غداة إعلان وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، انتهاء المرحلة الأولى من عملية «قفل المخلب» العسكرية شمال العراق، وتعهده باستمرارها حتى يزول التهديد على الحدود، كشفت صحيفة ستار، أمس، أن الجيش التركي يعتزم التقدم بعمق 60 كم داخل الأراضي العراقية لملاحقة حزب العمال الكردستاني.

وأفادت الصحيفة التركية بأنه بعد الانتهاء من المهام الرئيسية للعملية، لا يخطط الجيش التركي لمغادرة شمال العراق بشكل كامل، بل يعتزم نشر قواعد مؤقتة للسيطرة على المنطقة، ولن ينسحب من الأراضي العراقية قبل «زوال التهديدات نهائياً». وفي حين ذكرت «ستار» أن قيادة كردستان العراق تساعد تركيا، وتمنع مرور عناصر «العمال» إلى الإقليم، أشارت صحيفة الصباح التركية، إلى أن عدد مقاتلي الحزب الكردستاني في منطقة قنديل كان نحو 3 آلاف فرد قبل بدء العملية التركية، حسب بيانات الجيش التركي، مؤكدة أن العملية ستمتد إلى عمق 50-60 كيلومتراً، وهدفها النهائي سيكون جبال قنديل.

Ad

وفي العمليات السابقة، التي سببت حرجاً بالغاً لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، كانت القوات التركية تتحرك على مساحة 7 كيلومترات، ضمن نطاق اختراق داخل أراضي إقليم كردستان بمسافة 25 إلى 30 كيلومتراً.

ودافع إردوغان عن العملية، التي رفضتها بغداد بشدة وتبادلت مع أنقرة استدعاء السفيرين وتداولت شبكات التواصل الاجتماعي أن قوات البيشمركة مشاركة أيضاً فيها، خصوصاً مع تزامنها مع زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني إردوغان بأنقرة واجتماعه مع رئيس الاستخبارات حقان فيدان.

وأكد إروغان، عقب اجتماع الحكومة، أن عملية «المخلب» تجري وفق القانون الدولي بشكل تام، وانطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الثنائية مع الجيران وستتواصل ضد الإرهابيين في الخارج، لحين إحكام السيطرة على الحدود الجنوبية بشكل تام، حيث لا يتمكن أي إرهابي من التسلل إلى تركيا أو الهروب منها.

ولفت إرودغان إلى أن الهدف من العملية تطهير منطقة زاب بشكل تام، وتضييق الخناق أكثر على التنظيم الإرهابي شمال العراق. وأكد أن تركيا تمتلك القوة والإرادة والحزم اللازم لضمان أمنها بنفسها، وأنها لن تسمح بإقامة ممر إرهابي على حدودها الجنوبية.

تجدّد الحديث عن زيارة إردوغان للسعودية

نقل الصحافي التركي رجب صويلو في تقرير نشره موقع «ميدل إيست آي» أمس عن ثلاثة مصادر مطلعة قولها، إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يعتزم زيارة المملكة العربية السعودية في وقت لاحق هذا الأسبوع بعد سنوات من التوترات في العلاقات بين البلدين.

وذكرت المصادر، حسب التقرير أن الزيارة مقررة غداً، لكن قضايا متعلقة بالجدولة قد تؤخرها إلى الشهر المقبل. وتأتي الرحلة المحتملة في ضوء تحسن العلاقة بعد أن سلم القضاء التركي قضية الصحافي السعودي الراحل جمال خاشقجي إلى السلطات في الرياض، في وقت سابق من هذا الشهر.

ويسعى إردوغان إلى إصلاح العلاقات مع كجزء من سياسة إقليمية جديدة لتعزيز اقتصاد تركيا، بعد أن أصلحت العلاقات مع الإمارات ولقائه مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

البيشمركة وبغداد

وفي وقت سابق، أصدرت وزارة شؤون البيشمركة بياناً حول شائعة مشاركتها وتحريك قواتها بعد بدء العملية العسكرية التركية في إقليم كردستان، أعلنت فيه أن قواتها «لم تشارك بأي شكل من الأشكال في تلك العمليات ولم يتم تحريكها».

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت رفضها القاطع للعملية العسكرية التركية وأدانتها بشدة، ووصفتها بأنها تمثّل خرقاً للسيادة ومخالفة لمبدأ حُسن الجوار. كما استدعت سفير تركيا علي رضا كوناي، مطالبة بالانسحاب الكامل.

وقبل يومين، اعتبر وزير الخارجية، فؤاد حسين، أن «التدخل التركي اعتداء وانتهاك سافر على سيادة العراق»، مبينا أنه «لا يوجد أي تنسيق مع تركيا حول عملياتها بإقليم كردستان وهي مدانة». وأوضح أن «حزب العمال تركي وبعض أكراد العراق انتموا له، وانتشروا على طول الشريط الحدودي مع إيران وتركيا، ووجوده بهذه الكثافة خطر على كردستان».

وفي ظل توتر مواز بين أنقرة وطهران، دفع الفصائل المحسوبة على إيران لقصف مركز تقل القوات التركية في معسكر زليكان التابع لمدينة بعشيقة شمال شرق الموصل، بعدد من الصواريخ أطلقت من منطقة نائية بين قريتَي عمر قابچي والفاضلية في بعشيقة، تلاها وقوع انفجار يوم الأحد في عجلة كانت تحمل عدداً من الصواريخ، مهيأة لاستهداف القاعدة ذاتها بمحافظة نينوى.

واستدعت تركيا القائم بالأعمال العراقي، الخميس، وسلّمته مذكرة احتجاج، رداً على إجراءات مماثلة اتخذتها وزارة الخارجية العراقية، وشملت استدعاء السفير التركي علي كوناي. من جهته، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، محمد الحلبوسي، أمس، عزمه إعادة النظر في مجمل مشاركته بالعملية السياسية «نظراً لتحكُّم المسلحين الخارجين عن القانون» في العراق، متوعداً بمحاسبة كلّ من «أجرم بحق الشعب، وغيّب رجاله وقتل شبابه وهم يطالبون بحقوقهم».

وفي إشارة واضحة إلى مناوئيه من القيادات السنيّة التي عادت إلى المشهد أخيرا بعد تسوية التهم الموجهة إليها من القضاء، كتب الحلبوسي، في تغريدة: «العمل السياسي تحكمه ثوابت وأخلاقيات، ولا يمكن أن يُصنّف الاستهتار بأمن المواطنين، وإثارة الفتن بين أبناء الشعب تحت أي سبب كان على أنه مناورة أو ضغط سياسي».

وقال: «لذا سنتخذ مواقف جدية وحدية بمجمل المشاركة في العملية السياسية، نظراً لتحكّم المسلحين الخارجين عن القانون، وعبثهم بأمن البلاد والعباد، ومحاولاتهم المستمرة لتغييب الدولة وإضعاف القانون والعبث بالنسيج الاجتماعي، إذ لا يمكن أن تُبنى دولة من دون العدل والعدالة، ولا يُحترم فيها حق المواطن في العيش الكريم».

ولفت الحلبوسي إلى أنه «سيُحاسب عاجلاً أم آجلاً كل من أجرم بحق الشعب ونهب ثرواته وغيّب رجاله، وقتل وأعاق شبابه وهم يطالبون بحقوقهم، وآخرين هجّرهم من ديارهم، وأودع أبرياء بدلاً من مجرمين تم تهريبهم من السجون في وضح النهار».