«لوبان» خسرت الرئاسة الفرنسية لكنها ربحت المعركة
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
هناك هجمة أوروبية باتجاه كل ما هو «أجنبي» من وجهة نظر أستاذة جامعية كويتية عاشت في فرنسا، «فالقارة العجوز» تعمل على طرد من هو دخيل على قوميتها وهويتها الثقافية وهذا ما لاحظته من خلال زياراتها إلى باريس. نتائج الانتخابات الرئاسية لم تفرز حالة الانقسام السياسي فقط، بل أعطت صورة لا تخطئها العين وهي أن «الأيديولوجيا» العنصرية لن تتراجع بل ستزداد تغلغلاً في المجتمع، وأن نصف المواطنين تقريباً لا يريدون التعايش مع الآخرين بل يرفضونهم، لذلك كانت «لوبان» الصوت المعبّر والحقيقي عن هذه الشريحة، وهناك باحثون متخصصون وجدوا أن الذين صوتوا لمارين لوبان، ليسوا كلهم من اليمين المتطرف، بل قوة مشاعر الرفض تجاه سياسات ماكرون أدت إلى تضخم نتائج القوميين. الأفكار التي كان «اليمين المتعصب» يدافع عنها وصلت الآن إلى القمة وأصبحت تفرض نفسها في الساحة السياسية حتى إن بقي الرئيس الجديد يبحث عن إجابات وحلول «لمواجهة الغضب» الذي أثارته «لوبان» . النتيجة ستسمح لليمين بحصد عدد أكبر من المقاعد في مجلس النواب القادم «واللعبة السياسية» كما أسمتها زعيمة الجبهة الوطنية لم تنته بالكامل بل ستبدأ منذ الآن ومع اقتراب الانتخابات التشريعية. هناك من شعر بالنصر لهزيمة «اليمين» وإسناد مستقبل فرنسا إلى «لوبان» وهو خبر سار للوحدة الوطنية كما أوضح زعيم حزب اليسار ميلانشون، فالرهان عند اليسار واليمين المتطرف أن يكسب الجولة الثانية والقادمة من الانتخابات النيابية، وهذا ما يمنحهم الفرصة بتسمية رئيس حكومة جديد يمثل أحد التيارات المناهضة للرئيس، وبالتالي يضعه في الخانة الصعبة بحيث يصبح غير قادر على ترجمة وعوده ولا حتى برنامجه الاقتصادي والاجتماعي.موضوع الهوية الثقافية وعلاقتها «بالمطبخ الفرنسي» يذكرني بكتاب غير مسبوق أصدره الكاتب والمفكر الفرنسي من أصل سوري فاروق مردم بيه وصاحب دار نشر فرنسية بعنوان «مطبخ زرياب» وفيه روايات كيف قام زرياب بتعليم «أهالي قرطبة»- إسبانيا حالياً– بإعداد الأطعمة البغدادية وترتيب أطباق الوجبة على الموائد الأنيقة، وكذلك الطعام الدمشقي والأغذية الصحية وأرسى قواعد اللباس بحسب الفصول. المهم أن ما تناقلته وسائل الإعلام عن الشاورما التركية أعاد طرح أسئلة وردتني من أصدقاء، لماذا أبقوا على «الكسكسي» ورفضوا الشاورما؟ على سبيل المثال، وكيف تناسوا معركة «الهامبرغر» في بداية الثمانينيات وكانت هذه الوجبة السريعة وغير الصحية تجسد واقعاً أميركيا يغزو فرنسا «المستقلة» في عقر دارها دون أن نسمع كلمة عن الخوف من «اللاجئين» و«الدخلاء»؟