لا تهدأ جهود الفصائل العراقية في الضغط على الأكراد شمالا، والسنة غربا، أو معاقبتهم، بسبب دعمهم مشروع مقتدى الصدر لتشكيل تحالف أغلبية نيابي عابر للطوائف، خلافا للتحاصص المعتاد منذ سقوط صدام حسين.

وتؤكد مصادر سياسية رفيعة، لـ»الجريدة»، أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الذي زار أربيل مساء الثلاثاء، فاتح الزعيم الكردي مسعود بارزاني بأنه مستعد للاستقالة والذهاب للمعارضة، على أن يخضع لضغوط «غير اعتيادية»، يمارسها حلفاء طهران لجعله يغير مواقفه ويتخلى عن دعم الصدر.

Ad

ويعتقد الصدر وحلفاؤه أنه لم يعد ممكنا دخول شراكة في تحالف حكومي مع الفصائل الحليفة لطهران، لأنها تصر على خرق سيادة العراق وجعله معبرا لأجندتها الإقليمية، بينما تطمح بغداد في تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي والانتقال الى مرحلة البناء والتعافي.

ويعتقد القادة السنة أن حلفاء طهران يريدون معاقبة الأنبار، معقل السنة الأساسي غرب العراق، عبر التلاعب بخارطتها الأمنية والسياسية، ويفسرون بذلك العودة المتسارعة لعدد من الشخصيات السنية المعارضة التي كانت الفصائل تتهمها بالإرهاب، ثم صارت تعود إلى الأنبار بحماية من الفصائل ذاتها، التي تسيطر كذلك على أمن هذه المنطقة الاستراتيجية، ومعابرها الحدودية الرابطة بحكم الأمر الواقع بين طهران وشواطئ المتوسط. وبدأ رئيس البرلمان العراقي زيارة لطهران، والتقى خلالها رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، وبدا من التصريحات التي وزعها مكتبه على الصحافيين، أنها تركز على ضرورة الابتعاد عن دعم الميليشيات و»عدم الترهيب باستخدام العصابات المسلحة»، وهي قضايا لم تكن القيادات السنية تناقشها في العادة مع الإيرانيين، طوال أعوام.

أما شمالا فإن موضوع حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة يشهد تطورات متسارعة، ويشعر الساسة في إقليم كردستان العراق بأن إيران تقوم بتحريك هذا الحزب لتطويق مصالح الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

وأعلن مجلس أمن إقليم كردستان، مساء أمس الأول، الثلاثاء، إحباط مخطط لحزب العمال الكردستاني، وقال بيان إن قوة أمنية ضبطت «كمية كبيرة من المواد المتفجرة في محافظة دهوك»، مضيفا أنه «عثر على ألف كغم من مادة تي إن تي المتفجرة، و٢٣ طائرة مسيرة هجومية»، متهما حزب العمال بأنه كان يخطط لنقلها لتنفيذ عمليات ضد منشآت مدنية وحزبية.

ويسيطر حزب العمال على مناطق وعرة حدودية، لكنه أثناء الحرب على تنظيم داعش، تمكن من التحالف مع الحشد الشعبي، المظلة شبه الرسمية للفصائل، والاستقرار في منطقة سنجار، التي تمثل معبرا بين العراق وسورية غرب الموصل، وتحاول حكومة الكاظمي فرض القانون في سنجار منذ سنة دون جدوى، إذ يرفض حزب العمال الخروج منها ويحظى بدعم وتسليح من الفصائل.

وتثير التحركات الإيرانية داخل الانسداد السياسي العراقي، ردود فعل إقليمية غير مألوفة. وفي هذا السياق علق مصدر أمني رفيع في أربيل، على خطط الجيش التركي للتوغل نحو ٦٠ كيلومترا في الأراضي العراقية خلال عملية ينفذها ضد حزب العمال، أنه تحرك يكشف ان تركيا «مستفزة جدا من التمادي الإيراني لمد الأذرع شمالا».

ويوضح المصدر، في حديث لـ«الجريدة»، أن التوغل بهذه المسافة يعد أمرا غير مألوف، ويعني أن الأتراك يريدون تطويق جبل قنديل، المنطقة الأكثر وعورة في مثلث الحدود بين تركيا والعراق وإيران، حيث يتخذها حزب العمال مقرا حصينا لعناصره منذ الثمانينيات، ويجري تشبيهها بجبال تورا بورا العصية، التي كانت مخابئ للجهاديين خلال الحروب الأفغانية.

محمد البصري