ذكر التقرير الأسبوعي لمركز "الشال" أن البنك الدولي، في تقريره لشهر أبريل 2022، وتحت عنوان "تنبؤات النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في أوقات عدم اليقين"، إسقاط تقليدي رقمي، يرجح نموا موجبا متصلا لدول مجلس التعاون الخليجي بين 2021 و2023. أعلى معدلات النمو المتوقعة لاقتصاد الدول الست كانت لعام 2022 بحدود 5.4 في المئة، والسبب مفهوم، فالدول الست بدأت من حقبة تحقيقها لنمو سالب بمعدل -3.6 في المئة عام 2020، ثم عاودت النمو الموجب مع تعافي أسعار النفط عام 2021 وبحدود 3.1 في المئة. ونتيجة للارتفاع الاستثنائي لأسعار النفط عام 2022، الذي بلغ فيه معدل أسعار خام برنت للربع الأول نحو 100.3 دولار، مقارنة بنحو 60.8 دولارا للربع الأول من عام 2021، قدر البنك الدولي معدل النمو لاقتصاد تلك الدول بنحو 5.4 في المئة للعام الجاري.

لكن العنوان يقر بأنها تنبؤات في بيئة من عدم اليقين، تلك الحالة التي انعكست سلبا على توقعات أداء الاقتصاد العالمي كما ذكرها تقرير صندوق النقد الدولي الأسبوع قبل الفائت، وعليه لا بد من الحذر في اعتماد تلك التوقعات لأن هامش الخطأ فيها قد يكون مرتفعا، ولعل البنك الدولي يعي ذلك ويهبط بتوقعاته لمعدل النمو لتلك الدول إلى 3.3 في المئة لعام 2023، ويظل أكبر التأثير يأتي من عنصر وحيد هو ما يقرر سلامة أو عدم سلامة تلك التنبؤات، وهو ما يحدث لسوق النفط على المدى القصير.

Ad

ولأن الكويت الأكثر اعتماداً على النفط في محيطها الإقليمي، فقد كانت خسارتها الأعلى في عام الجائحة، حيث خسر اقتصادها نحو 8.9 في المئة من حجمه، ويتوقع لها البنك الدولي تحقيق ثاني أعلى معدل للنمو عام 2022 وبنحو 5.7 في المئة، وهو عام الارتفاع القياسي لأسعار النفط، ويتوقع البنك الدولي للكويت أن تحقق عام 2022 أعلى فائض في حساب المعاملات الجارية، أي صافي تعاملاتها مع الخارج بواقع 42.4 في المئة من حجم ناتجها المحلي الإجمالي، وتحقق أعلى عجز في موازنتها العامة مقارنة بقريناتها بواقع 11.4 في المئة من حجم ناتجها المحلي الإجمالي.

الأرقام والمؤشرات المقارنة بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الخمس الأخرى تؤكد أن الدول الأخرى تعمل ونجحت، وإن تدريجيا وبشكل متفاوت، في خفض اعتمادها على النفط، بينما الكويت، وعلى عكس أهدافها المعلنة لتنويع مصادر دخلها تسير في اتجاه المزيد من الاعتماد على النفط، وحتى في ظرف قاس من شح السيولة، قامت الكويت بتعميق أزمتها بقرارات حكومية نيابية، مثل تأجيل سداد أقساط القروض البنكية ومكافآت صفوف أمامية لأكثر من 200 ألف عامل، ومكافآت أعمال ممتازة في زمن تزداد فيه رداءة معظم الخدمات العامة، وتقنين مبدأ الشراء النقدي للإجازات، وإجازتي العيدين لـ9 أيام لكل منهما، ورخاوة مقصودة في مواجهة غول الفساد والهدر، تلك القرارات وأمثالها تعني المزيد من تعميق الاعتماد على النفط، والنفط يفقد أهميته تدريجيا في سوق الطاقة.