الدونباس رقعة شطرنج... وكييف تقلّد حوادث إيران الغامضة
بيلوسي تتعهد لزيلينسكي في أوكرانيا بمواصلة الضغط حتى استسلام بوتين
تُخاض معارك من قرية الى قرية في منطقة الدونباس شرق أوكرانيا بين القوات الروسية وحلفائها الانفصاليين والجيش الأوكراني، في وقت تتجه أنظار المراقبين الى تزايد الهجمات الغامضة التي تحدث في روسيا قبالة الحدود الأوكرانية، وتصاعد استهداف الروس للأسلحة الغربية المتدفقة الى كييف.
بينما يسعى الجيش الروسي، المتفوّق عديداً على خصمه الأوكراني والمسلّح بشكل أفضل، إلى محاصرة القوات الأوكرانية من الشمال والجنوب، من أجل إحكام سيطرته على دونباس، وصفت كييف الوضع في الشرق تحديدا، بأنه أشبه برقعة شطرنج، منتهجة في الوقت نفسه سياسة "غموض استراتيجي" بشأن ضربات وتفجيرات تشهدها روسيا.وقالت المسؤولة الإعلامية في اللواء 93 التابع للقوات الأوكرانية، إيرينا ريباكوفا، إن "الأمر ليس كما كان عام 2014، لا توجد جبهة محددة على طول محور"، في إشارة منها إلى الحرب التي تواجهت فيها كييف مع انفصاليين موالين لروسيا في هذه المنطقة منذ 8 سنوات، ولم تتوقف بشكل نهائي. وأضافت: "قرية لهم وقرية لنا... يجب تصوّر رقعة شطرنج"، مشددة على أنه "ليس بمقدورنا الآن أن نُبعد العدوّ".في غضون ذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية قصف المطار الرئيسي في منطقة أوديسا الجنوبية على البحر الأسود، مستهدفة بذلك أسلحة قدّمتها الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى أوكرانيا.
كما اتهمت القوات الأوكرانية بقصف مدرسة وروضة أطفال ومقبرة في قريتي كيسيليفكا وشيروكا بالكا في محيط خيرسون، مما أسفر عن سقوط ضحايا بين المدنيين.وأعلنت أن "النازيين الأوكرانيين" يحضّرون لتفجير سد نيكولاييف بمنطقة دنيبروبتروفسك في مدينة مارغانيتس، واتهام الجيش الروسي بذلك".
«مدنيو آزوفستال»
إلى ذلك، أُخرجت ليل السبت - الأحد، مجموعة أولى من 20 مدنياً من مصنع "آزوفستال" للصلب، آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في ماريوبول بشرق أوكرانيا، وهي المنطقة التي يركز فيها الجيش الروسي معظم قوته، والتي دمّرت بشكل شبه كامل بعد أسابيع من الحصار، وموت آلاف آخرين منهم، كما أخرج أمس نحو 50 مدنيا، ولا يزال نحو 100 ألف مدني عالقين في المدينة، ويعيش نحو 1000 منهم تحت المصنع المترامي الأطراف من الحقبة السوفياتية.اعتماد «الغموض»
الى ذلك، أعلنت أوكرانيا، أمس، أن قواتها شنّت ضربات صاروخية متكررة على جزيرة الثعبان التي تحتلها روسيا في البحر الأسود، وتدمير العديد من أنظمة الدفاع الجوي ووحدة اتصالات. ولا تزال كييف تنتهج سياسة "غموض استراتيجي" بشأن ضربات وتفجيرات تشهدها روسيا، مشابهة لتلك التي تتبعها إسرائيل ضد إيران حول قدراتها النووية، كما أوردت صحيفة نيويورك تايمز.واعتبرت الصحيفة أن "هذه الهجمات، وتفجيرات أخرى مماثلة في روسيا، كانت من أكثر التطوّرات العسكرية إثارة للاهتمام والأكثر غموضاً، وإذا نفذتها أوكرانيا، فستشكّل أفعالاً جريئة لم يكن تخيّلها ممكناً، علما بأن أحدها أدى إلى إطلاق صفارات إنذار على الأراضي الروسية، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية".وقارن أوليكسي أريستوفيتش، وهو مستشار لمدير مكتب الرئيس الأوكراني هذا النهج مع سياسة غموض تتبعها إسرائيل منذ عقود، بشأن امتلاكها أسلحة نووية، قائلاً: "بعد ما حدث، لا نقول نعم ولا نقول لا رسمياً، تماماً مثل إسرائيل".«آلهة الحرب»
