رائدة طه: «شجرة التين» سردٌ قصصي لذاكرة القدس

حاكت شغف العودة خلال فعاليات «لابا» الرمضانية

نشر في 25-04-2022
آخر تحديث 25-04-2022 | 16:02
«شجرة التين»، سردٌ قصصي أبحرت معه الحكواتية الفلسطينيّة المعروفة رائدة طه، في رحلةٍ إلى القدس بعد العودة. فسافرت بالجمهور الكويتي والفلسطيني ومناصري القضية الفلسطينية إلى تلك المدينة العابقة بالتاريخ والتراث، وروَتْ على مدى أمسيتين متتاليتين، ذكريات القدس بأهلها وناسها، بحكايات الأسرة والأقارب، بمساجدها وكنائسها، بصراخ سكّانها وهتافاتهم ولهجتهم المتميّزة، بضجيجها وقهقهاتها وآهاتها، بحزنها وفرحها، بعاداتها وتقاليدها، بقصصها وشوارعها النابضة بالحياة ورائحة البخور والمأكولات والبهارات.
في إطار "ليالي رمضان"، التي أطلقتها أكاديميّة لوياك للفنون – لابا، استرجعت الحكواتية الفلسطينية، رائدة طه، على خشبة مسرح الأكاديميّة في المدرسة القبلية على مدى يومي 11 و12 الجاري، جمال القدس وسط أجواءٍ حماسيّة ممتعة، مفعمة بالحياة والأمل، فكان سردًا لامس قلوب الحاضرين ووجدانهم، وسرح بهم بعيدًا نحو القدس، حيث امتزجت فرحة الذكريات وروعتها بدموع الغصّة وشغف العودة إلى أرض الأجداد والآباء، حيث خاطبت طه الجمهور الفلسطيني، مردّدةً أمامه عبارة "ارجعوا، ارجعوا إلى فلسطين".

الحنين إلى تراب الوطن رافق الحكواتية الفلسطينيّة التي عادت بجمهورها إلى ذكرياتٍ متناثرة ورثتها من أمّ وحيدة فقدتْ حبيبها، علي، لغريمتها القدس، حيث وجدتْ نفسها منذ الطفولة مرتبكة، مضطربة ومتوترة.

رائدة التي وُلدت في القدس وكبرت في الشتات، وورثت الذكريات، وعادت إلى البلاد مثقلة بتناقضات الغربة وقسوتها، حفرت بأظافرها بحثًا عن جذور انتماءٍ حُرمت منها قسرًا، وما زالت تبحث، وما زال اسمها حتى اليوم، رائدة العائدة.

وفي حديثها لأكاديمية لابا، تحدثت طه عن "شجرة التين" بوصفها "سردا قصصيا عن القدس، عن مسجدها وعتباتها وبيوتها وشخصياتها المضحكة. هي قصص وحكايات كثيرة من ذاكرة القدس، ورثتها من والدي ووالدتي، فعدتُ لأرى القدس بعينيّ ولأسرد قصصها".

وأضافت: "كنتُ أكتب في كلّ مرّة فصلًا من فصول حياتي التي تنعكس على حياة الآخرين والفلسطينيين، وباتت اليوم تنعكس كذلك على حياة العرب".

وإذ أعربت عن سعادتها بالأمسية "المميّزة والمختلفة والممتعة جدًّا، والتي كُلّلت بحضورٍ دافئ ورائع لأهلنا وأحبائنا الكويتيين والفلسطينيين وغيرهم، وسط أجواءٍ رمضانية جميلة"، توجّهت طه بالشكر إلى أكاديميّة لابا ورئيسة مجلس إدارتها، فارعة السقاف، "القائمة على هذا الصرح التنموي الثقافي الأصيل، والذي كان لي شرف المشاركة في فعاليّاته"، مشيدةً بـ "الكويت الحبيبة، بلدي الثاني، وما تحمله قلوبنا تجاهها من محبةٍ وتقديرٍ وتاريخٍ ثقافيّ ووطنيّ مشترك".

