دخل لبنان «الزون» الثالثة على موعد إجراء الانتخابات النيابية. تزداد الحماوة السياسية والانتخابية في مختلف المناطق. تتقارب المعركة أكثر فأكثر، خصوصاً أن حزب الله، الذي كان يعتبر المقربون منه أنه يخوض معركة الثلثين في البداية، ومع إعلان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عزوفه عن المشاركة في الانتخابات.

ولكن الأيام الماضية شهدت تراجعاً في التقديرات والاستطلاعات. فحزب الله يعمل حالياً على الحصول على أكثرية النصف زائداً واحداً وليس الثلثين، وهذا بحدّ ذاته تراجع سياسي وانتخابي، طالما أن المعارضين للحزب سيتمكنون من الحصول على الثلث الضامن لهم، والذي يمنع الحزب من اختيار رئيس الجمهورية، الذي يريده ومن فرض القوانين والقرارات التي يريدها.

Ad

لا تزال المعركة مستمرة في محاولة لتقليص حصة الحزب وحلفائه في الانتخابات المقبلة، بحسب التقديرات التي أجريت من أكثر من شركة إحصاء، فإن المعركة هي على 5 نواب، مصيرهم هو الذي يحدد مصير الأكثرية النيابية وإذا سيحتفظ بها حزب الله وحلفاؤه أم سيحرم منها.

حتى الآن التقديرات تشير إلى أن الحزب يمكن أن يتمكن من الحصول على ما بين 65 و70 نائباً، أي أكثرية موصوفة، لكن خصومه يعملون بكل قواهم لمنعه من ذلك. هذا يترافق مع زيادة التحركات السياسية والشعبية، ومع مواكبة دبلوماسية عربية وخليجية وغربية واضحة لمجريات العملية الانتخابية.

يمارس حزب الله أقصى أنواع الضغوط داخل البيئة الشيعية لمنع المعارضين له من الاستفادة من أي تسرب في عمليات الترشح أو التصويت.

وهذا ما حصل في التحديد في دائرة البقاع الثالثة، حيث ضغط الحزب على مرشحين شيعيين على لائحة القوات اللبنانية، هما رامز أمهز وهيمن مشيك اللذان أعلنا انسحابهما من المعركة. يعرف الحزب أن هناك صعوبة لدى خصومه من الاستثمار في بيئته الشيعية أو إضعافه من خلالها، لكنه يسعى إلى إضعاف خصومه السنّة والمسيحيين من خلال تقوية ظروف حلفائه. خصوم الحزب في المقابل يعرفون أن الاختراق في البيئة الشيعية صعب لكن لا بد من التحصين لاستهداف الحزب من خلال تطويقه وإضعاف حلفائه وخصوصاً على الساحتين السنية والمسيحية. في هذا الإطار، لا بد من تكامل الجهود بين القوات اللبنانية والسنّة والقوى الأخرى لأجل تحقيق أفضل النتائج الممكنة، خصوصاً أن إضعاف التيار الوطني الحرّ سيعني إضعاف الحزب بشكل محتّم.

وهذا الأمر يرتكز بالتحديد على الصوت السنّي، إذ يجب ارتفاع نسبة التصويت في البيئة السنية ليتم تصعيب المعركة على حزب الله والتيار الوطني الحرّ، وهذا الأمر لا ينفصل عن الإفطار الذي نظمه السفير السعودي وليد البخاري للرئيس فؤاد السنيورة، ورئيس لائحة «بيروت تواجه» خالد قباني لتعزيز وضع المعركة في دائرة بيروت الثانية لتطويق الحزب. كما أن المسار لا ينفصل عن الإفطار الذي نظمه سمير جعجع وحضره السفراء الخليجيون ورجال دين من الطائفة السنية.

بحسب ما تشير كل التقديرات، فإن الصوت السنّي في مناطق ودوائر حساسة سيكون هو المقرر في النتائج، وذلك يتجلى في دائرتين أساسيتين في الجنوب، في دائرة صيدا جزين خصوصاً أن قضاء جزين يعتبر معقل التيار الوطني الحرّ حليف حزب الله، فلم ينجح التيار في نسج أي تحالف مع جهات أساسية وفاعلة ومؤثرة في صيدا، بالتالي في حالة ارتفاع نسبة التصويت السنّي في صيدا سيصبح من الصعب جداً تمكن التيار الوطني الحرّ من تحقيق الحاصل الانتخابي، بالتالي لن يفوز له أي مرشح، وهذه ستكون سابقة في تاريخ هذه المنطقة. النقطة الثانية المهمة تتعلق بدائرة الجنوب الثالثة، وهي تعتبر معقلاً لحزب الله، هناك فرصة أمام اللائحة المعارضة للحزب وهي اللائحة الوحيدة في تواجهه، ما يعني أن أصوات المعارضين والقوى المدنية كلها تتجمع بلائحة واحدة بعدما تشتت في الانتخابات الأخيرة على 4 لوائح حازت جميعها حوالي 35 ألف صوت، اتحاد هذه اللائحة، ورفع نسبة التصويت السني خصوصاً من أهالي العرقوب قد يتيح تحقيق الخرق بمقعدين في هذه الدائرة وبالتالي خسارة حلفاء حزب الله لمقعدين أساسيين في معقله، وبذلك يمكن قلب النتائج العامة للانتخابات وللتوازنات في المجلس النيابي الجديد.

منير الربيع