الاعتراض على قانون الدَّين العام سببه انعدام الثقة بحصافة استخداماته
المؤسف أن شلل الإدارة العامة وفشلها حتى اللحظة لا يرجّحان حصافتها
قال التقرير إنه رغم أن هناك معيارين صحيحين لقياس حجم الدين السيادي، وهما رقمه المطلق، والثاني والأهم نسبته إلى حجم الاقتصاد أو الناتج المحلي الإجمالي، فإن استخلاص حكم حول نصحه أو خطورته يحتاج إلى معرفة واقع كل دولة، فالعالم يستخدم وحدة قياس عامة ويحدد رقماً آمناً لنسبة الدّين الى الناتج المحلي الإجمالي، وبحدود 60 بالمئة، إلا أنها نسبة قد تصلح لغالبية الدول، بينما لا بأس لدول ذات اقتصاد متنوع منتج لسلع وخدمات متفوقة أن يتعداها، والعكس لدول قاعدتها الإنتاجية هزيلة واستخداماتها لحصيلة القروض بائسة.وأضاف التقرير أن من أمثلتها اليابان، التي يبلغ دَينها السيادي الأعلى في العالم المتقدم بنحو 263.1 بالمئة من حجم اقتصادها، وهو ثالث أكبر اقتصادات العالم بالأسعار الجارية، بقيمة نحو 4.94 تريليونات دولار، مثلها الولايات المتحدة الأميركية أكبر اقتصادات العالم، والتي يبلغ دينها السيادي نحو 132.6 بالمئة من حجم اقتصادها البالغ حالياً بالأسعار الجارية نحو 23 تريليون دولار، والاثنتان من أكبر منتجي السلع والخدمات.
وأشار «الشال» الى أن النقيض لدول تنتج القليل من السلع والخدمات وتستخدم حصيلة الديون لمقاصد غير حصيفة، وربما فاسدة، وتاريخها حافل بحالات الإفلاس، مثل اليونان التي تبلغ ديونها نحو 198.9 بالمئة من حجم اقتصادها، والبرتغال التي يبلغ حجم دينها 127.5 بالمئة من حجم اقتصادها، وسبق لهما إعلان إفلاسهما عام 2011، وكان من الممكن تعرّضهما لعواقب وخيمة لولا احتضان منطقة اليورو لهما.وقال: نسوق هذا المثال حتى لا يفهم أن موقف «الشال» من قانون الدين العام موقف سليم ثابت ومبدئي، فحجم الدّين العام في الكويت لا يتعدى 8.7 بالمئة من حجم اقتصادها، والاعتراض القوي والصحيح على تمرير قانون الدين العام البالغ 20 مليار دينار يأتي أولاً من ضحالة إنتاجها السلعي والخدمي، ويأتي ثانياً وأهم من انعدام الثقة في حصافة استخداماته، ففي نحو 7 سنوات فقط أعقبت سقوط أسعار النفط في خريف عام 2014، استنفذت الإدارة الاقتصادية نحو 100 بالمئة من حجم الاقتصاد، وكانت كل سيولة الاحتياطي العام، استشرى خلالها الفساد والهدر، وتردّت كل الخدمات العامة شاملة التعليمية والصحية، أي أن استنزافها لا يعني فقط خسارتها، وإنما التخلّف في كل المناحي.وشدد «الشال» على أنه مع إدارة عاجزة عن مواجهة أزمة سيولة يفترض أنها مؤقتة، وكل ما قامت به هو تأصيل أزمة السيولة لتحويلها إلى أزمة مالية دائمة، فإنه لا يمكن التسامح في إتاحة الموارد المالية لها لحتمية إدخالها للبلد في مصيدة القروض في اقتصاد يعتمد على مورد واحد غير مستقر للدخل، والعكس صحيح، مع إدارة حصيفة، قد يكون خيار الاقتراض أسلم من الناحية المالية إذا كانت إيرادات الاستثمار تحقق معدل عائد أعلى من تكلفة الاقتراض، وإن كانت مصارف الأموال مدروسة وعائدها الاقتصادي بائن، والمؤسف هو أن شلل الإدارة العامة وفشلها حتى اللحظة، لا يرجّحان حصافتها.