من جهتها، أكّدت السقاف "حرص أكاديمية لابا بشكلٍ دائمٍ على دعم القضية الفلسطينيّة ودعم جهود السلام وحقوق الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم. وقد خصصنا هذا العام لإحياء الذاكرة الفلسطينيّة في الوجدان الإنساني والتذكير بأحقيّتها، فاخترنا العودة إلى القدس وأهلها وشجرة التين".

وتابعت: "ليست المرة الأولى التي نستضيف فيها رائدة طه، إذ إننا ندعم مشروعها الهادف إلى استمراريّة الرواية الفلسطينية، بما يحفظ الهوية والتراث والذاكرة ويرسخها عبر الأجيال".

ومن منطلق إيمانها بأهمية الفن وقدرته على اجتياز الحدود، كما مساهمته في دعم المجتمعات والأفراد ومنحهم الأمل بالاستمرار، خصصت "لابا" ريع الأمسيتين لدعم السرد القصصي للقضية الفلسطينية.

كما سبق أن أقامت في شهر أغسطس الماضي، معرض الفن التشكيلي الافتراضي بعنوان "لأجلك يا قدس"، دعمت من خلاله مؤسسة "فن من القلب (Art to Heart)" في فلسطين، والتي تُعنى بالفنون وأثرها الفاعل في المجتمع، وتمنح كذلك الأشخاص ذوي الإعاقة حقّهم وفرصتهم بالمشاركة في المشهد الثقافي والفني، أسوة بغيرهم من المواطنين.

وفي سياقٍ متصل، أبدت المديرة التنفيذيّة لمؤسسة فن من القلب، سهى خفاش، تقديرها وامتنانها لأكاديمية لابا على "دعمها المتواصل لرسالتنا المجتمعية، كما مساندتها لبرامجنا التنموية الهادفة. شكرًا من القلب للشعب الكويتي الشقيق وللأكاديميّة على دعمكم الدائم لفلسطين، شعبًا وقضية".

لامستْ المشاعر وقاربتْ الوجع الفلسطيني

وعبّرت ريما الكالوتي عن إعجابها بالأمسية، قائلة: "كان عرضًا رائعًا جميلًا، وربما لأنني من القدس عُدت بالذاكرة إلى جذوري وأجدادي"، مشيدة برائدة "الحكواتية الرائعة التي تسرد قصصها على طبيعتها".

أما الكاتبة المؤثرة، دلع المفتي، فقد أعربت عن فخرها الشديد بأكاديمية لابا، وكلّ ما تختاره وتقدمه من أعمال وموسيقى وأمسيات، حيث إنها ومؤسسة لوياك لا تنتقيان إلا الأفضل، وهذا كلام من القلب. لقد كانت أمسية رائعة تليق بشهر رمضان المبارك وبالحكايات التي نشتاق إليها".

من جهتها، رأت إحدى الحضور أن "حكايات طه لامستْ الوجع وأثارت العواطف. لقد سردتْ على مسامعنا ما كنّا نسمعه من أهالينا، عن أسماء المناطق والعائلات، عن باب العامود، وباب السلسلة، وعن شجر التين، حيث استذكرتُ معها كيف كانت والدتي تصحو على مشهديّة شجرة التين وحبّاتها وقطرات النّدى".

وأضافت: "روَتْ رائدة بحكايتها الوجع الفلسطيني، وجع الهجرة ووجع العودة، فاختزلت الألم والجمال معًا". وإذ أشادت بـ "الحكواتية الفلسطينيّة وما تتميّز به من خفّة دم وطريقة سردٍ بأسلوب السهل الممتنع"، فقد أملت "استمرار الحكايات عن فلسطين، عن الأحلام والأوجاع، عن المناطق والمأكولات وكلّ ما يمتّ إلى فلسطين بصلة، وأن تتكرّر الحكايات مع الأيام، بما يرسخ القضية التي ستبقى حيّة، ولن تموت".

وتحدثت أخرى عن "العرض الرائع الذي قدّمته رائدة، فأتى سردها بمنتهى التلقائيّة والبساطة. جعلتني أعيش حلمًا، وأتخيّل وأرى ما كنتُ أسمع وأقرأ عنه طوال حياتي، فكانت أمسية مليئة بأحاسيس مختلطة، تنقّلنا معها بين محطّاتٍ من الضحك ووقفات من الدموع والبكاء".

back to top