في أقوى ردّ حتى الآن من الكرملين على العقوبات المشدّدة التي فرضها الغرب على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، أعلنت شركة الطاقة الروسية العملاقة «غازبروم»، أمس، إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي الروسي كلياً إلى بلغاريا وبولندا، بسبب عدم الدفع بالروبل، بينما قبلت النمسا وهنغاريا بسداد ثمن الغاز المورد إليهما بناء على الآلية التي طرحتها موسكو، أي بالروبل.

وأصدرت «غازبروم» بياناً رسمياً جاء فيه: «أوقفنا بشكل كامل إمدادات الغاز إلى «بولغارغاز» (بلغاريا) و»بي جي نيج» (بولندا) بسبب عدم الدفع بالروبل، عملاً بالمرسوم الرئاسي»، بعدما قال الرئيس فلاديمير بوتين الشهر الماضي، إن بلاده لن تقبل بأن يتم دفع ثمن الشحنات إلا بعملتها الوطنية، بسبب فرض عقوبات على بلاده.

Ad

وهدّدت «غازبروم» بأنه من الممكن خفض الإمدادات الأخرى، إذا ما استغلت بلغاريا وبولندا الغاز، الذي يتم نقله عبر أراضيهما إلى دول أخرى.

«إمبريالية» و«ابتزاز»

ورغم ذلك، أكد هذان البلدان العضوان في حلف شمال الأطلسي «ناتو» وفي الاتحاد الأوروبي، أنهما مستعدان للحصول على كمية الغاز الناقصة من مصادر أخرى.

وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، إن روسيا دفعت حدود «إمبريالية الغاز» خطوة أخرى بوقف تسليمها الغاز.

وقال للنواب في وارسو: «هذا هجوم مباشر على بولندا». وأضاف: «هاجمت روسيا الاقتصاد الأوروبي من خلال التدابير التضخمية. ويرمي هذا التضخم البوتيني (نسبة إلى بوتين) إلى زيادة أسعار الغاز لمستوى أعلى».

وتابع مورافيتسكي: «سنتعامل مع هذا الابتزاز بطريقة تجعل الشعب البولندي لن يشعر به».

من ناحيتها، قالت وزيرة المناخ البولندية آنا موسكفا: «لن يكون هناك نقص في الغاز في المنازل البولندية» مضيفة «منذ اليوم الأول للحرب، قلنا إننا جاهزون لاستقلال تام عن المنتجات الخام الروسية».

من جانبه، وصف رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف قطع إمدادات الغاز الروسي عن بلاده بأنه «ابتزاز»، بينما قال وزير الطاقة البلغاري، إنّه تمّ اتخاذ «إجراءات لإيجاد ترتيبات بديلة للاستحصال على الغاز الطبيعي والتعامل مع الوضع».

النمسا وهنغاريا

في المقابل، أكد المستشار النمساوي كارل نيهامر، أن بلاده قبلت الشروط الروسية الجديدة لدفع ثمن الغاز بالعملة الروسية، مؤكداً على أمن الإمدادات واستقرار الوضع، في حين أوضح وزير الخارجية والتجارة الخارجية الهنغاري، بيتر زيغارتو، أن بلاده ستدفع ثمن الغاز الروسي المورد إليها بناء على الآلية التي طرحتها موسكو، أي بالروبل، مشدداً على أن إمدادات الغاز الروسي إلى هنغاريا عبر بلغاريا تتم بشكل طبيعي.

وأشارت وكالة «بلومبرغ» الأميركية للأنباء، إلى أن «10 مشترين للغاز الروسي في أوروبا فتحوا بالفعل حسابات في بنك غازبروم بنك لسداد ثمن إمدادات الوقود الأزرق الروسي بالروبل».

وستقوم الشركات الأوروبية بتحويل ثمن الغاز الروسي باليورو فيما سيقوم «غازبروم بنك» بتحويل أموال اليورو في بورصة موسكو إلى الروبل ثم إرسالها إلى شركة «غازبروم».

ويعني ذلك أن الشركات الأوروبية عملياً ستسدد ثمن الغاز الروسي باليورو، لكن إلى حساب جديد.

وفي وقت قال رئيس البرلمان فياتشيسلاف فولودين: «يجب أن نقطع إمدادات الغاز عن باقي الدول غير الصديقة»، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين، أن «إعلان غازبروم غير مبرر وغير مقبول وهو مسعى آخر من روسيا لابتزازنا بالغاز، ويظهر مرة أخرى أن روسيا مورد للغاز غير جدير بالثقة». وأوضحت: «نحن مستعدون لهذا السيناريو ونقوم بإعداد رد الاتحاد الأوروبي المنسق».

وبعد إعلان القرار من الشركة الروسية ارتفعت أسعار الغاز في أوروبا أكثر من 16 في المئة، حيث تجاوزت 1300 دولار، كما ارتفع الطلب على إمدادات الغاز الطبيعي من ألمانيا إلى بولندا عبر خط أنابيب «يامال أوروبا» الروسي.