وعلى صعيد التسلّح، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين ومحللين عسكريين أن تدفق المدفعية الغربية على أوكرانيا سيغيّر موازين الحرب مع روسيا، ويؤدي إلى اندلاع معركة طاحنة في منطقة دونباس، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يسلّط الصراع هناك الضوء على المدافع البعيدة المدى التي تشكّل حجر الزاوية في الترسانة الروسية.وفي وسط السهول والمدن الصناعية، تتمّ المواجهة بشكل أساسي بالمدفعية، "آلهة الحرب" وفق تعبير ستالين.يأتي ذلك، بعدما أفاد الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، جون كيربي، بأن "أكثر من 50 جنديا أوكرانيا قمنا بتدريبهم على استخدام مدافع هاوتزر عادوا إلى أوكرانيا"، لافتا الى وصول "أكثر من نصف مدافع الهاوتزر الـ90 إلى أوكرانيا".حرب شاملة
من ناحيتها، كشفت صحيفة إندبندنت البريطانية أن مسؤولين روساً حذّروا من مغبة إعلان بوتين عن حرب شاملة على أوكرانيا في عيد "يوم النصر" لتهدئة "الغضب" الذي يشعر به جيشه بشأن إخفاقات هجومه على كييف، مشيرة إلى أن القادة يسعون إلى "الثأر من إخفاقات الماضي، ويريدون الذهاب إلى أبعد من ذلك في أوكرانيا".في المقابل، كشفت مجلة فورين بوليسي الأميركية، أن نجاح أوكرانيا في التصدي لغزو موسكو، أدى إلى تحطيم معنويات الجنود الروس، مما دفع "الكرملين" إلى إطلاق حملة "تحريض دعائية" كبيرة، مستعيناً بتقليد روسي راسخ، لرفع معنويات جنوده.وبحسب المجلة، فإن الدعاية للحرب ورفع المعنويات تقليد راسخ في روسيا، وفي 1918 أنشأ "الكرملين" مؤسسة الضباط السياسيين، المعروفين أيضا باسم "المفوّضين"، لحماية النظام البلشفي وتوجيه الأيديولوجية. وفُككت المؤسسة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن بوتين، أحياها في الذكرى المئوية لتأسيسها.وتشير المجلة إلى أن المديرية العسكرية السياسية لوزارة الدفاع الروسية تتكون من نواب القادة للشأن السياسي (زامبوليتس)، والكهنة العسكريين، وعلماء النفس، ومهمتها المحافظة على الجنود متحمسين للقتال.زيلينسكي وبيلوسي
وبعد أسبوع على زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، وصلت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، أمس، الى كييف في زيارة لم يعلن عنها سابقاً، واستمرّت ساعات، أكدت خلالها "وقوف أميركا بقوة مع أوكرانيا وهي تواجه غزو (الرئيس فلاديمير) بوتين الشيطاني".وذكرت بيلوسي، التي رافقها عدد من النواب من بينهم جايسون كرو وجيم ماكغفرن وآدم شيف، "لدينا قناعة بأننا نزوركم لنقول شكراً لقتالكم من أجل الحرية، تخوضون معركة من أجل الجميع، والتزامنا هو أن نكون بجانبكم حتى ينتهي القتال، مشيرة إلى أن "زيارتنا كييف سمحت لنا بالوقوف على حقيقة الوضع والشعور بمسؤولية أكبر تجاه الشعب الأوكراني".من ناحيته حيّا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، محاطا بحراسة مسلحة، بيلوسي خارج المكتب الرئاسي، وقال: "الولايات المتحدة هي القائدة في تقديم الدعم القوي لأوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي. شكرا لمساعدتكم في حماية سيادتنا ووحدة أراضي دولتنا".ومنح زيلينسكي رئيسة مجلس النواب الأميركي "وسام الأميرة أولغا"، لمساهمتها الشخصية المهمة في تعزيز التعاون الأوكراني - الأميركي بين الدول.وجاء في بيان صادر عن الوفد الأميركي الذي توجه بعد كييف إلى جنوب شرقي بولندا ووارسو، "توجه وفدنا إلى كييف لتوجيه رسالة مدوية ولا لبس فيها إلى العالم بأسره، ومفادها أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب أوكرانيا، وسنواصل الضغط حتى استسلام بوتين".على صعيد آخر، أفاد الجيش السويدي بأن طائرة حربية روسية من طراز "ايه إن 30" انتهكت لفترة وجيزة يوم الجمعة المجال الجوي للبلاد فوق بحر البلطيق، معتبرة أنه "من غير المقبول أبداً انتهاك المجال الجوي السويدي".
موسكو تقصف مطاراً وأسلحة أميركية في أوديسا