الرقابة الإلكترونية على التحويلات الخيرية تحصن «التبرعات»

خطوة مهمة تعزز موقف البلاد في التقييم الدولي المرتقب من «مينا فاتف»

نشر في 02-05-2022
آخر تحديث 02-05-2022 | 00:05
رغم أن منظومة تبرعات الكويت تُعد إحدى أهم قواها الناعمة التي ساهمت في ذيوع صيتها الخيري والإنساني على مدى عقود ماضية، حتى بلغت مساعداتها شتى بقاع الأرض، وباتت علامة بارزة في ساحات العطاء والبذل وفعل الخير، عبر تحركات جمعياتها الخيرية الميدانية الواسعة لمساعدة المعوزين والمحتاجين والمتضررين من الكوارث والأزمات إقليمياً وعالمياً، فإن بعض الجهات الخارجية تصوب سهامها تجاه بعض الحملات الخيرية وتتهمها بتمويل الإرهاب وغسل الأموال.

ومع التوسع غير المسبوق، الذي شهدته البلاد خلال السنوات الخمس الماضية، على صعيد إشهار جمعيات النفع العام عموماً وذات الطابع الخيري خصوصاً، حتى وصل إجماليها إلى نحو 60 جمعية، وما صاحب ذلك من زيادة مطردة في حصيلة التبرعات السنوية التي تخطت، في رمضان الماضي، حاجز الـ 55 مليون دينار، ارتأت الحكومة، ممثلة في الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها وزارتا الخارجية والشؤون الاجتماعية، وضع ضوابط واشتراطات مُحكمة تنظم عملية جمع الأموال، وتضمن أمان وسهولة تحويلها وإيصالها للجهات الخارجية المعتمدة، ليتسنى تنفيذ المشروعات الخيرية الكويتية هناك، دون وقوع هذه الأموال في براثن الإرهاب والتطرف أو سقوطها فريسة في شباك «مافيا» غسل الأموال، أو استغلالها من قبل بعض ضعاف النفوس بصورة خاطئة تنعكس وبالاً على الكويت وتشوّه سمعتها الخيرية والإنسانية.

برزت الحاجة الماسة لاستخدام الأنظمة الآلية، بل التوسع فيها مقابل الحد من التدخل البشري لضمان تقليص نسب الخطأ، وتحقيق أعلى قدر من الشفافية خلال عمليات تحويل الأموال، لاسيما في وجود أنظمة واضحة لا تقبل أي طلب ناقص لا يتوافق مع القوانين والقرارات المنظمة للعمل الخيري، أو غير مستوف للاشتراطات والضوابط اللازمة، سواء الموضوعة من «الخارجية» أو «الشؤون»، كما أن هذا الربط، سواء الذي سيتم بين «الشؤون» والجمعيات الخيرية أو بين «الخارجية» و«الشؤون»، يعزز موقف الكويت التي تستعد لمراجعة من اللجنة المالية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (مينا فاتف) للوقوف على الإجراءات الخاصة بالوزارات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بهذا الشأن.

وعلى صعيد «الشؤون»، أعلنت الوزارة أخيراً استعدادها التام لإتمام الربط الآلي مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وعلى رأسها «الخارجية» والبنك المركزي، وهنا يأتي السؤال حول ماهية الربط وأهدافه المرجوة؟ وهل سيحقق ذلك رؤية الكويت الرامية إلى القضاء نهائياً على التحويلات المالية الخيرية التي قد تتم بعيداً عن أعين الدولة؟... «الجريدة» طرحت هذه الأسئلة على مسؤولي الوزارة.

وحول مشروع ميكنة خدمات جمعيات النفع العام (الأهلية والخيرية)، وما هو الهدف المرجو تحقيقه من المشروع، قال الوكيل المساعد لشؤون قطاع التخطيط والتطوير الإداري في «الشؤون»، عبدالعزيز ساري، إنه «في ظل الزيادة الكبيرة بأعداد جمعيات النفع العام، لاسيما الخيرية منها، والتي تقدم المساعدات المالية والمادية داخل الكويت وخارجها، صار لزاماً الاستعانة بالأنظمة الآلية لتنظيم العمل الخيري بصورة أفضل، بما يضمن للوزارة التوسع في عمليات الإشراف والمتابعة على طلبات الجمعيات الراغبة في تنفيذ المشروعات الخيرية بداية من الموافقة، مروراً بالإشراف ومتابعة التنفيذ ووصولاً إلى الانتهاء من المشروع ومراجعة تقاريره وحصيلته ونسب إنجازه».

وأكد ساري لـ«الجريدة» أن الهدف الرئيس من تطبيق نظام ميكنة خدمات الجمعيات الأهلية والخيرية والمبرات، التي تقوم الوزارة بالإشراف عليها، تمكين هذه الجهات من تقديم طلباتها الإدارية أو الخاصة بطلب تنفيذ مشروعات جمع التبرعات أو المشروعات الخيرية الأخرى بصورة آلية، يتسنى للوزارة من خلالها تكوين رؤية شاملة حول هذه الطلبات والمعاملات المقدمة، واتخاذ الإجراء المناسب حيالها، وفقاً للقوانين والقرارات المنظمة للعمل.

