في بيان بوليسي يتخطى حدود التخلف بخطوات واسعة، بما يحمله من نبرات تهديدية لا تعرف معنى المنطق، وبما يوجهه من طعنات نافذة إلى حريات الرأي في البلاد، توعدت وزارة الإعلام أي مغرد يلجأ إلى ما أسمته بـ «الابتزاز الإلكتروني للمسؤولين الحكوميين»، برصده وأمثاله واتخاذ كل الإجراءات القانونية التي من شأنها الحفاظ على مكانة الوظيفة العامة لموظفي الدولة؛ تحقيقاً للمصلحة العامة.

وأقل ما يمكن أن يوصف به هذا البيان أنه جهل من وزارة تنتزع سلطات غيرها لتضيفها إلى نفسها، وكأنها المسؤولة عن هذا الذي ادعته برصد أي حالات ابتزاز، فطبقاً لما تضمنه بيانها هل ينبغي مساءلة وزير الإعلام عن أي حالة ابتزاز لم ترصدها وزارته؟! ثم ما أدراها أن كل مغرد ينشر شيئاً يتعلق بمسؤول إنما هو داخل في دائرة الابتزاز الذي تدعيه؟!

Ad

الوزارة الموقرة بدلاً من أن تدعو إلى محاسبة أي مسؤول يخضع للابتزاز وتدعوه إلى الشفافية حرصاً على المصلحة العامة، ورفع شكوى ضد من يحاول ابتزازه، ها هي تحمر العين للمواطنين الساعين إلى كشف الفساد، وتتوعد برصدهم واتخاذ الإجراءات حيالهم، دون أن تسأل نفسها من المطلوب منه تطبيق القانون: المواطن العادي أم المسؤول الحكومي؟

وفي باقي البيان المتخلف، قالت المتحدثة الرسمية باسم الوزارة أنوار مراد إن «الإعـلام»، وبالتنسيق مع الجهات الأمنية، سـتـرصـد هـذه الحالات وتحيـلـهـا للجهات المعنية لاتخاذ اللازم بشأنها، موضحة أن هذا التعاون يأتي حرصاً من الوزارة على تنسيق العمل الإعلامي وتحقيق المصلحة العامة.

وأضافت مراد أن «الإعلام» لن تألو جهداً في العمل على محاسبة كل مـن يـحـاول ممارسة الابتزاز واستغلال أيـة أوضـاع لتحقيق مآربه الشخصية، لافتة إلى أن هذه الخطوة تأتي بعدما رصدت الوزارة استخدام أسلوب «التنمر والابتزاز الإلكتروني» بشكل واضـح مـن بـعض مستخدمي وسـائـل الـتـواصـل الاجـتمـاعـي للـدفـع بمسؤولين حكوميين لاتخاذ إجراءات معينة تحقق لهم مصالح شخصية، داعية الجميع إلى تغليب المصلحة العامة والمساهمة في بناء الوطن.

نيابياً، رفض النائب د. عبدالكريم الكندري بيان الوزارة، وقال «إنْ كان هناك رصد لحالات ابتزاز لمسؤولين أو موظفين بالإعلام، فالقضاء له أبواب، والشكوى لها سبُلها»، مضيفاً «أما أن تخاطب الوزارة المجتمع ببيان يحمل نفساً تهديدياً، فهذا أمر مرفوض ومستنكر».

تهديد يخالف الدستور

إذا لم تكن وزارة الإعلام الموقرة اطلعت على دستور بلادها، فها نحن نعيد عليها نص المادة 36 منه التي تنص على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون».

الدستور لم يتوعد من يبدي رأيه بالملاحقة وإحالته إلى الجهات القانونية!

● علي الصنيدح