«غزو» ترانسنيستريا

إلى ذلك، أعلنت السلطات في جمهورية ترانسنيستريا الانفصالية المعلنة من جانب واحد في مولدوفا، أمس، أن نيراناً أطلقت على قرية تضم مستودع ذخيرة روسياً بعد تحليق طائرات مسيّرة.

وأوضحت السلطات في ترانسنيستريا: «ليل الثلاثاءـ الأربعاء، لوحظ العديد من الطائرات المسيّرة في الأجواء فوق قرية كولباسنا».

وأضافت: «صباح 27 أبريل عند الساعة 8:45 بالتوقيت المحلي، أطلقت نيران من الجانب الأوكراني باتجاه كولباسنا. وأكدت عدم ورود معلومات عن إصابات.

وكانت ترانسنيستريا، وهي جمهورية انفصالية موالية لروسيا تقع داخل حدود مولدوفا، وعلى حدود جنوب غربي أوكرانيا، قالت، إنها شهدت هجمات في اليومين الماضيين.

ومنذ اندلاع في الحرب في أوكرانيا، تزايد الحديث عن إمكانية تمدد الوجود العسكري الروسي إلى هذه المنطقة، على غرار ما حدث في منطقتي لوغانسك ودونيتسك.

وما عزز هذه المخاوف تصريحات قائد عسكري روسي قال فيها، إن السيطرة على جنوب أوكرانيا ستوفر ممراً إلى ترانسنيستريا، التي تشهد اضطهاداً للسكان الناطقين بالروسية.

في المقابل، هدّد أليكسي أريستوفيتش، مستشار مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بمهاجمة ترانسنيستريا في حال طلبت مولدوفا ذلك، بينما رأى مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخائيلو بودولياك، أن «روسيا تريد زعزعة استقرار منطقة ترانسدنيستريا، مما يشير إلى أنه على مولدافيا أن تتوقع استقبال ضيوف»، في إشارة إلى الجنود الروس الذين غزوا أوكرانيا منذ 24 فبراير.

تسريع الهجوم شرقاً

إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، أمس، أن القوات الروسية تنوي تسريع هجومها شرقاً، حيث أرسلت كتيبتين تكتيكتين من منطقة بيلغورود، شمال الحدود الأوكرانية، إلى مدينة ازيوم بشرق أوكرانيا.

من ناحيته، أعلن الجيش الروسي، إنه دمر «كمية كبيرة» من الأسلحة التي أرسلتها الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى كييف خلال ضربة بصواريخ «كاليبر» عالية الدقة أطلقت من البحر على مصنع في زابوريجيا بجنوب شرقي أوكرانيا.

كما اندلع حريق أمس، في مستودع للأسلحة قرب قرية ستارايا نيليدوفكا في منطقة بيلغورود الروسية على بعد 20 كيلومترًا من الحدود الأوكرانية، كما قال حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف، وذلك بعد يوم من اندلاع حريق في مستودع للوقود في منطقة بريانسك المجاورة لأوكرانيا.

وفي وقت منعت دخول 287 نائبا بريطانيا إلى أراضيها، قررت روسيا أمس، الانسحاب من منظمة السياحة العالمية لتستبق بذلك طرح استبعادها عبر تصويت الدول الأعضاء، على ما أعلنت المنظمة التابعة للأمم المتحدة التي تتخذ من مدريد مقراً لها.

جسر «يهودي» بين روسيا والصين

جرت في المقاطعة اليهودية ذات الحكم الذاتي في ​الشرق الأقصى​ الروسي (يفريسكايا أفتونومنايا أوبلاست)، أمس، مراسم افتتاح أول جسر للسكك الحديدية فوق نهر أمور من ​روسيا​ إلى ​الصين​ (نيجنيلينينسكويه - تينغ جيان).

وقال يوري تروتنيف، نائب رئيس الوزراء الروسي، مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين في المنطقة الفدرالية للشرق الأقصى، الذي حضر مراسم تدشين حركة القطارات على الجسر، «يتفق حجم بناء البنية التحتية مع أهميته في تطوير التعاون الاقتصادي الروسي الصيني، وخاصة في ظروف التحديات الجديدة من الدول غير الصديقة».

وركز على أن «أول معبر للسكك الحديدية بين بلدينا الصديقين، سيصبح رابطا رئيسيا في طريق التصدير الجديد، وحافزا لإنشاء صناعات جديدة ومراكز لوجستية في الشرق الأقصى».

والمقاطعة اليهودية هي إحدى الكيانات الاتحادية في روسيا بمستوى «منطقة إدارية» (أوبلاست)، وعاصمتها مدينة بيروبيجان، وتحدها من الجنوب والغرب الصين، ومن الشمال - الغربي «أمور أوبلاست»، ومن الشمال والشمال الشرقي والشرق إقليم خاباروفسك.

وتبلغ مساحتها نحو 36 ألف كلم مربع، ويبلغ عدد سكانها 172.671 نسمة حسب التقدير لعام 2013، وتأسست سنة 1934 بقرار من الدكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين، وكان الغرض من التأسيس الاعتراف بالأقلية اليهودية كمكون أساسي لروسيا الستالينية، حيث كان من حق كل الإثنيات تأسيس وطن قومي.