وبينما شدد على أن «الربط الآلي» يحقق أعلى درجات السرية والمحافظة على البيانات والمعاومات، كما يضمن لموظفينا المصرح لهم فقط الوصول إلى جميع طلبات الجمعيات وفقاً لهياكل التفويض التي تفرضها الوزارة، فضلاً عن الحصول على التقارير والإحصاءات المرنة التي ترصد إدارة تلك الطلبات، لفت إلى أن النظام يستخدم مؤشر قياس الأداء (KPI) لتتبع المستخدمين، الذي يوفر تمثيلاً بيانياً لعدد الطلبات (المتسلمة، والمكتملة، وعدد الموافق عليها، والمرفوضة، وأسباب الرفض).

مميزات النظام الآلي

وبشأن مميزات النظام الآلي لميكنة خدمات الجمعيات أكد ساري أنه قادر على استيعاب ما لا يقل عن 100 مستخدم داخلي لإدارات الوزارة و600 خارجي من جانب جمعيات النفع العام، لافتاً إلى أنه سيكون لزاماً على الجمعيات كافة التسجيل بالنظام والحصول على ملف شخصي لتسجيل البيانات والمعلومات المالية كافة، فضلاً عن الحصول على المساعدات كافة المرتبطة بتنفيذ المشروع الخيري. وبين أن النظام يمكن الجمعيات من تتبع حالة طلباتها بتنفيذ المشروعات الخيرية سواء كان مكتملا أو معلقاً ويحتاج إلى تقديم وثائق أخرى، كما يستخدم النظام خاصية المصادقة الإلكترونية، ويضمن لكل مستخدم خارجي من الجمعيات الوصول إلى مساحة عمل مؤسسته فقط، وسيتم تطوير تطبيق للهواتف الجوالة يدعم جميع أنواع الأجهزة الذكية ويتضمن النظام إمكانية الاشعارات باستخدام البريد الالكتروني.

الارتقاء بالعمل الخيري

وعلى صعيد الجمعيات الخيرية، أكد مدير التنسيق والمتابعة والعمل التطوعي في جمعية إحياء التراث الإسلامي، نواف الصانع، أن إتمام الوزارة لمشروع الربط الآلي مع الجمعيات الخيرية يوفر الكثير من الوقت والجهد المبذولين في سبيل إنجاز معاملات الجمعيات، مشدداً على أن الجمعيات الخيرية تدعم أي خطوة من شأنها الارتقاء بالعمل الخيري وتسريع وتيرة الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات الحكومية، وعلى رأسها وزارة الشؤون، والخاصة بتنفيذ المشروعات الخيرية الداخلية والخارجية.

وأوضح الصانع لـ «الجريدة» أن الجمعيات تدعم أيضاً القرارات التنظيمية للعمل الخيري الكويتي الذي بات علامة بارزة إقليمياً وعالمياً، مؤكداً أن جمعية احياء التراث لا تألو جهدا في خدمة المحتاجين والفقراء وأصحاب الحاجات داخل الكويت وخارجها، «انطلاقاً من مبادئ شريعتنا الإسلامية التي تحث على إحياء روح التكافل الاجتماعي بين المسلمين، وتقوية روابط المحبة بينهم في شتى بقاع الأرض».

تحديث آلي لقوائم الكيانات الإرهابية لتجنب التعامل معها

أكدت مصادر «الشوؤن» أنه من خلال الأنظمة الآلية والتوسع في الربط مع وزارة الخارجية سيتم تزويد رؤساء مجالس إدارات الجمعيات الخيرية المشهرة كافة أولاً بأول بقوائم الكيانات والأشخاص المدرجة على قوائم الإرهاب وتمويله وغسل الأموال، وذلك لحظر التعامل معهم، في إطار الرقابة على أموال التبرعات الخيرية والتأكد من سلامتها وسلامة مصادرها والجهة المحوّلة إليها، ودرءاً لأي شبهات قد تنال من العمل الخيري الكويتي عموماً، والجهات الخيرية التي تمثله خصوصاً.

وقالت المصادر إن «الوزارة أصدرت تعميماً، خلال الفترة الماضية، على الجمعيات الخيرية بضرورة التحديث المتواصل لقوائم المنظمات الإرهابية، وإدراج أسماء الأفراد والكيانات الجديدة الذين يثبت قيامهم بتمويلها، تنفيذاً للمتطلبات الدولية الرامية إلى ضرورة قيام الدول كافة بمجابهة ومنع جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووقف تقديم الدعم للمتورطين فيهما، في ظل التزام الكويت الجاد بجميع القوانين والقرارات، التي تصدر عن الجهات الدولية، بما يضمن حمايتها من شبهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب».

● جورج عاطف

«الشؤون» تنتظر إطلاق «الخارجية» منظومتها الخاصة بالتحويلات لتوسيع التدقيق عليها

«ميكنة الجمعيات» يحقق أعلى درجات السرية والمحافظة على البيانات عبدالعزيز ساري

الجمعيات الخيرية تدعم أي خطوة من شأنها الارتقاء بالعمل الإنساني نواف الصانع
back to top