كشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، في مقابلة صحافية نشرتها جريدة «الصباح» الحكومية أمس، عن «تفاهم وشيك» بين طهران والرياض، مع استئناف جولات الحوار بين الخصمين الإقليميين في العاصمة بغداد الأسبوع الماضي بعد فترة انقطاع.

وقال الكاظمي، في المقابلة المطولة، إن «الإخوة في المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية يتعاملون مع ملفِّ الحوار بمسؤولية عالية ومتطلبات الوضع الحالي للمنطقة، ونحن واثقون بأنَّ التفاهم بات قريباً إنْ شاء الله».

Ad

وتحدّث عن وجود «انفراجة حقيقية واسعة في العلاقات بين كل دول المنطقة»، مشدّدا على أن «العراق لديه مصلحة مباشرة في تحقيق تفاهمات بين دول المنطقة وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وكان السفير الإيراني بالعراق إيرج مسجدي قال امس الاول، إنه في الجولة الخامسة من المحادثات بين الرياض وطهران التي جرت الخميس الماضي «تحوّلت المقترحات إلى خريطة طريق للمستقبل»، موضحاً أن «المفاوضات المستقبلية ستحدد ما إذا كانت قضية إعادة فتح السفارتين ستتحقق أم لا، وهذا سيعتمد على المفاوضات المقبلة».

السلاح المنفلت

وعلى المستوى الداخلي، وفي انتقادات خجولة للميليشيات المحسوبة على طهران، قال الكاظمي: «نحن لا نملك العصا السحرية لتغيير واقع السلاح المنفلت في العراق بضربة واحدة، لكننا وضعنا الأسس وحققنا بعض الخطوات، ونحتاج إلى مزيد من العمل لإعادة الأمور من خلال التمسك بالدستور».

وأوضح أن هذا الملف «شائك ومعقد ويحتوي على أبعاد سياسية واجتماعية ودينية، وعلى الحكومة مواجهته بمستويات عدَّة وبرؤية صبورة وتراكمية في الفعل الأمني»، مبيناً أن «من يراجع الظروف عام 2020 بمصداقية وبعيداً عن أجواء الانتهازية والاستعراض، فلا بدَّ له أنْ يعترف بحصول تطور كبير في الملفِّ الأمني على كلِّ المستويات، ابتداءً من إعادة ضبط مخرجات الأزمة الاجتماعية التي أفرزتها التظاهرات الشعبية بين عامي 2019 و2020، ومن ثمَّ استعادة الثقة المكسورة بين الشعب والمؤسسات الأمنية، وبتجفيف منابع الإرهاب وكسر شوكته ومحاصرة الخارجين عن القانون، والعمل على تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء».

وأضاف «نتائج الانتخابات لم تكن حاسمة لخلق كتلة أكبر، وهو ما ألقى بظلاله على الحراك السياسي وتأخر تشكيل الحكومة. والانسداد السياسي الحقيقي ناتج من عدم تطوير العملية السياسية التي تشكلت على أساس توازنات ورؤى ليست بالضرورة صالحة لأي وقت».

وذكر أن «الأزمة الحالية في جوهرها أزمة ثقة؛ لأن القوى السياسية بإمكانها الخروج من الانسداد السياسي الحالي وتقديم تضحيات أو تنازلات هنا وهناك، لو كانت هناك ثقة تؤطر الوضع السياسي في البلد».

وقال الكاظمي: «علينا استعادة الثقة وهنا لا تعني بالضرورة المشاركة في تشكيل الحكومة من عدمها، بل تعني أن كل من في الحكومة أو المعارضة يعدان الدستور والقوانين والثوابت الوطنية هي المرتكزات الأساسية التي يستند إليها»، داعياً إلى «إجراء تعديلات دستورية جوهرية لكي نبدأ خطوات استعادة الثقة، ومن ثم إنهاء الانسدادات السياسية سواء اليوم أو في المستقبل».

وعمّق حالة الانسداد السياسي تشكيل قادة الإطار التنسيقي الشيعي تحالفاً يضم أكثر من 126 نائباً في البرلمان المكون من 329 نائبا يشكلون الثلث المعطل لمنع عملية انتخاب رئيس جديد واختيار رئيس وزراء ما لم يتم إشراكهم في تشكيل الحكومة المقبلة، التي يصّر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر صاحب الكتلة الأكبر مع حلفائه السنة والأكراد تخليصها من نظام المحاصصة الطائفية وجعلها حكومة أغلبية وطنية تضم القوى الفائزة، وفسح المجال أمام الآخرين لقيادة المعارضة من أجل تجاوز أخطاء العملية السياسية.

مباحثات الرئاسة

من جهة أخرى، أكد حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني أمس، تعطل المباحثات مع الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود بارزاني بشأن رئاسة الجمهورية، وأعلن تمسّكه حتى الآن بترشيح الرئيس الحالي برهم صالح لولاية ثانية.

ونفى النائب عن حزب الاتحاد الوطني كريم شكور الداوودي «وجود أيِّ حراك سياسي على مستوى قيادة الحزبين الكرديين للتفاهم على الاختيار بين صالح ومرشح الحزب الديمقراطي ريبر أحمد بارزاني»، مؤكداً أنَّ «الانسداد السياسي تفاقم وانعكس سلباً على إقليم كردستان».

ودعا الداوودي إلى «الذهاب لحلٍّ على مستوى المشهد السياسي كاملاً، ومن ثمَّ المشهد في الإقليم بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي»، مؤكداً «ما زلنا ندعم تشكيل حكومة توافقية».

في هذه الأثناء، نفى زعيم «الديمقراطي الكردستاني» مسعود البارزاني مزاعم صحة تقارير عن عدم استجابة حليفه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاتصالاته الهاتفية، وجدد مكتبه التأكيد على «الاحترام الكبير والثقة العميقة والعلاقة المتینة بين الرئيس البارزاني والسید مقتدى الصدر».

وكان التيار الصدري، نفى الخميس الماضي، إجراء لقاءات سياسية مع «الإطار التنسيقي» تخص تشكيل الحكومة، مؤكداً تمسكه بتحالفه الثلاثي مع «الديمقراطي الكردستاني» و«السيادة».

عودة المطلوبين

في غضون ذلك، ندد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بتحريف مقابلة متلفزة تناول فيها عودة شخصيات مثيرة للجدل إلى العراق.

وقبل أيام قلائل، كتب المالكي، في تغريدة مصورة «من حق ضحايا الإرهاب والمتضررين أن يطالبوا بحقهم من المجرمين الذين قتلوا ذويهم وسببوا لهم الضرر، وأضروا الوطن وامنه».

وكان نائب الرئيس السابق المطلوب للقضاء العراقي والمقيم في تركيا طارق النجيفي قال قبل ايام، انه مستعد للعودة الى البلاد والمثول أمام قضاء عادل وسط تكهنات بوجود صفقة سياسية تستهدف نفوذ رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.