قسوة في انتقادها لجرائم الحرب الروسية المزعومة.ولا تزال موسكو حريصة على بيع الهند النفط بأسعار رخيصة حتى أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، التقى بنظيره في دلهي هذا الشهر وأثنى على الهند لعدم النظر إلى حرب أوكرانيا «بطريقة أحادية الجانب».علاوة على ذلك، تزداد العلاقات مع الهندية مع الغرب بشكل أوثق منذ انتخاب مودي في 2014، وتبلغ التجارة السنوية بين الهند والولايات المتحدة أكثر من 110 مليارات دولار، مقارنة بتجارة الهند مع روسيا، والتي تبلغ حوالي 8 مليارات. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الهند أيضا عميلا رئيسيا للتجهيزات العسكرية الأميركية.