لبنان: انطلاقة «إيجابية» لانتخابات الخارج وتحفيز السنّة عنوان اقتراع الداخل
الحريري يزور واشنطن… وجبران باسيل «يفخخ» النتائج بالطعون
رغم عدم تجاوزها الـ 60%، تؤشر نسبة اقتراع اللبنانيين في الدول العربية بالانتخابات البرلمانية إلى إيجابية في التعاطي مع هذا الاستحقاق، في حين تتجه الأنظار اليوم إلى نسبة اقتراع المغتربين في أوروبا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا، وسط توقعات بنسبة إقبال مرتفعة أيضاً. أسبوع يفصل لبنان عن الاستحقاق الانتخابي الذي يتعاطى معه مختلف الفرقاء بأنه مصيري. ويستمر السعي لتحفيز البيئة السنية على التصويت بكثافة لمنع "حزب الله" من تحقيق الأكثرية النيابية، وهذا ما دعا إليه المفتي عبداللطيف دريان في خطبة عيد الفطر. ترافق ذلك مع كثير من التسريبات عن ضغوط تمارس على رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري؛ لحث جمهوره على المشاركة بكثافة في الانتخابات لمصلحة المرشحين الذين يمثّلون "قوى 14 آذار" سابقاً.
لم يُحسَم بعد إذا ما كان الحريري، الذي استذكر، في تغريدة أمس، أحداث 7 مايو (أيار) 2008 يوم اجتاح "حزب الله" بيروت، وحاول اقتحام مناطق في الجبل، واصفاً إياها بـ "اليوم الأسود"، سيتخذ موقفاً مماثلاً، بينما تشير المعلومات إلى أنه سيتوجه الأسبوع المقبل للولايات المتحدة للمشاركة في مناسبة عائلية يتخللها عقد لقاءات مع مسؤولين أميركيين. في الوقت نفسه، تتواصل حتى اللحظة الأخيرة الضغوط على مرشحين بارزين على لائحة "القوات اللبنانية" في البقاع الغربي، إذ أعلن المرشحان محمد قدورة وخالد العسكر الانسحاب من المعركة، مما ترك "القوات" وحيدة. هذا الضغط جاء من أبناء البيت الواحد، والحلف الواحد، بخلاف الضغوط التي تعرضت لها "القوات" في البقاع الشمالي، التي مارسها "حزب الله" على مرشحين من الطائفة الشيعية معارضين له. وأيضاً من بين المواقف الانتخابية الاستثنائية جاء موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتحديد معالم المرحلة المقبلة سياسياً، وفتح الطريق أمام تسليم نجله تيمور كل مقاليد الزعامة الدرزية من خلال اعتزاله العمل السياسي نهائياً، وهذه من شأنها أيضاً أن تفتح طريقاً جديداً في مقاربة الملفات.وتشكل الانتخابات نقطة ارتكاز أساسية للانتقال إلى مرحلة سياسية جديدة، بعضها يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة وكيفية رسو توازناتها، وبعضها الآخر يرتبط بالتحضير للانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي خطوة "تفخيخية" مبكرة، رفع رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل دعاوى قضائية ضد "القوات" وحزب "الكتائب" بتخطي السقف المفروض للإنفاق الانتخابي. وثمة من يعتبر أن خطوة باسيل قد تكون استباقية وتمهيدية لخطوات أخرى تتعلق بتقديم الكثير من الطعون الانتخابية، إذا لم تأتِ النتائج بشكل يتلاءم مع حسابات باسيل وبحال خسر الكتلة المسيحية الأكبر، مما سيدفعه لعدم الاعتراف بالنتائج وتقديم طعون لدى المجلس الدستوري، بالتالي سيؤدي إلى عرقلة العمل البرلماني، وينعكس سلباً على مسار تشكيل الحكومة، فلا يقدم رئيس الجمهورية ميشال عون على توجيه الدعوة لإجراء استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس للحكومة بانتظار نتائج الطعون، وهذا يعني أن الأزمة اللبنانية ستتفاقم أكثر، ما لم تتوافر مقومات خارجية تؤدي إلى إيجاد أرضية لتسوية معينة تجنّب البلاد المزيد من الانهيار. في الوقت نفسه تفيد مصادر دبلوماسية بأن الفرنسيين بدأوا العمل على وضع تصور سياسي للتعاطي مع كل الملفات في مرحلة ما بعد الانتخابات.